العلاقات الباكستانية الأمريكية.. إلى أين تمضي بعد إقالة خان؟

رنا أسامة

العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان متوترة لكن يمكن إنقاذها.


لا يزال مستقبل العلاقات الأمريكية الباكستانية الهشّة ضبابيًّا، لا سيّما بعد أن حمّل رئيس الوزراء الباكستاني المُقال، عمران خان، الولايات المتحدة، مسؤولية الأزمة السياسية الحالية في باكستان.

وصوّت البرلمان الباكستاني، يوم 9 إبريل 2022، لصالح حجب الثقة عن حكومة خان، زعيم حركة الإنصاف الباكستانية الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ عام 2018، وانتخب النواب الباكستانيون في 11 إبريل شهباز شريف 70 عامًا رئيسًا جديدًا للحكومة الباكستانية.

مؤامرة أمريكية

رجل يشاهد خطاي عمران خان للأمة

قبل أيام من إقالته، جادل خان في خطاب للأمة وُصف بالعدائي، بأن اقتراح سحب الثقة فقد مصداقيته لارتباطه بـ”مؤامرة أمريكية”، وانتهاكه المادة 5 من الدستور الباكستاني التي تقضي بالولاء للدولة، مضيفًا أنه كان “خطأ كبيرًا” أن تتحالف باكستان مع الولايات المتحدة في “الحرب على الإرهاب”، لأن بلاده عانت أكثر من أي دولة أخرى في العالم، على حد قوله.

دونالد لو

وتنبع ادّعاءاته من تبادلات سرية دارت الشهر الماضي، بين مسؤول أمريكي كبير وسفير باكستان في واشنطن أسعد مجيد خان. أبلغ الأخير إسلام آباد بأن المسؤول الأمريكي أعرب عن عدم رضاه عن خان. وقال إن العلاقات الثنائية ستكون أفضل إذا صوّت البرلمان لعزله، ما يبدو أنها شكوى من رئيس الوزراء الباكستاني، دون التخطيط للإطاحة به، وفق مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

 علاقات غير مستقرة

العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة

العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان غير مستقرة قبل الأزمة السياسية الحالية، وانعدام ثقة إسلام آباد في واشنطن عميق ومتجذّر، يعود ذلك، في جزء كبير منه، إلى تاريخ من التدخل الأمريكي في السياسة الداخلية لباكستان، وسط قيود على العلاقات الثنائية فرضتها الجغرافيا السياسية. وتُعمّق كل دولة علاقاتها مع أكبر منافس للطرف الآخر، فواشنطن مع نيودلهي وإسلام آباد مع بكين، بحسب فورين بوليسي.

وأضرّت مزاعم خان الأخيرة بالعلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان، لا سيّما بعد أن كشف علنًا أن المسؤول الأمريكي الذي قال إنه أرسل “خطاب تهديد” إلى باكستان هو مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا، دونالد لو، زاعمًا أن المسؤول الأمريكي حذّر مبعوث باكستان في واشنطن من تداعيات خطيرة إذا نجا خان من التصويت بحجب الثقة، وفق المجلة.

إقالة خان.. هل تقلق واشنطن؟

صورة مركبة لجو بايدن وعمران خان

يعتقد خبراء ومحللون في جنوب آسيا بالولايات المتحدة، أنه من غير المُرجّح أن تمثل الأزمة السياسية في باكستان أولوية للرئيس الأمريكي جو بايدن، المُنشغل بالحرب الروسية الأوكرانية، ما لم تفض إلى اضطرابات حاشدة أو تُفاقم توترات مع الهند.

وقالت موظفة بارزة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ونائبة وزير الخارجية السابق لجنوب آسيا روبن رافيل: “لدينا الكثير من السمك لقليه”، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تعبأ بالأزمة في باكستان لانشغالها بقضايا أخرى، بحسب وكالة رويترز.

تطورات باكستان لن تمسّ أمريكا

مع استمرار سيطرة الجيش الباكستاني في الكواليس على البلاد، يبدو أن إقالة خان ليست مُقلقة لواشنطن. ورأت كبيرة مديري مجلس الأمن القومي لجنوب آسيا، التابع للرئيس دونالد ترامب وقتذاك، ليسا كورتيس: “نظرًا لاتخاذ الجيش الباكستاني القرارات بشأن السياسات التي تهتم بها أمريكا حقًّا، مثل أفغانستان والهند والأسلحة النووية، فإن التطورات السياسية داخل باكستان لن تمسّ واشنطن إلى حد كبير.

عمران خان وبوتين scaled

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الباكستاني المُقال عمران خان خلال اجتماع بموسكو في 24 فبراير 2022 (يوم بدء الحرب الروسية الأوكرانية).

وأضافت كورتيس أن زيارة خان إلى موسكو، يوم الحرب الروسية الأوكرانية، في 24 فبراير الماضي، كانت “كارثة” على صعيد العلاقات الباكستانية الأمريكية، مُتوقعة أن تساعد الحكومة الجديدة في إسلام آباد في إصلاح العلاقات “إلى حدٍّ ما”، بحسب رويترز.

العلاقات الباكستانية الأمريكية.. إنقاذ مُمكن

بينما نظرية المؤامرة التي يتعامل بها خان مع الولايات المتحدة ستجعل من الصعب إصلاح العلاقات الباكستانية الأمريكية، فإن الجيد في الأمر أن إنقاذها لا يزال ممكنًا، فقد تُساعد إقالة خان في إنقاذها بتخفيف التوترات بين البلدين، وفق فورين بوليسي، علاوة على ذلك، لا يزال التعاون العسكري مُحتملًا.

وبحسب بلومبرج، لم يفقد الجنرالات الباكستانيون رغبتهم في إقامة علاقات ودية مع الولايات المتحدة، وقال قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا، في منتدى بإسلام آباد قبل أسبوع: “لدينا تاريخ طويل وممتاز من العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي لا تزال أكبر سوق تصدير لنا”، مُشيرًا إلى أن باكستان تسعى لتوسيع علاقاتها مع الصين وأمريكا.

إلى أين تمضي علاقة إسلام آباد وواشنطن؟

العلاقات بين إسلام آباد وواشنطن

وفق فورين بوليسي، غالبًا ما تفضل واشنطن علاقاتها مع القادة العسكريين على القادة المدنيين، لأن الجيش الباكستاني يميل إلى قيادة قرارات السياسة الخارجية. بعد إقالة خان، تتوقع المجلة أن يتعاون البلدان أمنيًا مُستقبلًا، لا سيما لمواجهة تهديد “داعش خراسان”، فضلًا عن استمرار التعاون الأمريكي الباكستاني الحالي في مجالات غير أمنية وسط ضجيج التوترات الدبلوماسية.

والأسبوع الماضي، أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن مبادرة لتوفير مياه الشرب المأمونة بمقاطعتين باكستانيتين، وأعلنت السفارة الأمريكية شراكة مع جامعة نسائية بباكستان. وبحثت القنصلية الأمريكية في كراتشي التعاون التجاري الأمريكي الباكستاني. الأمر الذي يُذكّر بأهمية التعاون خارج القنوات الرسمية، ليس فقط بحثًا عن ملاذات من الاختلال الوظيفي الحكومي، بل لتوسيع التعاون أيضًا.

ربما يعجبك أيضا