الصين تسابق الزمن لاكتشاف تكنولوجيا «الاندماج النووي».. هل تهزم أمريكا؟

سباق تقني هائل بين واشنطن وبكين لتحقيق «الاندماج النووي»

شروق صبري
الصين يمكن أن تتفوق على الولايات المتحدة وأوروبا في مجال الطاقة المغناطيسية

هل الولايات المتحدة تفعل ما يكفي لتحقيق طاقة الاندماج النووي المطلوبة لتحافظ على تفوقها على الصين؟


تشهد الولايات المتحدة والصين سباقًا تقنيًا محمومًا في سبيل تحقيق مصدر طاقة نادر “الاندماج النووي“. بينما تكثف الصين جهودها بإنفاق ضخم، ويبدو أن الولايات المتحدة تواجه تحديًا كبيرًا للحفاظ على تفوقها السابق.

ومن الواضح أن الصين تتجاوز الولايات المتحدة في الإنفاق على تكنولوجيا الاندماج النووي، إذ تقوم ببناء مجمع تكنولوجي ضخم وتطلق كونسورتيوم وطني (اتحاد وطني) يشمل بعض أكبر شركاتها الصناعية.

الصين تتفوق في الإنفاق

تتجاوز الصين الولايات المتحدة في الإنفاق على تكنولوجيا الاندماج النووي، إذ تبني مجمع تكنولوجي ضخم وتطلق كونسورتيوم وطني  يشمل بعض أكبر شركاتها الصناعية. ويعمل العاملون في الصين بثلاث نوبات عمل، ما يعني العمل على مدار الساعة لإنجاز مشاريع الاندماج النووي. كما أن الصين تمتلك عددًا من حملة الدكتوراه في علوم وهندسة الاندماج النووي يفوق واشنطن بـ10 أضعاف.

وهناك قلق متزايد بين المسؤولين والعلماء الأمريكيين من أن التفوق الأمريكي المبكر في هذا المجال بدأ يتلاشى. وقد أشار رئيس مكتب علوم طاقة الاندماج في وزارة الطاقة الأمريكية، جي بي ألين، إلى أن الصين تنفق حوالي 1.5 مليار دولار سنويًا على الاندماج، أي ما يقرب من ضعف ميزانية الاندماج الأمريكية. حسب ما نشرته وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم الاثنين 8 يوليو 2024.

التوكاماك هي آلات يمكن أن يحدث فيها الاندماج، باستخدام مغناطيسات قوية لحمل البلازما

التوكاماك هي آلات يمكن أن يحدث فيها الاندماج، باستخدام مغناطيسات قوية لحمل البلازما

 

تحديات تكنولوجيا الاندماج النووي

رغم أن الاندماج النووي يمثل حلمًا قديمًا للطاقة النظيفة، إلا أن تحقيقه يواجه تحديات علمية وهندسية كبيرة. يتطلب الأمر الجمع بين نواتين ذريتين خفيفتين لتكوين نواة واحدة أثقل، مما يطلق كميات هائلة من الطاقة دون انبعاثات كربونية وبمستويات منخفضة من الإشعاع. والعلماء حول العالم يحاولون اكتشاف كيفية الحفاظ على تفاعلات الاندماج وإيجاد وسيلة لتحويل هذه الطاقة إلى طاقة صافية.

والصين تستثمر موارد ضخمة في تحقيق حلم الطاقة الوفيرة من الاندماج النووي. الفرق في الصين تعمل بشكل متواصل دون توقف تقريبًا، ويُتوقع أن يتجاوز تطوير الصين في هذا المجال قدرات الولايات المتحدة وأوروبا في غضون 3 إلى 4 سنوات.

ويقول بوب مامغارد، الرئيس التنفيذي لشركة Commonwealth Fusion Systems، وهي أكبر شركة اندماج خاصة في الولايات المتحدة: “سوف يضعون الكثير من رأس المال البشري والمال والتنظيم حول هذا الأمر. والسؤال هو، هل يمكنهم اكتشاف التكنولوجيا؟”.

استثمارات في المستقبل

شهدت تكنولوجيا الاندماج النووي استثمارات ضخمة منذ عام 2021، عندما حقق العلماء في مختبر لورانس ليفرمور الوطني في كاليفورنيا “الإشعال”، وهو تفاعل اندماج ينتج طاقة أكثر مما يستهلك. وقد حددت إدارة بايدن في عام 2022 هدفًا لتحقيق طاقة الاندماج التجارية خلال عقد من الزمان، وطالبت بمليار دولار لهذا الغرض في الميزانية الأخيرة.

والعالم مليء بالمنافسين المتعاونين في مجال الاندماج النووي، ولكن التعاون يتعقد بسبب العلاقة المتزايدة التوتر بين الصين والغرب، وخاصة الولايات المتحدة. لسنوات، استثمرت الصين في المواد الخام والتكنولوجيات الأساسية للانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون، وهو ما يمنحها ميزة في مجال الاندماج النووي.

هل تقوم الولايات المتحدة بما يكفي؟

رغم أن التكنولوجيا الأمريكية تركز على استخدام الليزر لإحداث تفاعلات الاندماج، إلا أن الكثير من الخبراء يتوقعون أن تأتي أولى تطبيقات الاندماج التجاري من تقنيات الاندماج المغناطيسي.

وتشير  رئيسة مبادرة طاقة الاندماج بالقصور الذاتي في مرفق الإشعال الوطني، تامي ما،إلى أن ميزانية الاندماج الأمريكية لعام 2024، التي تبلغ 790 مليون دولار، لم تكن كافية لمواكبة التضخم، ما أدى إلى تراجع في عدد المنح البحثية والمناصب الممولة بالمنح المتاحة في المدارس العليا الأمريكية.

تعد الصين وروسيا والولايات المتحدة من بين 35 دولة مشاركة في المؤتمر النووي الحراري الدولي

تعد الصين وروسيا والولايات المتحدة من بين 35 دولة مشاركة في المؤتمر النووي الحراري الدولي

التنسيق المطلوب

رغم أن الولايات المتحدة تتمتع بمزايا نهجها الريادي، إلا أنها تحتاج إلى تنسيق أفضل بين الشركات الخاصة والجامعات والحكومة، على غرار التنسيق الذي استخدم في تطوير برنامج الغواصات النووية في الخمسينيات.

ويقول أستاذ الهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا دينيس وايت، “لم يكن لدى الصين تقريبًا أي شيء من برنامج الاندماج قبل 10 سنوات، ولكنها الآن تمتلك برنامجًا علميًا عالمي المستوى ومختبرات وطنية. لا تستخف بقدراتهم على مواكبة التطور بسرعة”.

ربما يعجبك أيضا