الصحافة الفرنسية | الموجة الرابعة من جائحة كورونا تُقلق باريس.. والإرهاب تهديد ذو أوجه متعددة

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

كوفيد 19 في فرنسا.. الموجة الرابعة تهدّد والحكومة تقلق

أشار موقع راديو فرنسا الدولي إلى حجم القلق الفرنسي من عودة وباء كورونا للتفشي، مع التزايد اليومي لتفشي المتحور دلتا في عدة مناطق، حيث تدرس الحكومة تدابير لتشجيع الفرنسيين على تلقي التطعيم. فبعد أسبوعين ونصف من رفع القيود الأخيرة، ارتفعت أعداد الإصابات؛ ما أثار مخاوف من موجة رابعة في سبتمبر المقبل، أو حتى قبل ذلك. وتستمر أعداد الإصابات في الزيادة لليوم العاشر على التوالي؛ حيث أعلنت هيئة الصحة العامة الفرنسية يوم الأربعاء الماضي 4081 حالة إصابة جديدة.

كما ارتفع معدل الإصابة على المستوى الوطني، أي عدد الحالات لكل مائة ألف نسمة، من 23 إلى 24 حالة، كما زاد معدل إيجابية الاختبارات بشكل طفيف. وفي باريس، وصل المعدل إلى 54، مع ملاحظة سيادة المتحور دلتا. في الواقع، تُعدّ هذه الزيادة في التلوث ملفتة للنظر بشكل خاص بين الشباب. ففي أسبوع واحد، تضاعفت تقريبًا أعداد الإصابات بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عامًا.

إقناع الرافضين

وفي وزارة الصحة الفرنسية، يراقب الوفد المرافق لأوليفييه فيران بشكل خاص تطور الوباء في المملكة المتحدة؛ حيث يتزايد تفشي المتحور دلتا، ويحذر أحد مستشاري الوزير قائلاً: “يمكن أن ينتهي بنا الحال إلى وضع مثيل”. لذلك تزيد الحكومة من الدعوات إلى “التطعيم الشامل”. وإذا كانت مواعيد التطعيم آخذة في الازدياد بعد أسبوعين من التراجع، فإن لدى السلطة التنفيذية بعض الدلائل لإقناع الرافضين.

 ويبدو أن التطعيم الإجباري لمقدمي الرعاية قد أُنجز، ولكن هناك تدابير أخرى مطروحة على الطاولة: كالاختبارات الإلزامية، أو الالتزام بالتلقيح للذهاب إلى المطاعم أو المتاحف، أو حتى، وهو الأمر الأكثر جرأة، اللجوء إلى نظام الياناصيب، كما هو الحال في الولايات المتحدة.

ومن المقرر أن يتحدث رئيس الوزراء جان كاستكس عن ذلك الموضوع أمام جمعيات النواب المنتخبين، أما الحكومة فتريد أن تتحرك بسرعة، حتى لا يتفوق عليها المتحور دلتا، ومن الممكن تبني إجراءات جديدة في مجلس الوزراء.

الإرهاب.. تحدي التهديد ذي الأوجه المتعددة

وسلطت جريدة “ماريان” الضوء على نوع آخر من التهديدات بالمجتمع الفرنسي حاليًا. فبعد مرور خمس سنوات على أحداث 13 نوفمبر 2015، لا يزال الخطر الإرهابي مرتفعًا جدًّا في فرنسا. لكنه غيّر شكله جزئيًّا، مثلما أظهرت الهجمات الثلاث الأخيرة في باريس، وكونفلانس سانت أونورين ونيس، بحيث أصبح من الصعب إحباطها.

 ومرة أخرى بلغ التهديد الإرهابي بعد خمس سنوات من هجمات 2015 الجماعية، والتي خلفت 130 قتيلاً وأكثر من 400 جريح في باريس وسان دوني، مستويات جديدة في البلاد، في حال أردنا تخيل المستوى الذي وصلت إليه خطة “فيجيبيرات” الأمنية عندما رفعت حالة التأهب إلى درجة “طوارئ هجمات” في 29 أكتوبر، في أعقاب الهجوم على كنيسة نيس.

والمأساة التي وقعت بالاعتداء بواسطة ساطور جزار على شخصين في شارع نيكولاس أبيرت بباريس في 25 سبتمبر، وقطع رأس معلم التاريخ والجغرافيا صموئيل باتي في 16 أكتوبر أمام مدرسته بكونفلانز سانت أونورين.. كان لهذه السلسلة من الأعمال الإرهابية، التي جرى تنفيذها باستخدام أدوات بدائية، أثرها المتناسب عكسيًّا مع حجم القوات المنتشرة على الأرض.. فهل باتت هذه الأنواع من الهجمات الآن هي ما ينطوي عليه التهديد الإرهابي؟ وهل أصبحت الهجمات واسعة النطاق مستبعدة؟ وكيف يمكننا قبل أي شيء مواجهة هذا الخطر غير المستبعد، دون الإضرار بسيادة القانون لدينا؟ فيما يلي عرض لهذه المعادلة متزايدة التعقيد..

إلى أي مدى وصل التهديد؟

منذ صدمة هجمات 13 نوفمبر 2015، تباينت شدة المخاطر التي يشكلها الإرهاب الإسلاموي على فرنسا، لكنها لم تختف تمامًا. فوفقًا لمصدر أمني في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: “ربما كان لدينا انطباع بأن هذه المخاطر تراجعت بسبب ظهور قضايا أخرى، مثل السترات الصفراء وكوفيد، لكن في الواقع، توضح الأرقام أن المخاطر ظلت مرتفعة منذ عام 2015”. والأرقام تتحدث عن نفسها: ففي خمس سنوات، جرى تنفيذ ما لا يقل عن 20 هجومًا على الأراضي الفرنسية، ونجحت أجهزة المخابرات في إحباط 61 هجومًا آخر. من جانبه، قال وزير الداخلية جيرالد دارمانين في وقت سابق: “هناك 8500 شخص يخضعون إلى رقابتنا الإدارية بشكل يومي”. وأضاف الوزير “لكن بغض النظر عن أولئك الذين نراقبهم، هناك تطرف ذاتي لأشخاص لا نعرفهم، وهو أمر مقلق للغاية”، واعترف بأن إمكانية منع هجوم مثل هجوم شارع نيكولاس أبيرت، على سبيل المثال، كانت “تقريبًا صفر”. ومنذ ذلك الحين، تعرضت فرنسا للهجوم في مناسبتين أخريين؛ ما كاد يصيب بلدًا بأكمله بالصدمة. لكن تم تفسير ذلك بالسياق المتوتر بشكل خاص منذ بدء محاكمة هجمات يناير 2015، وإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد.

 استخبارات من أجل المعركة؟

وفي مواجهة هذا التهديد الجديد، هل يرقى رد الحكومة إلى مستوى المهمة؟ وهل تمتلك الأجهزة الأمنية الوسائل لمحاربة عدو بمثل هذه التشكيلات المتنوعة والمراوغة في بعض الأحيان؟ يعتقد المحقق الفرنسي “مارك تريفيدتش” أن المخابرات الفرنسية أحرزت تقدمًا لا يمكن إنكاره منذ عام 2015 لمراقبة الشبكات المنظمة. لكن عندما يتعلق الأمر بالأفراد، يصبح الأمر غير فعّال تقريبًا، حيث يمكنها فقط الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد أولئك الذين أعلنوا عن نواياهم في الشروع في العمل الإرهابي إذا فعلوا ذلك … “

وبالنسبة لأنتوني كايلي، رئيس نقابة الشرطةCGT ، لم تتعاف المخابرات الفرنسية بعد من الإصلاح الشامل الذي نفذه نيكولا ساركوزي في عام 2008، وأعرب عن أسفه قائلًا: “لدينا الآن آلاف الأوراق التي تسير في اتجاهات مختلفة بلا علاقة بينها وبين بعضها البعض. فمحققو المخابرات الإقليمية يعتمدون على مراكز الشرطة، وليس لديهم ميزانيتهم ​​الخاصة، وغالبًا ما يتم خدمتهم بشكل متأخر”. هذه الملاحظة حظيت أيضًا بتأييد النائب “ستيفان بيو”، حيث قال: “وراء الكلمات العسكرية، أضعف ساركوزي هذا القطاع بشكل كبير. فهو كان يحلم بمكتب تحقيقات فيدرالي فرنسي، يقوم على تكنولوجيا من شأنها درء أي ضربة … لكن المطلوب كان الأشخاص والتنسيق بين الخدمات”. وهذا ما يؤكده تحليل للهجمات التي جرى إحباطها على الأراضي الفرنسية منذ عام 2015 والذي أظهر أن 98٪ منها تعود إلى عامل الذكاء البشري. وتقول الحكومة أيضًا إنه لتعزيز هذه الأجهزة، جرى تعيين ألف فرصة عمل منذ عام 2017. أليس هذا كافيًا؟!

 إلى أي مدى ينبغي تعزيز الترسانة التشريعية؟

لا تخفي السلطة التنفيذية رغبتها في التشريع. بدءًا من تمديد قانون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب (سيلت)، الذي تم تبنيه في أكتوبر 2017 ليحل محل حالة الطوارئ، إلى ما بعد 31 ديسمبر 2020. ويحتوي نص هذا القانون على العديد من الأحكام المثيرة للجدل، مثل إمكانية تنفيذه، بناءً على افتراضات بسيطة، وبدون رقابة قضائية، وإتاحة عمليات تفتيش المنازل وإغلاق أماكن العبادة. فهل نحن أما نظام طوارئ دائم؟ تميل الدول الغربية إلى تنحية السؤال الرئيسي جانبًا، وهذا السؤال هو: هل الإجراء الذي أتخذه سيساعد في محاربة الإرهاب أم، على العكس من ذلك، سيشجع التلقين؟ يقول القاضي تريفيديتش، من الواضح أن عددًا من الإجراءات التي اتخذت باسم مكافحة الإرهاب قد غذت الإرهاب: كالتفجيرات العشوائية، والسجون بلا حقوق مثل أبو غريب، والإجراءات الإدارية غير المتمايزة، كما يمكن أن تؤدي الحرب ضد الإرهاب، التي لا تتناسب مع حجمها، إلى نتائج عكسية. “

وقدمت الحكومة نصًّا آخر وهو: مشروع قانون مناهضة “الانفصالية”، الذي أعيدت تسميته مؤخرًا إلى القانون “تعزيز العلمانية والمبادئ الجمهورية”، والذي يجب تقديمه إلى مجلس الوزراء في 9 ديسمبر المقبل. في الواقع، هذه ترسانة من الإجراءات المتباينة لا تزال بحاجة إلى توضيح. يقول ستيفان بيو: “لقد لاحظنا المصطلحات الجديدة، ويبدو لنا أنه من مشاريع الدفاع عن العلمانية. لكننا لا نربط بالضرورة بين هذه المعركة والحرب ضد الإرهاب”. وبالنسبة لمارك تريفيدتش، “لن يكون العمل على الأراضي الفرنسية وحدها كافيًا؛ لأن الإرهاب مشكلة عالمية”.

ماذا نفعل مع المفرج عنهم؟

هذا من أصعب الأسئلة في الوقت الحالي، حيث يجري إطلاق سراح نحو 40 سجينًا أدينوا بارتكاب “إرهاب إسلاموي” أو من المقرر إطلاق سراحهم. وسيخرج حوالي 150 آخرين خلال السنوات الثلاث المقبلة؛ لذا تعد الحكومة الآن بتمديد عمل الأجهزة الموجودة حاليًا. ويحذر القاضي تريفيدتش قائلًا: “يجب الحذر من المساس بسيادة القانون لدينا. فهؤلاء الذين تركوا العمل يشكّلون تحديًا حقيقيًّا بالطبع. لكن هذا لا يعني أن علينا التخلي عن قيمنا.. الإرهاب يهدد بقتل المزيد في المستقبل، لكن أقل بكثير من جرائم القانون العام؛ دعونا لا ننسى ذلك”.

حرب المياه قادمة بين إثيوبيا ومصر والسودان

من جانبها أبرزت جريدة “لوبوان” أزمة سد النهضة الإثيوبي؛ حيث تعتبر أديس أبابا سد النهضة الضخم، الذي تبلغ طاقته الإجمالية 74 مليار متر مكعب من المياه، ويجري إنشاؤه منذ عام 2011 وحتى الآن عند منبع النيل الأزرق عبر إثيوبيا، مشروعًا موحدًا للأمة في مواجهة الخصوصيات الإقليمية وخطر التفكك، حتى أصبح استكمال السد أولوية سياسية لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019 بعد أشهر من الحرب في إقليم تيغراي. يقول كوستانينوس بيرهوتيسفا كوستانينوس، الأستاذ بجامعة أديس أبابا: “إن السد عامل موحد للإثيوبيين وسط كل هذه الصراعات العرقية. لذلك فمن المهم للبلاد وقادتها استكمال بناء السد في الموعد المحدد”.

ومنذ ما يقرب من عشر سنوات، كافح هذا المشروع للنجاح بسبب التوترات مع مصر والسودان الخائفتين على مواردهما المائية، ورفض البلدان مؤخرًا مبادرة إثيوبيا لبدء المرحلة الثانية لملء السد دون اتفاق مسبق وتوجها إلى مجلس الأمن الدولي.

ملء ثان في الأفق

وبالفعل، أعلنت مصر مؤخرًا أنها تلقت إخطارا من أديس أبابا ببدء المرحلة الثانية من ملء السد. وفي اليوم التالي، قال السودان إنه تلقى نفس الإخطار. لكن إثيوبيا لم تؤكد رسميًّا بدء عملية الملء؛ حيث نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول إثيوبي اشترط عدم الكشف عن هويته، قوله: إن العملية ستتم “في يوليو وأغسطس”، وأن إضافة المياه عملية طبيعية خاصة خلال فصل الصيف.

وعلى أية حال، فإن مصر ترفض بشدة هذا الإجراء الأحادي، كما أوضح وزير الري المصري عبد العاطي في بيان له، مستنكرًا انتهاك القانون والمعايير الدولية التي تنظم مشروعات البناء على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية. وفي الخرطوم نددت وزارة الخارجية أيضًا بالأمر باعتباره “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”، ووصفت المبادرة الإثيوبية بأنها تحمل “خطرًا وشيكًا”.

ما الذي يمكن أن يفعله مجلس الأمن؟

وقبل يومين من اجتماع مجلس الأمن بشأن هذه القضية، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيرته السودانية مريم المهدي في نيويورك. وعبرا في بيان عن “رفضهما الشديد” لمبادرة الملء، ودعيا مجلس الأمن إلى “دعم موقفهما بشأن اتفاق ملزم لملء وتشغيل السد”.

ومن خلال طلب تونس بمشروع قرار يدعو إلى وقف ملء خزان السد، يطلب مجلس الأمن من “مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتهم من أجل التوصل، في غضون ستة أشهر، إلى نص اتفاق ملزم بشأن ملء السد وإدارته”. ويقول النص إن الهدف هو “ضمان قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة مع تجنب إلحاق أضرار كبيرة بأمن المياه في دول المصب”. وجاء في النص أيضًا أن على مجلس الأمن دعوة “الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرّض عملية التفاوض للخطر.

وكانت فرنسا، التي ترأست مجلس الأمن في يوليو الماضي، قد اعتبرت في وقت سابق أن قدرة الأمم المتحدة على إيجاد حل للنزاع محدودة، وأن هذا الملف يجب أن يديره الاتحاد الأفريقي بدلًا عنها.

حرب مياه غير معلنة

وكانت إثيوبيا، التي قالت إنها نفّذت المرحلة الأولى من التعبئة في صيف 2020، قد أعلنت أنها ستشرع في المرحلة الثانية في يوليو، سواء كان هناك اتفاق أم لا. حيث تقول إن السد حيوي لتلبية احتياجات الطاقة لسكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة. غير أن مصر أعربت عن أسفها لتعثر المفاوضات واتهمت إثيوبيا بأنها “انتهجت مسارًا لا هوادة فيه”؛ ما قلّل من فرص التوصل إلى اتفاق.

من جانبه، يأمل السودان أن يساعد السد على تنظم فيضاناته السنوية، لكنه يخشى حدوث آثار سلبية دون اتفاق. بينما مصر، التي تعتمد على النهر بنسبة 97٪ في إمدادات المياه الخاصة بها، تعتبره تهديدًا لمواردها. لكن مع قدرته على توليد الطاقة المعلنة بما يقرب من 6500 ميجاوات، يمكن أن يصبح سد النهضة هو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا.

ربما يعجبك أيضا