الحرب دخلت «مرحلة جديدة».. ماذا ينتظر إسرائيل في غزة؟

مخاطر على القوات الإسرائيلية وتكلفة إنسانية هائلة.. تحديات قد تغير الحسابات

آية سيد
الحرب دخلت «مرحلة جديدة».. ماذا ينتظر إسرائيل في غزة؟

ربما كانت هذه التحديات هي السبب في تأجيل الغزو البري الشامل لغزة، وقد تجعل القادة الإسرائيليين يحدون نطاق وحجم العمليات العسكرية بطرق أخرى أيضًا.


أعلنت إسرائيل، السبت 28 أكتوبر 2023، دخول حربها على قطاع غزة “مرحلة جديدة”.

ولفت الزميل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون، دانيال بايمان، إلى أن التحول لنهج ينطوي على القوات البرية سيجعل إسرائيل تواجه تحديات ومعضلات جديدة.

تحديات الهجوم البري

في تحليل بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، السبت 28 أكتوبر، قال بايمان إن هذه التحديات ربما كانت السبب في تأجيل الغزو البري الشامل لغزة، وقد تجعل القادة الإسرائيليين يحددون نطاق وحجم العمليات العسكرية بطرق أخرى.

وأشار المحلل الأمريكي إلى أن التحدي الأول يتمثل في طبيعة القتال، فقطاع غزة منطقة مأهولة وكثيفة السكان، وفي شوارعها الضيقة ومبانيها المكتظة، سيجري قتل الكثير من المزايا العسكرية الإسرائيلية، من ناحية السرعة، والاتصالات، والمراقبة، والقوة النارية بعيدة المدى.

عملية صعبة

سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تقسيم قواته، التي ستصبح حينها عرضة للمجموعات الصغيرة من عناصر حماس، كما أن الركام الذي خلّفه القصف الإسرائيلي يقدم فرصًا لمجموعات المقاتلين الصغيرة للاحتماء من القوات الإسرائيلية، وإقامة مواقع للقناصة، وزرع الفخاخ المتفجرة.

ولفت بايمان إلى أن الجيش الأمريكي وجد العمليات الحضرية في الفلوجة بالعراق صعبة ومدمرة بشدة، ومن المرجح أن تكون غزة أصعب بكثير، لأن حماس تسيطر على القطاع منذ 2007، وحاربت إسرائيل عدة مرات.

ومن المحتمل أيضًا أن الحركة توقعت الرد الإسرائيلي الصارم على هجوم 7 أكتوبر، وحتى إذا لم تفعل، فإن حماس استعدت منذ فترة طويلة للاجتياح الإسرائيلي.

شبكة الأنفاق

بحسب المحلل الأمريكي، شيدت حماس شبكة ضخمة من الأنفاق، يُعتقد أنها أكبر من مترو لندن، ويمكنها استخدام هذه الأنفاق لإخفاء المؤن والقادة، ولتأمين الاتصالات خلال الصراع، واصفًا قتال الأنفاق بأنه يشبه “الكابوس”.

مترو غزة

شبكة أنفاق حماس في غزة

وقارن القائد السابق للقيادة الوسطى الأمريكية، الجنرال جوزيف باتل، شبكة أنفاق حماس بشبكة الأنفاق التي استخدمها تنظيم داعش في الموصل، بالعراق، محذرًا من أنه سيكون “قتالًا دمويًا ووحشيًا”.

ونوّه بايمان إلى أن مقاتلي حماس قد يستخدمون الأنفاق لمفاجأة القوات الإسرائيلية من الخلف، أو نصب كمائن، أو أخذ المزيد من الأسرى، ورغم أن إسرائيل حاولت قصف هذه الأنفاق، فمن الصعب العثور عليها وتدميرها من الجو.

قادة حماس

تسعى إسرائيل لتدمير حماس، ما يعني قتل قادتها. إلا أنه من الصعب العثور عليهم، لأنهم قد يختبئون في الأنفاق أو يندمجون مع السكان المدنيين. ورغم أن إسرائيل نجحت في الماضي في استهداف قادة حماس وغيرها من الجماعات، لكن هذا حدث عبر عملية بطيئة.

ورأى بايمان أن احتلال شمالي غزة يعني أن إسرائيل لن تسيطر على أجزاء كبيرة من القطاع، ما يسمح لقادة حماس بالاختباء هناك. وكذلك، فإن الكثير من القيادات السياسية البارزة لحركة لا يعيشون في غزة.

أزمة الأسرى

ما يزيد من صعوبة الأمر هو احتجاز حماس لأكثر من 200 أسير، من ضمنهم مواطنين أجانب، ووفق بايمان، هذا سيُعقِّد القتال، نظرًا لاحتمالية وجود الأسرى في نفس المكان مع قادة حماس أو الإمدادات، ما قد يعرّضهم للقتل.

وإضافة إلى هذا، هددت حماس بقتل الأسرى ردًا على الهجمات الإسرائيلية، ومع أنها لم تفعل ذلك حتى الآن، قد تلجأ لذلك في المستقبل، وكلما كانت العملية البرية الإسرائيلية ناجحة ضد حماس، ارتفعت احتمالية لجوء الحركة لإجراءات يائسة.

الخسائر المدنية

يجب على إسرائيل التفكير في التكلفة المدنية في غزة، وحتى الآن، تسببت عملياتها في استشهاد أكثر من 7 آلاف فلسطيني، والعمليات البرية قد تكون أكثر دموية. ولفت المحلل الأمريكي إلى أنه في الماضي، تسبب الغضب الدولي بشأن الخسائر المدنية في وقف إسرائيل للعمليات.

الحرب دخلت «مرحلة جديدة».. ماذا ينتظر إسرائيل في غزة؟

ضحايا قصف مستشفى المعمداني في غزة

وهذا الشاغل من شأنه أن يُعقِّد القتال في الوقت الذي تحاول إسرائيل الموازنة بين الخسائر في صفوف المدنيين والمخاطر التي تتعرض لها قواتها، فضلًا عن احتمالية أن تدمج حماس المقاتلين والأصول العسكرية بين السكان المدنيين.

وبعيدًا عن العمليات المباشرة، منعت إسرائيل الوقود، والكهرباء، والضروريات المدنية الأخرى عن غزة على أساس أن حماس ستستخدمها لأغراض عسكرية، وهذا خلق أزمة إنسانية هائلة، التي ستتفاقم أكثر مع مرور الأيام.

الرأي العام

حسب بايمان، يجب أن تكترث إسرائيل أيضًا للرأي العام الدولي، والأمريكي بنحو خاص، وأدت العمليات الإسرائيلية إلى احتجاجات في أنحاء العالم العربي، وفي الولايات المتحدة، يبدو أن الرئيس جو بايدن وإدارته يحثون إسرائيل على ضبط النفس سرًا.

وإضافة إلى سعيهم للحد من التكلفة الإنسانية على الجانب الفلسطيني، يقلق البعض في واشنطن بشأن المخاطر على الأسرى الأمريكيين وخطر انتشار الصراع في المنطقة، ومع تصاعد هذه المخاوف، قد يزيد الضغط الأمريكي على إسرائيل لكبح عملياتها.

مصاعب أخرى

أشار المحلل الأمريكي إلى أن إسرائيل ستواجه تحديات أساسية عندما تسعى لإنهاء عملياتها العسكرية، لافتًا إلى أن إحدى المصاعب المتعلقة باستئصال حماس هي مسألة من، أو ماذا، سيحل محلها، وإذا ضربت إسرائيل بقوة وغادرت، ستعيد حماس تأكيد نفسها، ولن يتحدى أحد حكمها.

وختامًا، قال بايمان إن القادة الإسرائيليين يعلمون أن العمليات ستكون محفوفة بالمخاطر وقد تأتي بنتائج عكسية، ما يدفع البعض في الحكومة إلى اتخاذ خطوات حذرة، مرجحًا أن تشمل النتيجة النهائية بعض العمليات البرية، لكن بنهج أكثر حذرًا من الغزو الشامل والاحتلال طويل الأمد.

وهذا النهج لن يدمر حماس، وسيؤدي إلى خسائر إسرائيلية والمزيد من المعاناة الفلسطينية، لكنه سيسمح للقادة الإسرائيليين بتقليل المعضلات الأكثر صعوبة التي يواجهونها في غزة.

ربما يعجبك أيضا