الصحافة الألمانية| روسيا والصين تستغلان دبلوماسية اللقاح.. وثورة نسائية ضد نظام أردوغان

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

انتصار قوات تيجراي.. نقطة تحول في الحرب الأهلية بإثيوبيا

نشر موقع “تاز” مقالًا للكاتب “جونار هينك” أشار إلى تبعات إعلان قوات تيجراي تحرير الإقليم من قوات الحكومة الإثيوبية والقوات الإريترية، وأثر ذلك على مستقبل إثيوبيا وعلاقة هذه التطورات بملف سد النهضة والصراع مع مصر والسودان.

جاء إعلان انسحاب الجيش الإثيوبي الذي يتمتع بخبرة في القتال، ومسلح تسليحًا جيدًا ومدعومًا من إريتريا المجاورة، بمثابة تحول دراماتيكي في أكثر الحروب وحشية في إفريقيا حاليًا، حيث اضطر الجيش الإثيوبي إلى الاستسلام والانسحاب من المنطقة الجبلية المتمردة لتعلن جبهة تحرير تيجراي عن فوزها في هذه المعارك، وأنها ترفض وقف إطلاق النار الذي دعت إليه الحكومة من جانب واحد.

جاء إعلان جبهة تحرير تيجراي لفوزها على الجيش الإثيوبي ليؤكد على حقيقية أن الجيوش التقليدية في العالم لا يمكنها الصمود طويلًا أمام التضاريس الصعبة وحروب العصابات، فحتى الجيش الأمريكي خسر الحرب في أفغانستان واضطر لإعلان الهزيمة والانسحاب، وعلى الحكومة الإثيوبية أن تدرك جيدًا أن استخدام القوة ضد الإقليم لن يجدي نفعًا، فقد سبق أن تمردت قوات تيجراي ضد الديكتاتورية العسكرية الاشتراكية في ذلك الوقت قبل ثلاثين عامًا، واستطاعت السيطرة على إثيوبيا، لكنهم لم يتمكنوا من حكمها طويلًا، ومع ذلك كانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أقوى عضو في الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لسنوات عديدة، لكن رئيس الحكومة الفيدرالية آبي أحمد عمل على كبح نفوذها بعد توليه السلطة عام 2018، وساءت العلاقات بين الجانبين بعد حل آبي أحمد الائتلاف الحاكم، الذي كان يتألف من عدة أحزاب إقليمية عِرقية وأعلن دمج الأحزاب في حزب وطني واحد، الأمر الذي رفضته الجبهة وأجرت على إثره الانتخابات التي لم يعترف بها آبي أحمد، وقرر معاقبة الإقليم والقضاء على قوات جبهة تحرير تيجراي، لكنه فشل في النهاية.

سياسة الأرض المحروقة

يحاول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي كانت تتم الإشادة به في جميع أنحاء العالم باعتباره حائزًا على جائزة نوبل للسلام، هزيمة خصومه السياسيين بالقوة، وحتى الآن لم ينجح ويبدو أنه لن ينجح وسيواجه الهزيمة. الأمر نفسه ينطبق على الديكتاتور الإريتري أسياس أفورقي، الذي ألقى بكل موارده العسكرية تقريبًا في حرب تيجراي من أجل الانتقام من قواتها التي قادت الحرب ضد بلاده في الفترة من عام 1998 إلى عام 2000.

واستخدم أفورقي سياسة الأرض المحروقة في تيجراي للانتقام من قوات الجبهة، لكن مع ذلك لم تحقق هذه السياسة سوى المزيد من الغضب الدولي بسبب جرائم الحرب الموثقة؛ كما دفعت وحشية الحرب مشاركة إريتريا فيها قوات الجبهة إلى تعبئة الشارع ومشاركته في حرب العصابات التي مثلت عنصر الحسم في هزيمة الجيشين الإثيوبي والإريتري، وفي النهاية فإن تلك الحرب الوحشية التي شنتها إثيوبيا وإريتريا على تيجراي تسببت في ردة فعل عكسية لم يكن آبي أحمد ولا أفورقي يتوقعانها، وباتت أثيوبيا بالفعل بعد انتصار قوات جبهة تحرير تيجراي أمام نقطة فاصلة وتحول جديد ينبئ بتفككها وتحولها إلى دويلات صغيرة، تمامًا كما فعلت يوغوسلافيا سابقًا، ويبدو أن هذا السيناريو هو الأقرب، لا سيما في ظل المعطيات والتطورات المتلاحقة على الساحة الإثيوبية.

عبر دبلوماسية اللقاح.. هل نجحت الصين وروسيا في بسط نفوذهما على العالم؟

نشر موقع “تسايت” تقريرًا يتعلق باستغلال روسيا والصين لأزمة كورونا واللقاحات في تعزيز نفوذهما على الساحة العالمية، حيث تقوم كل منهما بتوفير لقاحات لأغلب البلدان الفقيرة والنامية بهدف تعزيز نفوذهما الدبلوماسي والسياسي ضمن إطار ما يطلق عليه “دبلوماسية اللقاح”. وفي هذا السياق حذرت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها هيكوماس من تحديات ومخاطر استغلال الدولتين لأزمة وباء كورونا.

صفقات اللقاح

‎يدرك الغرب، وفي مقدمته ألمانيا، أن موسكو وبكين تستخدمان صفقات اللقاحات الخاصة بكورونا لأبعاد جيوسياسية تهدف لتعزيز تأثيرهما على الصعيد العالمي على المدى الطويل. وفي هذا الإطار عقدت الدولتان اتفاقيات مع معظم بلدان العالم الفقيرة والنامية، وخاصة آسيا، لإنتاج اللقاحات وتحقيق أهداف تجارية وجيوسياسية في المقام الأول، ولذلك عادة ما تكون هذه الاتفاقيات مصحوبة بشروط اقتصادية أو سياسية.

وبعد استغلال يكين وموسكو للفراغ الذي تركه الغرب من عدم توفير اللقاح للبدان الفقيرة والنامية، وانشغاله بتحقيق الاكتفاء الذاتي أولًا، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، خلال اجتماع مجموعة العشرين في ماتيرا بجنوب إيطاليا: إن مكافحة الوباء لا ينبغي أن تُستغل لتحقيق مزايا جيواستراتيجية قصيرة المدى؛ بل يجب أن تدرك الصين وروسيا أننا يجب أن نحارب الوباء معًا؛ لأن كل واحد منا سيكون آمنًا فقط عندما نكون جميعًا آمنين، ويجب على الجميع أن يفهم ذلك.

وفي ضوء تزايد مخاوف دول مجموعة السبع G7 الكبرى من استمرار التأخير والغياب عن مواجهة دبلوماسية اللقاح من قبل الصين وروسيا، وفي ظل غياب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن مواجهة النفوذ المتزايد للدولتين، قررت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى خلال القمة الأخيرة في بريطانيا اتخاذ تدابير مضادة مع تجديد التزاماتها الخاصة تجاه الدول الفقيرة

وقدمت الصين حتى الآن أكثر من 350 مليون جرعة لقاح إلى أكثر من 80 دولة، سواء في شكل منح أو مساعدات، أو حتى عن طريق صفقات تجارية، كما قامت روسيا بنفس الشيء تقريبًا، ولذلك قادت الولايات المتحدة حملات من أجل تعليق حماية براءات الاختراع للقاحات لبعض الوقت من أجل تسريع حملة التلقيح العالمية، وتهدف هذه الخطوة إلى احتواء الدور الصيني والروسي اللتين حاولتا أن تثبتا للعالم أنهما الأصدقاء الأوفياء، وأنهما الأجدر بالعلاقات الوثيقة والحليفة مع أغلب بلدان العالم، ولذلك أعلن وزير الخارجية الألماني هيكو ماس على هامش القمة أنه مستعد لمناقشة هذا الأمر، على الرغم من رفض المستشارة أنجيلا ميركل لهذه الخطوة، وتابع ماس بأن هناك إجراءً عاجلًا يتمثل في ضرورة تسهيل عملية التوريد وزيادة وتوسيع خطوط الإنتاج في البلدان الفقيرة ثم تأتي بعد ذلك خطوة النقاش حول تعليق براءة الاختراع الخاصة باللقاحات.

وفي كل الأحوال ستبذل مجموعة العشرين أقصى ما في وسعها لتوفير اللقاحات المطلوبة، وأنه بحلول نهاية العام الحالي سيتم تسليم أكثر من مليار جرعة لقاح كورونا، وهذه الإجراءات الجديدة والسباق المحموم بين القوى العظمى في العالم يعكس الوجه الجديد للصين وروسيا اللتين تريدان تشكيل بداية حقبة تاريخية جديد تختفي فيها سيطرة دولة أو قطب على العالم.

انسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول لحماية المرأة.. خطوة أخرى للوراء

نشر موقع “تاجسشاو” تقريرًا للكاتبة “كارين سينز” تحدث عن أسباب انسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول لحماية المرأة، وموقف المعاضة التركية من الانسحاب وتأثير عملية الانسحاب على ملف انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي.

وهاجمت المعارضة التركية النظام التركي بعد إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان انسحابه من الاتفاقية واعتبرت الانسحاب خطوة للوراء وانتكاسة لحقوق المرأة في تركيا، وهي خطوة من شأنها أن توسع الفجوة بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا للانضمام إليه، وقد صرحت السيدة “جوكتشي كوكجن”، نائبة رئيس حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، بأن الانسحاب من المعاهدة يعني الإقرار ببقاء النساء التركيات مواطنات من الدرجة الثانية والسماح بتعرضهن للقتل.

وتُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن نسبة تعرض النساء الأتراك للعنف أكبر بكثير مما تتعرض له النساء الأخريات في دول الاتحاد الأوروبي. ومنذ إعلان الحكومة التركية عزمها الانسحاب من الاتفاقية وتتعالى الأصوات المعارضة للخروج من الاتفاقية وتقاتل بشدة من أجل الحفاظ على الاتفاقية التي وقعت عليها 13 دولة في عام 2011 بما فيها تركيا، لكن إعلان أردوغان في الأول من يوليو 2021 الانسحاب من الاتفاقية مثّلَ صدمة قوية لمنظمات حقوق المرأة هناك.

وتقاتل السيدة توجشي، البالغة من العمر 32 عامًا، جنبًا إلى جنب مع نساء أخريات من أجل بقاء تركيا في الاتفاقية، ولذلك تقوم توجشي بحملة كبيرة من أجل عدم الانسحاب من الاتفاقية.

توجشي، التي تعمل ناشطة وتناضل من أجل حقوق المرأة، تقول إن “النساء التركيات بحاجة للدعم والمساندة، فهنّ يتعرضن للعنف والتضييق، ليس فقط من قبل الأزواج أو الآباء؛ إنما أيضًا من قبل الحكومة التي تضيّق عليهن، بما يمثل أيضًا شكلًا من أشكال العنف؛ فأردوغان طالب قبل أيام قليلة الأتراك في خطاب متلفز بضرورة بناء الأسرة المكونة من ثلاثة أطفال على الأقل، وبصفتي امرأة بلا أطفال ولا أرغب في الإنجاب، أشعر بالضغط وهذا يمثّل لي أيضًا شكلًا من أشكال العنف”.

وتابعت توجشي بأنها مرت شخصيًّا بتجربة قاسية خلال فترة زواجها، حيث تعرضت للاغتصاب الزوجي حين كان عمرها 18 عامًا، وتابعت بأنها التحقت بالعمل في هذا المجال لتتعلم الدفاع عن نفسها وتساعد غيرها في الانضمام للحركة النسائية التي تعمل على محاربة العنف ضد المرأة وتعمل على حفظ حقوقها، وتواصل توجشي بأن العديد من التركيات تعرضن لمثل هذه الاعتداءات العنيفة، سواء من الأقارب أم من الأجانب، وأن هذا الأمر يمثّل مشكلة اجتماعية حقيقية في تركيا ساهمت الاتفاقية الدولية في القضاء عليها، حيث وفرت للمرأة ظهيرًا قويًّا من الناحية القانونية وتردع كل من تسوّل له نفسه في استخدام العنف ضد المرأة، ولهذا نحن نناضل من أجل بقائها.

مجتمع ذكوري وسلطوي

تقول السيدة “فريدة”، وهي إحدى الناشطات التركيات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، إن النظام التركي يشجع على النظام الذكوري السلطوي للأسرة، والذي لا يمكن فيه المطالبة بمساواة الرجل بالمرأة ولذلك يستغل النظام هذه النغمة السائدة في المجتمع لتحقيق مكاسب سياسية على حساب حقوق المرأة، ومن ثمّ فليس أمامنا خيار آخر غير المقاومة والاحتجاج مهما كانت العواقب، ومهما كانت التضحيات، فهذا هو السبيل الوحيد للضغط على النظام التركي وسيظل شعارنا هو: “لن نبقى صامتين، لن نخاف، وأن الأمر لم ينته بعد”.

لماذا يخشى الغرب من تزايد نفوذ التنين الصيني؟

نشر موقع “فرنكفوتر ألجماينا” تقريرًا للكاتبة “فريدريكا بويجا” لفت إلى مناسبة احتفال الحزب الشيوعي الصيني بمرور مائة عام على تأسيسه، وموقف القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي باتت ترى في التنين الصيني مصدر تهديد، ومبعثًا على القلق والخوف، لا سيما وأن النظام الصيني الشيوعي يعمل على تصدير فكرة مفادها أن الأنظمة الاستبدادية أكثر كفاءة وأكثر مقاومة للأزمات من الديمقراطيات، ومن ثمّ فالنماذج الديمقراطية الغربية في معظمها تمثل دائمًا – من وجهة نظر الحكومة الصينية – تهديدًا للأمن القومي الصيني.

ولم يعد الحزب الشيوعي الصيني اليوم حزبًا أيديولوجيًّا فحسب؛ بل أصبح حزبًا مزيجًا يجمع بين أفكار مختلفة، لكن تظل مهمته الرئيسية هي مكافحة الفساد والحرص على عدم تحدي مشاعر الطبقة الوسطى والفقراء، ومن ثمّ فالسمة الرئيسية بعد مرور مائة عام على إنشاء الحزب الشيوعي في الصين هي أن الحزب أصبح أكثر سيطرة وإحكامًا على مفاصل الدولة الصينية مقارنةً بأي وقت مضى.

ضد الغرب

تنبأ الرئيس الأمريكي “رونالد ريغان” بزوال الماركسية اللينينية وسقوطها في مزبلة التاريخ، وهو ما حدث بالفعل في حالة الاتحاد السوفيتي، لكن ذلك لم يحدث بعد مع الحزب الشيوعي الصيني الذي يحتفل هذا الأسبوع بالذكرى المئوية لتأسيسه، وقد انتهز السفير الصيني في لندن هذه الفرصة ليضع باقة من الزهور على قبر كارل ماركس، كما يقدّم زعيم الحزب الشيوعي في الصين والرئيس الصيني شي جين نفسه دائمًا على أنه الوريث الكفء للينين وستالين.

كان الشغل الشاغل للرئيس الصيني عندما وصل إلى السلطة في عام 2012 هو كيفية النجاة بالحزب الشيوعي الصيني من مصير الأحزاب الشيوعية الأخرى التي توارت وانهارت، ولكي يتمكن من هذا الأمر وضع الصين في مسار تصادمي مع الغرب.

وفي الواقع الذي لم يلعب فيه الحزب الشيوعي الصيني دورًا بارزًا في الصين، استخدم شي مجموعة أدوات لينين وستالين وماو لإنشاء نظام تعمل فيه الأيديولوجيا على التحكم في الأفكار والخطاب، وبدأ يضيق الخناق شيئًا فشيئًا على رافضي هذه الأفكار، ولا تزال الدولة الصينية تتبنى هذه الاستراتيجية حتى اللحظة، ولذلك تتهم الصين الولايات المتحدة دائمًا بأنها تمارس الحرب الباردة ضدها، وقد أعلن الرئيس الصيني صراحةً قبل تسعة أعوام أن القيم الغربية في العلوم والإعلام والفنون والمدارس تشكّل تهديدًا للأمن القومي. وفي المقابل لا يخشى الغرب فقط من تمدد الفكر الشيوعي الصيني وتصديره إلى دول العالم بما يمثل ذلك من مخاطر على الدول الرأسمالية الغربية الرأسمالية، كما فعلت الشيوعية الدولية (الكومنترن) سابقًا، لكن خوف الغرب يرجع في الأساس إلى القلق بسبب الممارسات الفعلية للحكومة الصينية ودعمها للنظم الاستبدادية في العالم، حيث تضغط بكين على المنظمات الدولية من أجل نظام عالمي جديد لا ينبغي أن تلعب فيه حقوق الإنسان دورًا، وبذلك يخالف شي سياسة زعماء الحزب السابقين فيما يتعلق فيما بالحذر تجاه السياسة الخارجية والتركيز على التطورات الداخلية، غير مبالٍ بموقف أمريكا أو أوروبا أو الهند أو أستراليا أو أي دولة أخرى.

وقد انتهز شي فرصة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب، بالإضافة إلى أزمة وباء كورونا لمحاولة تغير الميزان لصالحه والحرص على الوقوف في وجه الغرب الذي أصبح مصدرًا جديدًا لشرعية الحزب في عهده ومخرجًا بديلا للهروب من تحقيق الوعود بالتقدم الاجتماعي الذي يشكك فيه الكثيرون.

وبعد تجاوزات العنف في حقبة “ماو تسي تونغ”، أول رئيس للجمهورية الصينية، وافقت النخب السياسية على نزع فتيل صراعاتها على السلطة من خلال الاشتراكية والقيادة الجماعية والتغييرات المنظمة، ومهّدت البراغماتية ونزع الأيديولوجية والتحرير الاقتصادي والانفتاح على الغرب الطريق لمعجزة اقتصادية غير مسبوقة، وتمكن مئات الملايين من تخطي الفقر بهذه الطريقة، لكن الازدهار الاقتصادي الجامح أدى في نفس الوقت إلى الفساد وعدم المساواة الاجتماعية، وعندما وصل “شي جين بينغ” إلى السلطة لاحظ أن الحزب في أزمة شرعية تهدّد وجوده، وكان يخشى من تكرار ما حدث في الاتحاد السوفيتي وأدى في النهاية إلى انهياره وضياع المبادئ الشيوعية وضعف رجال الحزب الاشتراكي، ولذلك أعاد شي النظر في العديد من الأيديولوجيات المختلفة، وعمل على تركيز كل السلطة في يديه حتى بات من الصعب تصور خليفة له أو بديل حال غيابه لأي سبب من الأسباب.

وقد لعب خوف الصينيين من عودة الفوضى بعد الاضطرابات الوحشية في حقبة ماو والحروب الأهلية السابقة دورًا مهمًّا في التفاف الشعب الصيني حول الحزب الذي يَعِد شعبه بالرخاء والاستقرار، لكن “شي جين بينغ” خالف مبادئ الحزب الشيوعي التي تؤكد أن الرئيس هو ممثل الشعب، لكنه ليس الزعيم الأوحد الذي يتوقف مستقبل الشعب على وجوده في السلطة، وهو ما بنطبق على حالة شي الذي يتم إجلاله أكثر من العقل والبراغماتية وتوازن المصالح، فقد بات يتحكم حتى في صناعة التكنولوجيا الفائقة المبتكرة، التي ساهمت كثيرًا في النجاح الاقتصادي للصين، وبات هو الشخص الوحيد والزعيم الأوحد الذي يحدد السياسة الخارجية للبلاد، وهو ما يضر بصورة بكين ويزيد من المخاطر التي يمكن أن تواجهها الصين حال استمرار هذه السياسة السلطوية للحزب الشيوعي.

ربما يعجبك أيضا