الخارجية الأمريكية لـ«رؤية»: الحرب اختيار بوتين.. ودخول الناتو «قرار أوكراني»

رنا أسامة
ساميويل وربيرج، المتحدث الاقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية

كيف تقرأ الإدارة الأمريكية المشهد الحالي في أوكرانيا؟ هل يفتح الغزو الروسي فصلًا جديدًا في رئاسة جو بايدن؟ لماذا لم تتحرك واشنطن لمنع الكارثة؟ حوار أجرته "شبكة رؤية الإخبارية" مع المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية ساميويل وربيرج يُجيب عن كل هذه الأسئلة وأكثر.


يدخل الغزو الروسي لأوكرانيا يومه الرابع على التوالي مع استمرار العمليات العسكرية والقصف على عدة جبهات، ووقوع مدن أوكرانية جديدة في قبضة الروس، مع سقوط عشرات القتلى من الجانبين، وسط تصعيد غربي للعقوبات على روسيا.

وفي محاولة لقراءة المشهد بأعين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حاورت شبكة “رؤية” الإخبارية المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية ساميويل وربيرج، للإجابة على أسئلة من بينها مصير انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) والسيناريوهات المحتملة لأكبر أزمة أمنية في أوروبا منذ الحرب الباردة.

الحرب الأوكرانية الروسية.. اختبار لبايدن؟

تباينت تقييمات خبراء ومُراقبين حول تعامل الإداة الأمريكية مع الحرب الروسية الأوكرانية، أكبر أزمة دولية خلال رئاسة بايدن. اعتقد محللون أمثال برادلي بومان، أحد كبار المديرين بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو معهد بحثي حزبي أمريكي غير هادف للربح، أن هذه الأزمة “اختبار حقيقي لإدارة بايدن، لعلها الاختبار الأكبر للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهده”، بحسب تقرير نشرته شبكة سي إن بي سي الأمريكية في ديسمبر الماضي.

لكن المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، ساميويل وربيرج، عارض هذا الرأي، وقال إن ما يحدث الآن “ليس اختبارًا للرئيس بايدن أو العالم”، بل إنه “يُظهِر للعالم حقيقة نوايا الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين، وأن كل ما توقعته الولايات المتحدة وشركاؤها حول العدوان الروسي كان صحيحًا. وهذا أمر مؤسف”.

وتابع في حواره مع “شبكة رؤية الإخبارية”: “كُنا نأمل أن نكون مخطئين، لكن العالم كله الآن يرى الأمر كما هو عليه، روسيا اعتدت على سيادة دولة أخرى بالقوة وتحاول الآن تغيير حدودها والسيطرة عليها”.

مَن المسؤول عن الحرب الروسية الأوكرانية؟

بحسب وربيرج، ترى الولايات المتحدة أن الرئيس الروسي “شنّ حربًا اختيارية مع سبق الإصرار، ضد أُناس أبرياء وحكومة ديمقراطية شرعية مُنتخبة في أوكرانيا، ستفضي إلى خسائر فادحة في الأرواح ومعاناة بشرية”. وشدّد وربيرج على أن “روسيا وحدها المُعتدية والمسؤولة عن الموت والدمار الذي ستُحدثه هذه الحرب، فهي التي انتهكت المبادئ الأساسية التي تدعم السلام والأمن العالميين”.

وأضاف المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية: “روسيا تسعى لتغيير حدود دولة ذات سيادة بالقوة. وستحاسبها أمريكا وشركاؤها”، وعقب: “ما نراه الآن محاولة من الرئيس بوتين لإعادة العالم إلى ما كان عليه قبل 100 عام، وإعادة العالم لحكم الإمبراطوريات دون احترام للقوانين والمواثيق الدولية أو احترام سيادة الدول”.

لماذا لم تتحرك الولايات المتحدة لمنع الكارثة؟

قبل 3 أيام من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، أفادت مجلة بوليتيكو الأمريكية بأن الرئيس جو بايدن حدّد في مؤتمر بالفيديو مع زعماء دول الغرب والاتحاد الأوروبي والناتو، موعد الغزو في 16 فبراير. وهو ما أثار تساؤلات عن سبب عدم تحرك الولايات المتحدة لمنع الكارثة بطريقة ناجعة، بدلًا من الاكتفاء بالمراقبة والتوقع.

في هذه النقطة أوضح متحدث الخارجية الأمريكية الإقليمي لـ”رؤية” أن “الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائها وشركائها، كانت تعمل منذ أشهر لحل لهذه الأزمة. حاولنا بكل الطرق إنجاح المسار الدبلوماسي مع استعدادنا لسيناريوهات أخرى، لأننا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ومجموعة السبع وكل شركائنا لا نريد أن نرى حربًا”.

واستدرك: “لكن مع الأسف أغلق الرئيس (الروسي) بوتين باب الدبلوماسية، ضاربًا بكل الجهود عرض الحائط، باختياره مسار العدوان والحرب وتجاهل كل مناشداتنا للدبلوماسية. مع ذلك، كُنا وحلفاؤنا مستعدين أيضًا للمسار الآخر (الحرب) وبالفعل اتخذنا مواقف حاسمة وقوية وسريعة جدًّا، ردًا على هذا العدوان”.

لماذا لن ترسل أمريكا قواتها إلى أوكرانيا؟

بذل الرئيس الأمريكي جهودًا دبلوماسية في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، بما في ذلك إذاعة تحذيرات “يوم القيامة” بشأن الغزو الوشيك، الذي تحقّق لاحقًا، باعتبار أنه يضع النظام الدولي على المحك، لكنه استبعد إرسال قوات إلى أوكرانيا لإنقاذ الأمريكيين، وهذا ما لم ينفِه وربيرج، الذي أشار في الوقت نفسه إلى أن “إرسال قوات أمريكية إلى الجناح الشرقي للناتو يبعث برسالة قوية وواضحة بأننا على استعداد لطمأنة حلفائنا في حلف شمال الأطلسي والدفاع عنهم ضد أي اعتداء”.

وذكر المتحدث الإقليمي للخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تتعاون عن قُرب مع الناتو الذي أرسلت كل دوله تقريبًا قوات إضافية وعزّزت قدراتها الدفاعية في شرق أوكرانيا، منوّهًا بأن الرئيس بايدن قال في أكثر من مناسبة إن بلاده ستدافع عن كل شبر من أراضي حلفاء الناتو، وستقوم بالتزاماتها تجاههم.

الانضمام إلى الناتو.. هل تبخّر الحلم الأوكراني؟

تريد روسيا ضمانات بأن الناتو سيوقف توسعه باتجاه الشرق، ويستبعد عضوية أوكرانيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق الأخرى، على اعتبار هذا “تهديدًا وجوديًا” ما يعني بعبارة أخرى أنها تطالب الناتو بأن “ينتحر” ويُخفّض دور أمريكا لتصبح قوة إقليمية، بحسب تحليل سابق للمؤرخة المعنيّة بشؤون روسيا، فرانسواز توم، نشرته بموقع Desk Russie في ديسمبر 2021.

بدوره شدد متحدث الخارجية الأمريكية لـ”رؤية” على أن مسألة الانضمام إلى الناتو “قرار يرجع لأوكرانيا وحدها”، معقبًا: “نؤمن بسيادة الدول وبحقها في اختيار التحالفات التي تناسبها. هذا ليس شأنًا من حقنا (الولايات المتحدة) أو من حق روسيا أو دولة أخرى أن تتدخل فيه، أوكرانيا وحدها ستقرر ذلك. الولايات المتحدة لن تضغط على أوكرانيا أو أي دولة أخرى للموافقة على انضمامها أو عدم انضمامها إلى الناتو”.

هل سيطيح بوتين بالنظام الأوكراني؟

مع ضبابية المشهد الحالي في أوكرانيا، وتصاعد الأحداث بوتيرة سريعة، تتردد سيناريوهات تذهب إحداها إلى انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية بالإطاحة بنظام الرئيس فلاديمير زيلنسكي. فقبل ساعات من الغزو، توقّع  المستشار السابق للبيت الأبيض بشأن روسيا، جيفري إدموندز، أن يسعى بوتين لـ”تغيير النظام” الأوكراني، مرُجحًا احتلال أوكرانيا، بحسب ما نشرته شبكة سي إن بي سي الأمريكية في 23 فبراير الحالي.

وبسؤال متحدث الخارجية الأمريكية عن السيناريوهات المُحتملة، أجاب: “الولايات المتحدة لن تدخل في سيناريوهات وتكهنات بما سيحدث خلال هذه الحرب الروسية على أوكرانيا. الأمور على الأرض تتغير بسرعة. لكن الثابت هو دعمنا المستمر لأوكرانيا حكومة وشعبًا”. ونوّه بأن دعم أوكرانيا هو موقّف موحد لشركاء الولايات المتحدة في أوروبا ودول أخرى في العالم، وسط إجماع عالمي على أن “روسيا باتت وحيدة ومعزولة عن المجتمع الدولي”.

وأشار في هذا الصدد إلى إعلان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، أمس السبت، تقديم “مساعدات عسكرية فتّاكة” جديدة لأوكرانيا بقيمة 350 مليون دولار، ليصل إجمالي المساعدات الأمنية التي قدّمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا إلى أكثر من مليار دولار خلال عام.

ربما يعجبك أيضا