الزقوقو والهوامة.. طقوس عربية احتفالًا بالمولد النبوي

رؤية

يحتفل العالم الإسلامي بقدوم المولد النبوي الشريف بعادات أصبحت متصلة بالمناسبة، تختلف من بلد إلى آخر.

وتحرص الشعوب الإسلامية على إقامة سلسلة من الاحتفالات منها ما هو ديني، من خلال الذكر الأناشيد التي تحتفي بالقيم النبوية، ومنها ما يرتبط بطقوس تضفي خصوصية على هذا اليوم بقائمة من الأكلات والحلويات.

المولد النبوي في مصر

يتميز الاحتفال في مصر بالحلوى الخاصة بالمولد، في مظاهر توارثتها الأجيال عامًا بعد عام من العصر الفاطمي حتى الآن.

وكانت قديمًا تُباع العروسة والحصان المصنوعة بالسكر، ومع مرور الوقت أصبحت الحلوى تتشكل من الحمصية، والفولية، والسمسمية، والملبن بأنواعه، والفسدق واللوز، مع بعض أنواع البسبوسة، ولا تأبه العائلات أحيانا بالعبء المالي الذي قد يمثله إعداد هذه الحلويات. لأن المهم هو عدم التأخر عن عادة طبعت الوجدان الشعبي المصري.

عصيدة ليبية

تحتفل ليبيا مثل كل دول العالم العربي الإسلامي بذكرى المولد النبوي، وتعد العائلات الليبية العصيدة التي تقدم مع الرُّبّ أو العسل احتفالًا واحتفاءً بهذه المناسبة.

اقرأ أيضًا: الحكومة المصرية تعلن موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2023

وفي المغرب، تحرص معظم العائلات على إعداد الكسكس والدجاج والعصيدة المغربية بالمكسرات أو الميلودية، كما تسمى في المغرب، استحضارًا لذكرى الرسول الأكرم وميلاده.

الهوامة في عمان

في سلطنة عمان، تستمر الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف أكثر من أسبوع في حلقات تردد خلالها الأناشيد الدينية ومدح الرسول، وينتشر في عمان فن “الهوامة”.

ويعتمد هذا النوع من الفن على إنشاد نصوص مختارة من الشعر الصوفي، لأشهر شعراء التصوف المعروفين في عالمنا العربي والإسلامي الذين اشتهروا بعشقهم وهُيامهم الشديد للخالق جلّ وعلا، وبمدح وحب الرسول صلى الله عليه وسلم والتغنّي بمناقبه وبصفاته، في ما يُعرف بشعر المديح النبوي أو القصائد المحمدية، وهي عبارة عن قصائد طويلة تُعرف باسم “المناظيم” وهو الاسم الأكثر شيوعًا وتداولًا بينهم.

المولد النبوي في تونس

في تونس، عصيدة الزقوقو التونسية، التي تحتفل من خلالها غالبية العائلات التونسية بالمولد النبوي الشريف، تكاد تكون أكلة متفردة في العالم العربي الإسلامي، يُعْتَمَد في إعدادها على مادة أساسية، هي الحبات التي يتم استخراجها من شجرة الصنوبر الحلبي، وهي أشجار تنتشر في مناطق الشمال الغربي التونسي.

لعصيدة الزقوقو أصول تاريخية طريفة، فإعدادها وربطها بالمولد النبوي الشريف حديث العهد مقارنة بالأنواع الأخرى من العصيدة الشعبية البيضاء التي تحضر انطلاقًا من الدقيق (المستخرج من حبوب القمح) والزيت.

“الزقوقو” سيدة أكلات المولد

طرافة عصيدة الزقوقو التونسية، تنبع من كون اعتماد تلك المادة من حبات أشجار الصنوبر الحلبي يُذَكّر التونسيين بالمجاعة التي عاشتها تونس عام 1864، وحينها اضطرت أعداد كبيرة من العائلات إلى اعتماد تلك المادة لتعويض النقص الحاد في الحبوب المترتب بدوره عن الجفاف الذي ضرب أغلب جهات البلاد، تنبّه العائلات التونسية آنذاك إلى استعمال الزقوقو مادة غذائية كان شبهه الكبير بالذرة البيضاء.

بعد خروج البلاد من الجفاف ظل استعمال الزقوقو يحيل على المجاعة والفقر والعائلات التي تعيش أوضاعًا ضنكةً، وحتى عندما بدأ استعمال عصيدة الزقوقو يتسرب شيئًا فشيئًا إلى العائلات التونسية، ظلت العائلات الكبرى خاصة في العاصمة  ترى في استعماله عيبًا تبعًا؛ لأنه يذكّر بسنوات المجاعة، لكن استعماله خاصة في المولد بدأ في التوسع إلى أن أصبح عادة ثابتة لدى أغلب العائلات التونسية، مع عدم التخلي عن العصيدة البيضاء القديمة التي تعجن وتمزج بزيت الزيتون.

ربما يعجبك أيضا