العرب في كيمنتس الألمانية.. بين جهل “المشوّشين” وعنف “المتطرّفين”

جاسم محمد

رؤية
 

وسط الصدمة التي تعيشها مدينة كيمنتس في ألمانيا، بعد اعتداءات جماعية على مهاجرين، يخشى ذوو الأصول العربية الذين يعيشون في المدينة من تداعيات هذه الحوادث على العيش المشترك.

“الجوّ متوتّر ونحن في وضع حرج”، تقول البروفيسورة الألمانية ذات الأصول التونسية، ألفة كانون، التي تعيش في مدينة كيمنتس الألمانية التي شهدت اعتداءات جماعيّة ضدّ المهاجرين بعد مظاهرة دعا لها حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي إثر مقتل ألمانيّ وجرح اثنين في المدينة.

ورغم عدم كشف الشرطة الألمانية عن أصول شخصين قبضت عليهما ومتهمين بجريمة القتل، إلا أن مئات المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع وأطلقوا هتافات ضد الأجانب، في إشارة إلى أن من ارتكبوا جريمة القتل قد يكونون من أصول عربية.

وبحسب تقرير لـ”دويتشة فيلة”، تقول ألفة كانون “أشعر بالقلق لأن هذه الحوادث لها تداعيات علينا فدائماً ما يتم تضخيم هذه القصص واستغلالها من قبل كلّ طرف لتمرير أغراضه السياسية”، وتضيف: “مؤسف أننا نتحمّل مسؤولية تصرفات بعض المشوّشين العرب والمتطرّفين الألمان”.

“أمر فظيع”

وقد دفعت هذه التطوّرات المفاجئة سلطات كيمنتس إلى إلغاء احتفالية المدينة التي كانت جارية، وذلك لأسباب أمنية. وقالت عمدة المدينة باربارا لودفيغ في تصريح لمحطة “إم.دي.إر”: “حينما أفكر في المشاهد التي جرت هنا يوم الأحد فإنني أشعر بالرعب”، وأضافت “أنه لأمر فظيع أن يتجمع الناس هنا ويقوموا بإلغاء حفل المدينة وتهديد الناس”.
 
البروفيسورة ألفة كانون

وتروي كانون، البروفيسورة في جامعة كيمنتس التقنية، كيف أن الأجواء كانت طبيعية قبل الحادثة، مؤكّدة أن “غالبية الناس في المدينة طيبون ومنفتحون، إلا أن من يقومون بأعمال الشغب هم بعض الذين يكرهون الأجانب والذين يستغلّون أيّ فرصة لزيادة التوتر”.

وقد تداول بعض الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر مهاجرين يتعرّضون لاعتداءات، بالإضافة إلى فيديوهات تظهر فيها بعض الشعارات التي يتم ترديدها في المظاهرات، مثل “نحن الشعب” و”فليخرج الأجانب” وحتى بعض الشعارات التي تحرض على  العنف مثل “مقابل كل ألماني يُقتل، اقتلوا أجنبياً”.

تحذيرات من تنامي اليمين

وقد تفاعل الألمان ذوو الأصول المهاجرة مع الأحداث في كيمنتس، حيث اتّهم الناشط ناصر أحمد حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي بالوقوف وراء الأحداث، مضيفاً في تغريدة على تويتر: “هذا هو الوجه الحقيقي لليمينيين الجدد”.
وحتى السياسية الألمانية ذات الأصول الفلسطينية، سوسن شبلي، والتي تشغل منصب مفوّض برلين لدى الحكومة الاتحادية، ربطت الأحداث بتنامي تيار اليمين في ألمانيا، وكتبت في تغريدة: “يصبح اليمين أقوى، وأعلى صوتاً وأكثر عدوانية وأكثر تطرفاً وأكثر ثقة بالنفس، لكننا مازلنا أكثر، إلا أننا صامتون ومنقسمون وغير منظمين وخائفون. نحن لسنا متطرفين”.

وتوالت تغرديات مستاءة ترد على ما قالته شبلي، وذهب بعضها إلى أن “السياسية شبلي تصب النار على الزيت” فيما غرد آخر”غواصة إسلامية”.

ورغم تأكيد البروفيسورة ألفة كانون على المضايقات التي يقوم بها اليمينيون المتطرفون للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة والأجانب، إلا أنها تشير إلى أن مسؤولية الأحداث تقع على عاتق الأجانب الذين يستخدمون العنف ويستجيبون لمحاولات التحريض التي يقوم بها المتطرفون الألمان أيضا.

“حوادث فردية”

وتستمر تحقيقات السلطات الألمانية في الموضوع، حيث تمّ تقديم أربعة بلاغات على الأقل من قبل أشخاص تعرضوا للاعتداء، منهم سوريّ وبلغاريّ، حسبما كشفت متحدثة باسم شرطة المدينة لموقع شبيغل أونلاين، كما ناشدت الشرطة المواطنين على تويتر للابتعاد عن مشاركة التكهنات والإشاعات.

وتشدّد البروفيسورة في جامعة كيمنتس التقنية على ضرورة توضيح الصورة للناس البسطاء هو أن ما يحصل من حوادث جنائية هي حوادث فرديّة، لكي لا يقوموا بالتعميم وإطلاق الأحكام المسبقة على الأجانب أو الألمان ذوي الأصول المهاجرة.

وتقول كانون: “عشت في العديد من المدن الألمانية إلا أنني وجدت أن سكان كيمنتس أكثر انفتاحاً من مدن أخرى، ولذلك فإن ربطها في الإعلام باليمين المتطرف يعتبر ظلماً لأهلها”.

ربما يعجبك أيضا