العفو الرئاسي.. ورقة ترامب في وجه القانون الأمريكي

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

يبدو أن ورقة العفو التي يملكها الرئيس الأمريكي “ترامب” يتلاعب بها كيفما شاء؛ فهناك الكثير من التكهنات حول ما إذا كان سيصدر عفواً عن “إدوارد سنودن” المتعاقد السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية الذي هزت تسريباته المثيرة أوساط المخابرات الأمريكية في 2013 ويعيش الآن في روسيا ، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس السبت إنه يفكر في إصدار عفو عن إدوارد سنودن.

وجاءت تصريحات ترامب عقب مقابلة أجراها مع صحيفة نيويورك بوست الأسبوع الماضي قال فيها عن سنودن” هناك كثيرون يعتقدون إنه لم يلق معاملة عادلة” من أجهزة إنفاذ القانون بالولايات المتحدة.

وحال أصدر ترامب، هذا القرار لن تكون المرة الأولى التى يتخذ فيها إجراءً مماثلا، حيث أصدر عفواً عن شخصيات مثيرة للجدل أو خفف أحكامها خلال فترة ولايته الأولى في منصبه.

جاسوس يجب إعدامه

تريد السلطات الأمريكية منذ سنوات عودة سنودن للولايات المتحدة ليواجه محاكمة جنائية بتهمة التجسس التي وجهت له في 2013، وفر سنودن من الولايات المتحدة وتم منحه حق اللجوء في روسيا بعد تسريب مجموعة من الملفات السرية في 2013 لمؤسسات إعلامية كشفت النقاب عن عمليات مراقبة محلية ودولية واسعة نفذتها وكالة الأمن القومي.

ويمثل تخفيف ترامب موقفه تجاه سنودن تغييرا كبيرا. فبعد فترة وجيزة من التسريبات أبدى ترامب عداءه لسنودن ووصفه بأنه “جاسوس يجب إعدامه”.

وقال ترامب للصحفيين: “سأبدأ في النظر في ذلك”.

وأشار إلى أن الناس في كل من اليسار واليمين اختلفوا بشأن سنودن، “يبدو أنه قرار ليس عليه إجماع”.

المخادع القذر

خفف “ترامب” الحكم الصادر بحق حليفه القديم “روجر ستون” في سبع جرائم جنائية، وأعفاه من عقوبة السجن 40 شهرًا لارتكابه جرائم تهدف إلى مساعدة حملة ترامب.

ووفقا لبي بي سي، يعتبر” ستون” واحداً من كبار الاستراتيجيين، ويعمل لصالح الحزب الجمهوري منذ سبعينيات القرن الماضي، ويحمل على ظهره وشماً للرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون.

ووصف ستون نفسه بـ “المخادع القذر”، وخضعت أنشطته للرقابة والمتابعة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ومجلس الشيوخ الأمريكي، والتهم الموجهة إليه كانت لها علاقة بقرصنة روسيا رسائل البريد الالكتروني الخاصة بمسئولي الحزب الديمقراطي خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

وحسب المحققين، أقر ستون بأنه تواصل مع مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، قبل نشر رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ووصف ستون الاتصال به بـ”القانوني تماماً”، وأدلى بشهادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في سبتمبر 2017 خلف أبواب مغلقة.

ويعد قرار ترامب تخفيف العقوبة عن ستون (67 عاما) قبل أيام فقط من موعد دخوله السجن أبرز تدخل للرئيس الجمهوري في قضية جنائية وأحدث واقعة يلجأ فيها إلى استخدام العفو لمساعدة حليف.

عفو رئاسي

أصدر الرئيس ترامب عفوا عن “جو اربايو” رجل القانون المناهض للهجرة في ولاية أريزونا، لينقذ العمدة السابق المثير للجدل بعد إدانته بالازدراء الجنائي، فى عام 2017.

وفي بيان للبيت الأبيض جاء فيه: “الرئيس ترامب منح العفو الرئاسي إلى جو اربايو القائد السابق لشرطة ماريكوبا في (ولاية) أريزون ، “اربايو” يبلغ من العمر 85 عاماً وبعد خمسين عاما من الخدمة الرائعة لبلدين، يستحق عفوا رئاسيا”.

صاحب أسوا سمعة

في فبراير من العام الجاري خفض “ترامب” عقوبة حاكم ولاية إيلينوي السابق، الديمقراطي “رود بلاغويفيتش”، المحكوم بالسجن 14 عاما لمحاولته بيع مقعد بمجلس الشيوخ شغر بفوز باراك أوباما بالرئاسة.

وقال ترامب، للصحفيين: “لقد خفضنا الحكم الصادر بحق رود بلاغويفيتش، فهو قضى 8 أعوام في السجن، وهذا وقت طويل”، مضيفا “يبدو أنه شخص لطيف، لا أعرفه شخصيا”.

والحاكم السابق بلاغويفيتش هو صاحب أسوا سمعة من بين كل الذين نالوا العفو، إذ عزل من منصبه كحاكم لولاية إيلينوي في 2009 وأدين لاحقا بمحاولة بيع مقعد أوباما الشاغر في مجلس الشيوخ لمن يدفع السعر الأعلى.

كما أصدر ترامب عفوا رئاسيا شمل عددا من المدانين، من بينهم قائد شرطة في نيويورك سجن بعد إدانته بارتكاب احتيال ضريبي، وإدوارد ديبارتولو جونيور، المالك سابق لنادي كرة قدم في سان فرانسيسكو، والمستثمر المعروف مايكل ميلكين الذي أقر بالذنب عام 1990 بالقيام بعمليات احتيال ضريبية وأخرى متعلقة بالسندات المالية.

وأثار عفو ترامب عن 11 محكوما دفعة واحدة توقعات بأنه يفكر باستخدام العفو الرئاسي في حالات أكثر إثارة للجدل تشمل مقربين منه.

وعفا ترامب عن برنارد كيريك الذي كان مفوضا في شرطة نيويورك خلال هجمات 11 سبتمبر 2001. وأقر بذنبه عام 2009 بالاحتيال الضريبي، لكن كان قد أطلق سراحه من السجن عام 2013.

القبعات الخضر

في نوفمبر الماضي أعلن ترامب العفو عن جنديين أمريكيين سابقين أحدهما متهم بقتل مدنيين والآخر بقتل أحد عناصر حركة طالبان بسلاح أبيض، على الرغم من انتقادات مسؤولين عسكريين أمريكيين سابقين.

حيث قرر العفو عن “كلينت لورانس” الذي حكم عليه بالسجن 19 عاما لأنه أمر بإطلاق النار على ثلاثة مدنيين أفغان قتل اثنان منهم. وقد أمضى هذا الضابط ست سنوات من عقوبته.

وبررت الرئاسة الأمريكية القرار، وقالت: إن “العديد من الأمريكيين طالبوا بإجراء عفو عن لورانس بما في ذلك 124 ألف شخص وقعوا عريضة موجهة إلى البيت الأبيض”.

وأصدر ترامب عفوا أيضا عن عضو سابق في القوة الخاصة الأميركية “القبعات الخضر”، متهم بقتل أحد عناصر طالبان في 2010 مع سبق الإصرار، للاشتباه بأنه كان يصنع قنابل.

كما ألغى ترامب قرار تجريد إدوارد غالاغر من رتبته. وغالاغر كان جنديا في القوات الخاصة لسلاح البحرية “نيفي سيلز” ومتهم بطعن شاب اعتقل لانتمائه إلى داعش، حتى الموت وإعدام مدنيين آخرين.

فساد صارخ

في يوليو الماضي أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي”، إنها في أعقاب تخفيف الرئيس دونالد ترامب، للحكم الجنائي على روجر ستون، فإنها تعتزم دعم مشروع قانون يحد من قدرة الرؤساء على اتخاذ مثل هذه الإجراءات.

تقول “بيلوسي”: “إن قرار الرئيس ترامب بتخفيف عقوبة كبير مستشاري حملته لانتخابات الرئاسة روجر ستون، الذي يمكن أن يورطه مباشرة في سوء سلوك إجرامي، هو عمل ينم عن فساد صارخ”.

وأشارت إلى أن الكونجرس سيتخذ إجراءات لمنع هذا النوع من المخالفات السافرة. إن التشريع ضروري لضمان ألا يتمكن أي رئيس من أن يعفو أو يخفف من عقوبة مفروضة على فرد شارك في حملة تستر لحماية الرئيس من الملاحقة الجنائية.

ربما يعجبك أيضا