الصحافة الفرنسية| الإمارات تبدأ تطعيم الأطفال من سن الثالثة.. وحزب النهضة التونسي يواجه خطر البقاء

ترجمات رؤية

ترجمة – فريق رؤية

هل تغادر فرنسا نفق كوفيد-19 في ديسمبر المقبل؟

استعرض موقه “إل سي إي الإخباري” مخاوف الفترة الحرجة التي تشهدها فرنسا بانتظار بلوغ المناعة الجماعية. فبينما يواصل الوباء تراجعه في فرنسا، لا تزال هناك مخاوف من حدوث موجة رابعة محتملة خلال الصيف أو بعده. لكن الخروج من الأزمة مع اقتراب فصل الشتاء بات منطقيًّا بشكل متزايد، وفقًا لخبراء الصحة مثل أوليفييه فيران.

ومع تراجع الموجة الثالثة في فرنسا وأوروبا، هل يمكن أن نتوقع أن تكون هي الموجة الأخيرة أم أننا على العكس من ذلك بانتظار موجة رابعة؟ في الوقع، إذا كان تفشي الفيروس ينخفض بشكل واضح في فرنسا منذ أربعة أسابيع، لكنه بعيد كل البعد عن الاختفاء في ظل تسجيل حوالي 14 ألف حالة جديدة يوميًا في المتوسط.

وفي هذا السياق، انطلقت المرحلة الثانية من خطة تفكيك الحجر الصحي رباعية المراحل التي أعلنها الرئيس ماكرون نهاية أبريل الماضي، مع افتتاح الردهات والأماكن الثقافية. ومن المقرر أن يتم إعادة فتح المقاهي والمطاعم الداخلية في 9 يونيو المقبل، واعتماد إجراءات أقل صرامة وبدأ حظر التجول في الساعة 11 مساءً، قبل أن يتم إلغائه نهائيا في 30 يونيو في حال سمح الوضع بذلك، وتعدّ بعض المراحل حساسة بشكل كبير، حيث من المقرر الخروج من الأزمة مع دخول فصل الشتاء المقبل.

الصندوق الأسود من الآن وحتى سبتمبر

ومنذ أيام، ذكر البروفيسور جيلبرت ديراي، رئيس قسم الأعصاب بمستشفى بيتييه سالبيتريير بباريس، أن هذا الموعد النهائي، وقال “أنا واثق جدًا من نهاية الوباء، بصرف النظر عن المتحور الجديد الذي سيكون مقاومًا للقاح بين شهري سبتمبر وديسمبر”. وتابع: “الفترة التي تقلقني ليست شهر أكتوبر، عندما سنكون انتهينا من اللقاحات، بل الفترة من الآن وحتى بلوغ ذلك الشهر. وما أنتظره هو هذا الصندوق الأسود الذي يحمله الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة، من الآن وحتى شهر سبتمبر. وأنا لا أعرف ما الذي سيحدث لأننا في سباق سرعة بين التطعيم والوباء. ويجب الانتباه إلى أن الحصانة الجماعية تحدث عند بلوغ نسبة 80%، وإذا تجمدنا عند نسبة 60%، مثل بعض البلدان، فإننا نخاطر بحدوث موجة جديدة”، وشجع ديراي على المحافظة على ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي.

ولم يفوت رئيس اللجنة الطبية لمستشفيات باريس، ريمي سالومون، الفرصة في التعبير عن “شعور مختلط” على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي تعليقًا على صور “أناس سعداء في إحدى الردهات، لكنهم قريبون جدًّا من بعضهم البعض”. وتساءل: “هل سنبقى هكذا؟ ألا يجب أن نكون أكثر حرصًا ونحافظ على مسافة أطول قليلًا خوفًا من عودة الوباء التي ستكون دراماتيكية؟”. من جانبها تشاركه ميرسيا سوفونيا، المحاضر في علم الأوبئة بجامعة مونبلييه نفس التحفظات، وتوضح لوكالة الأنباء الفرنسية أنه “على المدى القصير، هناك أسباب تدعو للتفاؤل، ولكن في 30 يونيو، سنبدأ حالة من تخفيف الإجراءات على نطاق واسع، ومن السابق لأوانه التنبؤ بتبعاتها”.

العامون بالصحة يواجهون حالة الغضب تجاه التصريح الصحي

وفي السياق، انتقدت جريدة “ليكسبريس” الهجوم على الصيدليات وإحراقها، وتخريب مراكز التطعيم وخيام الفحص، فبعد أن كان يتم الإشادة بهم خلال فترة الحجر الصحي الأولى، بات العاملون بالقطاع الصحي الآن محلًا للاستهداف تعبيرًا عن الاستياء من التصريح الصحي. وبالنسبة لعالمة الاجتماع ديبوراهريد، فإن هذه المهن تجد نفسها مرة أخرى في المواجهة، وتواجه الغضب الذي يستهدف بالدرجة الأولى الدولة التي “لا يمكن استهدافها”.

وبعد أن صدر مؤخرًا بعد ساعات قليلة من مصادقة المجلس الدستوري عليه، سيتم توسيع نطاق تطبيق الإجراء المهم والمثير للجدل الذي ينص عليه قانون مكافحة تفشي وباء كوفيد-19، والخاص بالتصريح الصحي الذي يشمل التطعيم الكامل، واختبار كوفيد-19 السلبي أوشهادة الشفاء منه، على وجه الخصوص ليشمل المقاهي والمطاعم والطائرات والقطارات وحافلات الرحلات الطويلة. ويقابل هذا الإجراء باعتراض الفرنسيين المناهضين لهذا التصريح أو المعارضين للقاحات، حيث أطلقوا دعوات جديدة للتظاهر بعد أن نجحوا من قبل في 31 يوليو الماضي في جمع أكثر من 200 ألف متظاهر في جميع أنحاء فرنسا، وفقًا لوزارة الداخلية.

وفي ذلك اليوم، وصف المتظاهرون في مونبلييه صيدليًّا يجري اختبارات في الشارع بأنه “متعاون” و”قاتل”. وفي الليلة التالية، أضرم المتظاهرون النيران في صيدلية في منطقة فور دو فرانس. وفي ليلة 18 يوليو، دمر حريق متعمد سرادقًا يضم مركزًا للتطعيم ضد كوفيد-19 في بلدة أوروني، وفي اليوم السابق، خرّب متظاهرون مركزًا للتطعيم في مدينة لانس أون فيركورز، وتم وضع علامات على المبنى ضد اللقاحات، كما تعرضت مباني نقابة الممرضات في تولوز للتخريب، ورُفعت شعارات مضادة للتصريح الصحي.

عنف وترهيب

وشهد يوم 31 يوليو الماضي “انفجارًا مفاجئًا للعنف” ضد الصيادلة، حيث شجبت النقابة الوطنية للصيادلة واتحاد نقابات الصيدلة في فرنسا، واتحاد نقابات صيادلة الضباط، والرابطة الوطنية لطلاب الصيدلة في فرنسا هذا العنف. من جانبها، أدانت نقابة الأطباء أعمال العنف والترهيب ضد الأطباء والصيادلة وغيرهم من العاملين بقطاع الصحة وموظفي المؤسسات أو مراكز التطعيم.

وترمز الصيدليات ومراكز التطعيم إلى التصريح الصحي الذي صار إلزاميًّا للتمكن من ممارسة عدد كبير من الأنشطة؛ ما قد يؤدي إلى خلق توترات جديدة. وأكدت وزارة الداخلية خلال المظاهرات، التي اتسمت أيضًا بالعنف ضد الشرطة والصحفيين، أنه “يمكن للمحافظ أن يتخذ بعض الإجراءات عند وجود صيدليات على طريق التظاهرة”.

وبالنسبة إلى ديبوراريدل، الباحثة بالدكتوراه في علم الاجتماع بجامعة ليل والتي درست العنف المرتكب في خدمات الطوارئ، فإن “مقدمي الرعاية العاملين في الخطوط الأمامية، لا سيما في المستشفيات العامة، يُعدّون في نظر عدد كبير من الناس جزءًا من السكان، ويقول الباحث: “تشبه هذه الأشكال من الاحتجاج مطالب حركة السترات الصفراء التي تتحدى الحكومة بعيدة جدًا عن اعتباراتهم”.

وظهرت العديد من السترات الصفراء بين صفوف المتظاهرين، حيث شارك أحد رموزهم وهو جيروم رودريغيز، الذي أصيب في عام 2019 بنيران قنبلة يدوية خلال إحدى المظاهرات التي شهدت تجمع بضع مئات من الأشخاص أمام أبواب المجلس الدستوري في باريس. وأفاد أحدث تقرير صادر عن المرصد الوطني للعنف في الأوساط الصحية بتسجيل أكثر من 20 ألف حالة “اعتداء على الأفراد” في عام 2018، أي قبل الأزمة الصحية، ومعظم الضحايا كانوا من مقدمي الرعاية بنسبة بلغت 77٪، بينما كانت غالبية الجناة من المرضى بنسبة 71٪.

لتحقيق المناعة الجماعية.. الإمارات تبدأ التطعيم من سن ثلاثة أعوام

أبرزت صحيفة “فرانس سوار” الجهود الإماراتية لتحقيق المناعة الكاملة لجميع سكانها فبعد مرحلة تجريبية قصيرة، وافقت الإمارات على تعميم لقاح سينوفارم المضاد لكورونا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا.

وبعد الموافقة في مايو الماضي على استخدام لقاح فايزر بيونتيك بشكل طارئ للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، أعلن وزير الصحة ووقاية المجتمع الإماراتي عبد الرحمن بن محمد العويس عن استخدام لقاح سينوفارم على وجه السرعة، للأطفال من سن 3 سنوات، حيث مر هذا اللقاح بمرحلة الاختبار التي تضمنت تجارب سريرية وتقييمات مكثفة منذ يونيو الماضي. وقال الوزير: “هذا يعني الآن أن جميع أفراد الأسرة سيكونون محصّنين ضد الفيروس”. وقال أولياء الأمور في مقابلة مع صحيفة الخليج تايمز إنهم يؤيدون تطعيم أطفالهم لأنه سيضمن فتح المدارس والكليات، وإنعاش قطاع السفر والسياحة، وإعادة بناء الاقتصاد والسماح لأسرهم بأن يعيشوا حياة طبيعية.

الصين الموزع الأول عالميًّا للقاحات الأطفال المضادة لكورونا

وبدأت دبي، ثاني أكبر إمارة في الدولة الاتحادية الإماراتية، في تحصين الأطفال من سن 3 سنوات في يونيو الماضي. فلقاح سينوفارم ليس المصل الصيني الأول ضد كوفيد- 19 الذي يتاح منذ شهر يونيو، حيث سبق أن جرى التصريح بالاستخدام الطارئ للقاح سينوفاك بيوتك لنفس الشريحة العمرية. وبذلك أصبحت الصين أول دولة في العالم توزع اللقاحات على الأطفال الصغار.

إسبانيا ترحيب باللقاحات.. ولا داعي لتطعيم الأطفال

وبينما تحلم الحكومة في فرنسا بفرض التطعيم من سن 12 عامًا دون القلق بشأن علاقة التوازن بين الفوائد والمخاطر على للسكان، تقوم إسبانيا، الدولة الأقل إحجامًا عن اللقاحات في أوروبا بنسبة بلغت 4٪، والمصنفة بين الدول الأكثر تقدمًا في العالم من حيث نسبة التطعيم، بتطعيم الأطفال الذين يشكلون 11٪ من السكان، لتحقيق مناعة قطيع بنسبة 100٪، وهذا لا يخلو من طرح بعض الإشكالات الأخلاقية، حيث نشرت جريدة الباييس الإسبانية مقالًا يوضح حدود هذه الاستراتيجية. وقد يكون من الضروري الطعن في هدف بلوغ المناعة الجماعية، لأن كوفيد-19 وعلى العكس من الأوبئة الأخرى، يتكون من العديد من السلالات المتحورة، وعدم تطور اللقاحات بشكل سريع يجعل من الصعب تحقيق المناعة الجماعية.

ومن أجل تحقيق نسبة مناعة جماعية تصل إلى 100٪ تقريبًا، من الضروري تطعيم الأطفال أيضًا. لكن في هذه الحالة، تنخفض العلاقة النسبية بين مخاطر اللقاحات وفائدتها، لأن شدة المرض تنخفض أيضًا لدى الشباب. وفي بلدان مثل إسبانيا أو الإمارات العربية المتحدة، التي تسعى إلى تحقيق مناعة جماعية من خلال تطعيم الأطفال، فإن الاستراتيجية تصبح موضع تساؤل عند النظر إليها من منظور عالم يتسم بالعولمة وتعاني فيه دول مثل الولايات المتحدة أو إسرائيل من الجمود في تحقيق أهداف التطعيم. وتظل الدول غير الغربية الأخرى بعيدة جدًا عن أهدافها، بينما في أماكن أخرى، مثل المملكة المتحدة، قررت الحكومة عدم تطعيم الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا والمراهقين ضد فيروس كوفيد-19 إلا إذا كانوا معرضين للخطر، أو إذا كانوا يعيشون مع شخص يعاني من نقص المناعة.

تونس تثور على المعقل الإسلاموي

وفي الشأن التونسي قالت جريدة “كوزير” إن الرئيس التونسي قيس سعيد اعتمد على الدستور للإطاحة بحزب النهضة الإسلامي واستعادة السلطة في البلاد، واليوم بات يظهر على أنه الفائز على هذه الحركة التي تسعى إلى تطهير تونس من الفساد. وتختلف تونس ما قبل 25 يوليو عما بعدها، فهذا التاريخ أكثر بكثير من مجرد تقويم بسيط، حيث يناسب هذا اليوم الاحتفال بيوم الجمهورية لدى أجيال استقلال البلاد وإحياء الذكرى الثامنة لاغتيال زعيم التيار الوطني الراحل محمد براهمي، الذي اغتيل برصاصة أمام منزله في عام 2013 على يد إرهابي يزعم أنه جزء من التنظيم الجهادي.

أزمة اجتماعية

وشهدت البلاد في هذا العام أسوأ أزمة متعددة الأوجه في تاريخها منذ عقود، حيث أظهرت السلطة التي كانت في قضبة الإسلامويين وحلفائهم من حزب قلب تونس العلماني كل علامات الإنهاك وعدم القدرة على تلبية توقعات السكان المنعزلين بسبب الوباء وانعكاساته على الاقتصاد، وبالأخص عدم كفاءتهم. فالوفيات اليومية الكثيرة بسبب وباء كوفيد-19 في المستشفيات المتداعية، والزيادة المقلقة في معدل البطالة بين صفوف الشباب، والتهديدات المستمرة لقدرة الحكومة على ضمان دفع رواتب موظفي الخدمات المدنية، والفوضى تحت قبة البرلمان، قادت مجموعات من مستخدمي الإنترنت من الشباب إلى الدعوة إلى انتفاضة “لطرد الإسلامويين وحلفائهم الأشبه بالمافيا”.

وبادر بهذه الدعوات لانتفاضة ضد البرلمان و”النظام” عدد كبير من النشطاء الذين يديرون مجموعات مغلقة على شبكات التواصل الاجتماعي تضم مئات الآلاف من المشتركين، معظمهم من الشباب والحاصلين على مؤهلات جامعية. وفي مواجهة هذا النشاط الذي كان ينتشر على هامش المؤسسات والأحزاب ذات التواجد الإعلامي والمؤسساتي، لا يمكن للقادة السياسيين الاعتماد على استطلاعات الرأي التي فشلت في سياق اتسم بغياب أي تشريع بهذا الشأن، في تشويه سمعة ما أطلقوا عليه اسم “الدعوات الفوضوية لتفكيك المؤسسات وزعزعة استقرار العملية الديمقراطية”.

وقبل ساعات قليلة من صباح يوم 25 يوليو 2021 الحاسم، تمكن عدد قليل من المراقبين من التنبؤ بمدى التعبئة وأهمية مشاركة المتظاهرين في دعوة رسامي الرسوم المتحركة على صفحات فيسبوك. وفي اليوم السابق، حث عددٌ من قادة الأحزاب السياسية أتباعهم على البقاء في منازلهم والامتناع عن المشاركة في “مؤامرة الربيع العربي الثاني”.

غير أن العديد من الشخصيات البارزة، لا سيما من الأوساط الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، دعت إلى التظاهر والمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة بموجب قانون الاقتراع الجديد. ومن الواضح أن البلاد شهدت عشية المظاهرات انقسامًا عميقًا للغاية وتطرفًا في المواقف، التي لا تتوافق خطوطها الفاصلة بالضرورة مع الاصطفافات الكلاسيكية للخريطة السياسية.

حزب النهضة يتبخر!

وتبين أن النظام الأمني ​​المذهل الذي نشرته الحكومة وتطويق العاصمة بعشرات الآليات المدرعة للسيطرة على المداخل وإفشال تعبئة المتظاهرين، لا يتناسب وطبيعة الاحتجاجات التي اتسمت باللامركزية، حيث انتشرت التظاهرات في جميع المدن والجهات المحلية، والتقى المشاركون أمام مقر حزب النهضة الإسلامي الذي تعرض معظمه للنهب.

وفي باردو، قامت الحشود بعدة محاولات لاقتحام الساحة المقابلة لمبنى البرلمان حتى تم طردهم باستخدام الغاز المسيل للدموع، وفشل العشرات من أعضاء حزب النهضة الذين حاولوا تنظيم اعتصام أمام البرلمان في مقاومة الاحتجاجات بمسيرات المتظاهرين وانسحبوا تحت حماية وحدات مكافحة الشغب.

وفي جميع أنحاء البلاد، لم يكن هناك أي رد فعل للمقاومة أو الدفاع عن مقار الإسلامويين، وكأن الحزب قد اختفى فجأة، كما تعكس عدم استجابة حزب النهضة وتكاثر الانقسامات الداخلية التآكل العميق الذي أثر على شعبية الحزب وانحلال تنظيمه بعد عقد من صعوده إلى السلطة.

قيس سعيد الفائز الوحيد

وبينما كان التونسيون يشهدون انهيار الائتلاف الحاكم وعجز الحكومة عن احتواء الاحتجاجات في عموم البلاد في مساء يوم 25 يوليو، أمر الرئيس قيس سعيد الذي فاز في خريف 2019 بأكثر من 72٪ من أصوات الناخبين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بتطبيق المادة 80 من الدستور، التي تنص على نقل صلاحيات السلطة التنفيذية إلى رئيس الدولة، وتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة البرلمانية عن جميع النواب. ويعد هذا القرار بمثابة توجيه الضربة القاضية على البرلمان الذي خضع العديد من أعضائه للمقاضاة لأسباب مختلفة، مثل الدعم العام أو النشط للمؤسسات الإرهابية، وغسيل الأموال، وخرق التشريعات الخاصة بتمويل الحملات الانتخابية. ويرى قسم كبير من المواطنين الحصانة البرلمانية على أنها هجوم على العدالة والمساواة، حيث ارتكب النواب العديد من الانتهاكات لحقوق وقوانين البلاد عن عمد وأمام الكاميرات وأفلتوا تمامًا من العقاب.

وحظيت القرارات الرئاسية بمظاهرات دعم في جميع أنحاء البلاد، وأصبح من الواضح أن الفاعل الوحيد في الساحة السياسية الذي استعاد الانتقام الشعبي المناهض للنهضة هو الرئيس قيس سعيد. في الواقع، بفضل الأحكام الدستورية الاستثنائية الجديدة، تولى رئيس الدولة السلطة التنفيذية بأكملها ومهّد الطريق لاعتقال بضع عشرات من النواب المنتمين بشكل أساسي إلى كتلة برلمانية مقربة من حزيب النهضة والتيار الجهادي.

 وبفضل اعتقال واستقالة النواب المقربين منه سيحاول الرئيس تجربة النظام الهجين الذي وضعه دستور 2014. وبعيدًا عن كونه قرارًا بسيطًا أملته الظروف، يُعدّ رفض النظام مطلبًا عير محبب لقيس سعيد، فمن خلال العمل بالتنسيق مع القوات المسلحة، التي أظهرت له ولاءً تامًا منذ توليه الرئاسة والأحزاب السياسية ذات العقيدة الثورية أو الراديكالية، سيحاول سعيد تصحيح سياسات مكافحة الوباء، ومحاربة آفة الفساد وإبعاد رجال الأعمال عن الساحة السياسية وتحسين الوضع المزري للمالية العامة، ويجب تحقيق كل هذه الأهداف قبل بدء سلسلة الاستفتاءات بهدف إعادة تشكيل الهيكل والبنية المؤسسية للسلطة في البلاد، وهذا يعني تعزيز دور الرئيس وصلاحياته على حساب البرلمان.

ربما يعجبك أيضا