الصحافة الألمانية| إيران بلد علماني وليست جمهورية إسلامية.. وما تأثير الانتخابات الإسرائيلية على الشرق الأوسط؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

نتائج الانتخابات الإسرائيلية ومستقبل المنطقة

نشر موقع “فيلت” تقريرًا للكاتب “كليمنس ويرجين” أشار إلى الانتخابات الإسرائيلية وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط في ظل استمرار الصراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس، واستمرار سياسة الاستيطان التي كان يدعمها ترامب، بينما يرغب الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن” في الضغط على الحكومة الإسرائيلية القادمة لوقف الاستيطان وإعادة التوازن للمنطقة من جديد.

ويحاول بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالي، أن يكون جزءًا من الحكومة الجديدة مرة أخرى، ويبدو أن تحقيق هذا الأمر حتى الآن صعب في ظل القضايا التي تلاحق نتنياهو، ومع ذلك فإن ملامح عصر جديد في الشرق الأوسط قد ظهرت بالفعل، لا سيما بعد اتفاقات التطبيع مع دول الخليج التي باتت بالفعل الطرف الأقوى في هذا الملف بدلًا من الأطراف الغربية والأوروبية التي لم تغير الكثير على الأرض فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.

ويصوّت الناخبون الإسرائيليون للمرة الرابعة في غضون عامين، وعلى الرغم من دعاوى الفساد المرفوعة ضد نتنياهو؛ تشير النتائج إلى أنه يمكن أن يكون جزءًا من الحكومة المقبلة مرة أخرى. وفي حين تتكرر الانتخابات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، فإنه لا يزال هناك تساؤل حول ما إذا كان الفلسطينيون قادرين على إجراء أول انتخابات خلال هذا الصيف منذ 15 عامًا، ورغم أن حماس التي تحكم قطاع غزة بيد من حديد وحركة فتح التي تحكم الضفة الغربية قد اتفقتا على “ميثاق شرف” لمنع العنف والقمع، خاصة خلال الانتخابات القادمة، لكن المحاولات العديدة السابقة للمصالحة بين المعسكرين لم تكلل بالنجاح.

 ولذلك فإن ثمّة شكوك كبيرة تتعلق بإجراء الانتخابات البرلمانية في غزة والضفة الغربية في شهر مايو2021، والانتخابات الرئاسية التي يترشح لها محمود عباس البالغ من العمر 85 عامًا في نهاية يوليو من نفس العام. وفي كل الأحوال فلا يبدو أن هناك تغيرات جذرية في المشهد الانتخابي على الجانبين؛ فمن ناحية تؤكد نتائج الانتخابات الإسرائيلية أن نتنياهو قد يستطيع تشكيل الحكومة إذا ما استطاعت أحزاب اليمين استمالة عضوين من المعارضة أو الاتحاد مع أيٍّ من الأحزاب الصغيرة، وعلى الجانب الآخر فإن عباس، الرجل العجوز الذي يحكم بالفعل منذ عام 2009 دون انتخابات حقيقية، هو المتوقع للاستمرار في المشهد.

 ومع ذلك فهناك جديد قد طرأ على المشهد في الآونة الأخيرة؛ حيث أدت اتفاقيات السلام بين إسرائيل والبحرين والإمارات والمغرب والسودان، والتي جاءت برعاية إدارة ترامب، إلى رفع عزلة الدولة اليهودية وسهّلت الخطوات التي اتخذها ترامب على أي حكومة إسرائيلية قادمة للتعامل مع ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أدى نقل ترامب للسفارة الأمريكية إلى القدس وتجاهله الواضح للقيادة الفلسطينية المشلولة منذ سنوات عديدة بسبب الصراعات والانقسامات، إلى عزلة سياسية للفلسطينيين لم يشهد التاريخ لها مثيل منذ عقود.

 وقد ازدادت الفجوة بين الطرفين المتورطين في الصراع في الشرق الأوسط بشكل كبير مرة أخرى في السنوات الأخيرة؛ فمن ناحية يرى المجتمع الإسرائيلي نفسه ناجحًا اقتصاديًّا وعلميًّا، في حين يسيطر على المجتمع الفلسطيني، الذي تحكمه نخب فاسدة وسلطوية، النزاع والصراعات ويعتمد في وجوده على ممولين أجانب متقلبين، ولذلك كان ترامب يهدد السلطة الفلسطينية بقطع المعونات الذي من الممكن أن يقضي على وجود السلطة الفلسطينية نهائيًّا، ويدرك الرئيس الأمريكي الجديد الوضع الحالي للفلسطينيين، ومن ثم يخطط لإعادة ضبط التوازن في المنطقة.

 وعلى عكس خطة ترامب للسلام، فإن بايدن يخطّط لاعادة المفاوضات على حدود 1967 وحل الدولتين، وسيسمح مرة أخرى باستئناف المساعدات المالية للقيادة الفلسطينية ووكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة “أونروا”، وسيعمل بايدن على الضغط على الإسرائيليين لوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، وتنتظر القيادة الأمريكية الحالية حتى تشكيل الحكومة الاسرائيلية لئلا تؤثر على العملية الانتخابية في إسرائيل، ومن ثمّ فسيرى العالم كيف ستعمل واشنطن على تغيير سياستها تجاه الشرق الأوسط بعد ترامب، وما اللهجة التي ستسود بين القدس وواشنطن؟ وهل سيصبح نتنياهو – حال نجاحه – عائقًا أمام تحقيق سياسة بايدن في المنطقة؟

وربما كان الدعم غير المشروط من جانب الأوروبيين هو الذي دفع القيادة الفلسطينية سابقًا إلى المبالغة في تقدير موقفها التفاوضي، لكن فقدان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لكثير من أهميته، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، قد يُحسّن من فرصة التفاوض، ويجبر الفلسطينيين على أن يكونوا أكثر رصانة بشأن ما يمكن تحقيقه في حل الدولتين. وبالإضافة إلى تراجع مكانة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على الساحة العالمية؛ فإن كل هذه العوامل باتت تؤكد أن هناك شيئًا واحدًا واضحًا، وهو أنه يتم إعادة ترتيب الأوراق في منطقة الشرق الأوسط لتشكيل واقع جديد للمنطقة.

هل ما زالت أوروبا بحاجة لاتفاقية اللاجئين مع أردوغان؟

نشر موقع “تلي بوليس” تقريرًا للكاتب “توماس باني” تحدث عن استغلال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، والتي يستخدمها كورقة لابتزاز أوروبا أو التهديد بفتح الحدود والسماح للمهاجرين بالعبور إلى أبوبها عبر اليونان وقبرص، كما فعل في عام 2019.. فهل ما زالت بروكسل مضطرة لتمديد هذه الاتفاقية، أم أنها عازمة على إضاعة الفرصة على أردوغان حتى لا يقوم بابتزازها مجددًا كما فعل في السابق؟

ولا تزال خيبة الأمل من نتائج اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة هي السمة السائدة منذ عام 2015، ومع ذلك يستغل الرئيس التركي الاتفاقية في توطيد سلطته. وقد مرت خمس سنوات على اتفاقية اللاجئين ولا تزال موجات اللجوء والهجرة تجاه أوروبا مستمرة، ورغم تأثير انتشار فيروس كورونا على حركة اللجوء والهجرة، إلا أنه من المتوقع أن تزيد موجات الهجرة مرة أخرى بعد انحسار الفيروس، فهل تحقق اتفاقية اللاجئين الهدف منها؟

وعُقدت هذه الاتفاقية (18 مارس 2016) بعد ست سنوات من اندلاع الحرب الأهلية في سوريا؛ بهدف منع النزوح الجماعي من مناطق الأزمات باتجاه أوروبا، وبعدما تم إغلاق طريق البلقان، كان الأوروبيون يحاولون إغلاق الطريق البحري بين تركيا واليونان في أسرع وقت حتى لا تتكرر أزمة اللاجئين في عام 2015. واضطرت القارة العجوز لعقد هذه الاتفاقية لصد هجمات اللاجئين بطريقة تحافظ فها على معايير حقوق الإنسان، وفي مقدمتها “حق اللجوء”، ومن ثم عُقدت الاتفاقية لمنع تسلل اللاجئين بشكل غير قانوني إلى قلب أوروبا وتأمين الحدود الخارجية. ونصت الاتفاقية أن تقوم دول الاتحاد الأوروبي بتوطين أحد اللاجئين السوريين مقابل إعادة تركيا لكل سوري يرغب في الدخول الى أوروبا عبر الجزر اليونانية. هذه الاتفاقية التي تسمى بصفقة اللاجئين، والتي يشار إليها غالبًا باسم “خطة ميركل”، لطالما تعرضت للعديد من الصدمات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة.

ابتزازات مستمرة

اتهم أردوغان الاتحاد الأوروبي بعد دفع الالتزمات المالية المقررة والتي – وفقًا لتصريحات أردوغان – لم يتم دفعها في موعدها، وشدد على مطالبته بالوفاء بالمدفوعات والوعود الأخرى، والتي من بينها تطبيق نظام الإعفاء من التأشيرة للمواطنين الأتراك، كما هدّد أوروبا أكثر من مرة بإنهاء الاتفاقية وفتح الحدود على مصراعيها، وفعل ذلك بالفعل حينما سمحت بلاده بتجمع آلاف اللاجئين على الحدود مع اليونان ليمارس ابتزازه السياسي تجاه الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه كان يرغب في الضغط على دول الاتحاد لدعم خططه في سوريا بإنشاء منطقة عازلة من أجل إعادة توطين اللاجئين السوريين، رغم دعم الميليشيات الإسلامية واستخدام القوة العسكرية لطرد الأكراد، وقد تبادل أردوغان الاتهامات مع بعض دول الاتحاد الذين ينتقدون سياسته في سوريا ويصفون تدخله العسكري هناك بـ”الغزو”، وفي مقدمة هذه الدول فرنسا، التي ما برح رئيسها إيمانويل ماكرون يهاجم الرئيس التركي ويصفه بـ”المستبد والمحتل”.

مأزق إدلب

وفي نظرة تجاه شمال غرب سوريا وإدلب ومنطقة حلب نجد أن أردوغان لديه نفوذ كبير في المنطقتين؛ ففي منطقة حلب تهيمن الميليشيات الإسلامية المتحالفة معه على الوضع هناك، أما في إدلب فيشترك الطرفان، حيث تنتشر الميليشيا الإسلامية، مثل هيئة تحرير الشام، الموالية لتنظيم القاعدة والتي تعتمد على الدعم التركي وتفرض نفسها كشريك تفاوضي في أي محاولة لإعادة تنظيم الوضع في المنطقة، ويعد زعيمها “أبو محمد الجولاني” واحدًا من المقربين والموالين للأتراك، ورغم أن تقسيم سوريا يعدّ في صالح دول الاتحاد الأوروبي للحد من سلطة الرئيس السوري، ومن ثم حصار التدخل الروسي، إلا أن الاتحاد دائمًا ما ينتقد السياسة التركية هناك، وفي المقابل دائمًا ما يستخدم أردوغان أيضًا فزاعة اللاجئين لمقاومة الانتقاد القادم من بروكسل.

أردوغان المذعور يحاول إنقاذ حزبه

وحول الداخل التركي، نشر موقع “إن تي في” تقريرًا للكاتب “سيجديم أكيول”، لفت إلى استمرار سياسة الرئيس أردوغان الاستبدادية، واستغلاله المحكمة الدستورية والبرلمان والسلطات الموالية للإطاحة بخصومه من المعارضة والسياسيين، كما يسعى جاهدًا لإصدار قرار من المحكمة الدستورية التركية بحظر حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد.

 وبدأ أردوغان في التخطيط لحظر حزب الشعوب الجمهوري، كما أعلن أيضًا عن انسحاب بلاده من اتفاقية حماية المرأة، بالإضافة لإقالته رئيس البنك المركزي، ومع ذلك يعرض الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه على أردوغان توسيع الاتحاد الجمركي!

ومؤخًرا، أخرجت الشرطة التركية النائب “عمر فاروق غيرغيرلي أوغلو” من مبنى البرلمان بالقوة بعدما تحصّن بمبنى البرلمان بعد رفع الحصانة عنه، وكانت التهمة الموجهة للنائب السياسي، الذي انتُخب لعضوية البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في 2018، أنه أعاد نشر تغريدة لمسئول في حزب العمال الكردستاني منذ عام 2016، لهذا حُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف، وصرح “غيرغيرلي أوغلو” عبر تويتر فور رفع الحصانة عنه بأنه سيقاوم هذا الانقلاب ولن يسمح أن توضع إرادة الشعب تحت الأقدام؛ فالرغبة في السلام لا يمكن أن تكون جريمة.

 وفي الوقت الذي يقوم فيه أردوغان بذلك، يقدّم نفسه كشريك للاتحاد الأوروبي! ففي 2 مارس الماضي قدم “خطة عمل لحقوق الإنسان”، ولم يلبث أن قام بسلسة إجراءات عدوانية، وظهر للصديق والعدو أنه مذعور؛ فبعد ساعات قليلة من رفع الحصانة عن النائب “أوغلو” قدم مكتب المدعي العام طلبًا إلى المحكمة الدستورية لحظر حزب الشعوب الديمقراطي، كما انسحب الحزب الحاكم من اتفاقية اسطنبول لحماية المرأة من عنف الذكور، وفي النهاية أقال أردوغان ثالث رئيس للبنك المركزي منذ عام 2019 بعدما أقال وزير المالية السابق ناجي أغبال من منصبه بعد أربعة أشهر فقط؛ لأنه رفع سعر الفائدة دون موافقته، ثم عيّن صهاب كافجي أوغلو، الخبير الاقتصادي ونائب حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي كتب في فبراير الماضي 2021 مقالًا في صحيفة “يني شفق” اليوميّة الموالية للحكومة شدّد فيه على ضرورة عدم رفع البنك المركزي لسعر الفائدة حتى لا يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخّم.

حظر الأحزاب

وتُظهر الأيام القليلة الماضية مدى تعرض الرئيس التركي وشريكه في الائتلاف الحاكم (حزب الحركة القومية) لضغوط كبيرة ومخاوف دفعتهم للتخطيط لحظر حزب الشعوب الديمقراطي ومنعه من خوض الانتخابات البرلمانية في عام 2023 عن طريق استغلال المحكمة الدستورية التي تخضع الآن لسيطرة الحكومة، ولم يقتصر الأمر على حظر أعضاء الحزب؛ بل إن القرار سيشمل حظر ومنع 687 مسئولًا من الحزب من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات، وذكر الادّعاء أن ثالث أكبر حزب معارض هو ذراع برلماني لحزب العمال الكردستاني المحظور كمنظمة إرهابية، وجاء في لائحة الاتهام أن الحزب لم ينحاز إلى جانب تركيا في أي مشكلة وطنية، لكنه كان دائما ضد تركيا ومصلحة الشعب منذ انتخابة في عام 2018″.

وقد أثارت كل تلك الإجراءات حفيظة الاتحاد الأووربي والولايات المتحدة بشدة؛ فأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية في برلين أن هذه الاتهامات غير حقيقية وأنها إجراءات سياسية للإطاحة بالحزب، لكنه طالب في الوقت نفسه حزب الشعوب الديمقراطي بالنأي عن حزب العمال الكردستاني، المدرج أيضًا كمنظمة إرهابية في الاتحاد الأوروبي.

 كما اتهمت العضو اليساري في البوندستاج “سيفيم داجديلين” الحكومة الألمانية بالتقاعس أمام سياسة أردوغان، وقالت إن “الاتهامات بالإرهاب ضد حزب الشعوب الديمقراطي مشينة وعبثية، فرغم أن هناك بالفعل مؤيدين للتنظيم السري بين أعضاء الحزب، لكن حزب الشعوب الديمقراطي يعمل من أجل حل سلمي للصراع الكردي منذ سنوات، كما أن الحزب يعاقب بالفعل لأنه كان السبب وراء عدم حصول حزب العدالة والتنمية (الذي يتزعمه أردوغان) على الأغلبية المطلقة منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2015، ولهذا السبب فُصل نحو 50 من رؤساء البلديات البالغ عددهم 65 في السنوات الأخيرة، وسُجن قادة الحزب السابقون، كما فُصل المئات من وظائفهم، ورغم هذه الاتهامات الباطلة للحزب بأنه منظمة إرهابية، فقد حصل على 12٪ من المقاعد في الانتخابات البرلمانية لعام 2018”.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل قدم مكتب المدعي العام أيضًا طلبًا لمصادرة أصول الحزب، ومع ذلك لا يزال الحزب صامدًا بالفعل ويقاوم خطط أردوغان؛ لذلك تقول “بيرفين بولدان”، عضو الحزب، إنه رغم كل تلك الإجراءات، غير أنهم ماضون في طريقهم ولن يوقفهم أحد، وأن حظر الحزب محاولة من قِبل الديكتاتوريين للتخلص من المنافسين والمعارضين، لكن هيهات لهم ذلك!

هل يُظهر الاتحاد الأوروبي الوجه الآخر لأردوغان؟

نشر موقع “تسايت أون لاين” مقالًا للكاتب “مايكل ثومان” تحدث عن ضرورة تغيير سياسة تعامل الاتحاد الأوروبي مع أردوغان، مؤكدًا أن الوقت قد حان لإجبار أنقرة على التراجع عن سياستها العدوانية تجاه جيرانها وحلفائها.

ويريد الاتحاد الأوروبي تغير التعامل مع تركيا؛ حيث إن الحوافز لم تكن كافية لإقامة علاقات متوازنة بيت تركيا والاتحاد الأوروبي. فماذا يجب أن يفعل الاتحاد الأوروبي مع تركيا الاستبدادية؟ إلى الآن لم يجب رؤساء الدول والحكومات الأوروبية بطريقة عملية عن هذا التساؤل؛ فلا إجراءات عقابية ضد الحكومة في أنقرة، ولا مواقف حازمة؛ بل على العكس هناك حوافز لأردوغان، فلماذا لا يرغب الاتحاد الأوروبي في اتخاذ قرار نهائي فيما يتعلق بالموقف الحازم من سياسات أنقرة؟

وتكمن مشكلة سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه تركيا في أنه يريد الأخيرة مختلفة تمامًا، كما هو الحال في الزواج الذي يرغب فيه أحد الشريكين في تغيير الشريك الآخر من الألف إلى الياء. فمن جانب ترغب تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وفي المقابل يضع الاتحاد اشتراطات لأنقرة ليتم قبولها؛ وفي النهاية لا أنقرت التزمت ولا الاتحاد الأوروبي تراجع عن مطالبه، وبين هذا وذاك تحوّل الحلم التركي إلى سراب!

أنقرة تتحرك ببطء

وتتمثل مطالب الاتحاد الأوروبي الأساسية لاستئناف التفاوض في تخلي أنقرة عن المطامع في شرق البحر المتوسط من خلال التنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية المتنازع عليها، بالإضافة لتجديد اتفاقية اللاجئين لعام 2016، ووضع حد للتدخل التركي في كل من سوريا والعراق وليبيا، بيد أن هذه المطالب لم تحقق حكومة أردوغان منها أي شيء حتى الآن.

أردوغان يسير في الاتجاه المعاكس

ويرغب أردوغان في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه في نفس الوقت يسلك طريقًا مناوئًا للاتحاد الأوروبي ويتبنى سياسة معاكسة تمامًا لسياسة الاتحاد، خاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وليس أدل على ذلك من إعلانه انسحاب بلاده من اتفاقية اسطنبول الدولية التي تحمي النساء من العنف، فضلًا عن اعتقاله نشطاء حقوقيين وسياسيين بتهمة الخيانة التي حبس بها عشرات الآلاف لسنوات دون محاكمة عادلة، بالإضافة لمحاولة حظر حزب الشعوب الديمقراطي اليساري المؤيد للأكراد، والذي يعدّ ثالث أكبر حزب في البرلمان، ويحدث ذلك كله في ظل أزمة اقتصادية وانهيار لليرة وتراجع لشعبية الحزب الحاكم.

 ومع ذلك يظل الخطر الرئيسي بشكل أساسي في التحالف الحكومي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المتطرف، حيث يعتمد بقاء أردوغان السياسي على هذا الائتلاف، الذي بات (وفقًا للاستطلاعات) يستفز غالبية الأتراك؛ حيث إن حزب الحركة القومية يعتمد في دعايته على بث الكراهية ونظريات المؤامرة المعادية للغرب، كما أنه يغذي الأحلام القومية التي من شأنها أن تولد عدوانية قومية تلتهم تركيا وتؤدي إلى عمليات عسكرية دائمة داخل وخارج تركيا، ويبدو أن ذلك لن ينتهي بحلول يونيو المقبل.

دراسة: إيران بلد علماني وليست جمهورية إسلامية

نشر موقع “إذاعة ألمانيا” تقريرًا للكاتب “كريستيان روثر” أشار إلى دراسة حديثة أظهرت الطابع العلماني للشعب الإيراني الذي يعيش في ظل جمهورية إسلامية تزعم أنها تطبّق الشريعة الإسلامية منذ الثورة الإيرانية على شاه إيران عام 1979، وقد استطلعت الدراسة آراء 40 ألف إيراني، 40% منهم مسلمون.

ويغلب على الدولة المذهب الشيعي الذي يهيمن على السياسة والقضاء والمجتمع، لكن الإيرانيين لا يعرّفون هويتهم على أنهم مسلمون شيعة على الإطلاق، على الأقل بحسب هذه الدراسة، والتي تؤكد أن أقل من ثلث الإيرانيين يصنّفون أنفسهم على أنهم شيعة، في حين يصف 22% منهم بأنهم (أحرار) لا ينتمون لأي دين أو مذهب، كما أظهرت الدراسة أن 9% من الإيرانيين ملحدون، و8% زرادشتيين، و7% روحانيون، و6% محايدون، في حين مثّل المسلمون السنّة 5%، والصوفيون الإسلاميون نسبة 3%، ثم تأتي بعد ذلك نِسب أصغر لمجموعات من الإنسانيين والمسيحيين والبهائيين واليهود وغيرهم..

الفجوة الكبيرة بين الإحصائيات الرسمية والمستقلة

بالنسبة للأشخاص المطلعين على الشأن الإيراني؛ فإن هذه الإحصائيات ليست مفاجئة، كما يقول بويان التميمي عرب، الباحث في الشئون الدينية بجامعة أوتريخت في هولندا وأحد مؤلفي الدراسة بجانب زميله عمار المالكي، وقد تحدث “التميمي” عن تحول علماني كبير في إيران مؤخرًا، حيث أظهرت الدراسات الفردية هذه النتائج لفترة طويلة، لكنها لم تكن مدعومة باستطلاعات الرأي والبحوث على نطاق واسع، كما هو الحال مع هذه الدراسة.

ورغم أن هناك دراسات سابقة توصّلت إلى استنتاج معاكس، كما في دراسة معهد بيو الشهير قبل 12 عامًا، والتي أكدت أن إيران دولة شيعية بنسبة 99.4%، وهي نفس النسبة التي تعلنها الحكومة الإيرانية، غير أن الدراسة التي قام بها الباحثان تؤكد أن نسبة 40% فقط من الإيرانيين يعتزون بالهوية الدينية، سواء الشيعية أم السنية أم الصوفية، ويشكك “التميمي” في نتائج الدراسات السابقة، خاصة وأن طريقة الاستبيان فيها كانت عن طريق الهاتف أو السؤال المباشر، وهي طريقة لا تصح في الدول الاستبدادية مثل إيران، حيث يخشى الناس على حياتهم ومستقبلهم إذا ما صدعوا بالحقيقة.

استطلاعات الرأي في الدول الاستبدادية

ولكي يحصل التميمي والمالكي على نتائج استطلاعات أكثر دقة، تواصلا مع الإيرانيين عن طريق الإنترنت، بحيث أمكن ضمان عدم الكشف عن هويتهم، وقد سهل من استخدام هذه الطريقة أن 75% من الإيرانيين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وانستجرام وواتس آب وتليجرام، كما يقول عمار المالكي، وقد استخدم الباحثان هذه المواقع للحصول على آلاف الاستبيانات، سواء من المعارضة أو من الموالين للحكومة على حدٍّ سواء، وأضاف أنهم تحرّوا أن تكون البيانات والاستطلاعات موزعة بطريقة أكثر تمثيلًا لكل فئات وطبقات الشعب الإيراني، لتكون أكثر موثوقية وتعكس الواقع دون تزييف أو تغيير، وتبين للباحثَين من خلال فحص وتقييم 40 ألف استبيان أن الجمهورية الإيرانية ليست ذات أغلبية مسلمة كما كان معروفًا، لا سيما بين أطياف الشباب الذين يميلون إلى العَلْمَنَة ويبتعدون عن التدين الظاهري.

15٪ من الإيرانيين يؤيدون عقوبة الإعدام

وأخيرًا، أظهرت الدراسة أيضًا من خلال فحص 20 ألف استجواب عن موقف الإيرانيين من عقوبة الإعدام، حيث إن إيران هي الدولة التي لديها أكبر عدد من الإعدامات في العالم عن طريق الشنق في الأماكن العامة أو إطلاق النار أو الرجم كعقوبة على جرائم مثل الكفر أو “الردة عن الإسلام”، طبقًا لما هو منصوص عليه في الشريعة الإسلامية، ورغم ذلك أوضحت الدراسة أن حوالي 15% فقط من الإيرانيين يؤيدون عقوبة الإعدام على أساس الشريعة الإسلامية، ومما يؤكد غلبة الطابع العلماني على الشعب الإيراني في الآونة الأخيرة، أن الأسماء الدينية التقليدية (طبقًا للإحصائيات التي سردتها الدراسة) باتت في انخفاض مستمر خلال العشرين عامًا الأخيرة.

ربما يعجبك أيضا