«العم سام» يعود إلى دياره.. الولايات المتحدة تخسر الساحل الإفريقي

الساحل الإفريقي يغادر الفلك الغربي.. ما السبب؟

محمد النحاس
«العم سام» يعود إلى دياره.. الولايات المتحدة تخسر الساحل الإفريقي

يرى التحليل أن الرفض المتزايد للقوات الأميركية في منطقة الساحل في أفريقيا يُظهر أن الولايات المتحدة، التي ضحت بالمبادئ الديمقراطية على "مذبح العلاقات الأمنية"، قد خسرت في نهاية المطاف الأول ولم تحذ الثاني كذلك


بدءًا من عام 2020 شهدت دول الساحل الإفريقي سلسلة من الانقلابات، وصاحب ذلك موجة من السخط ضد القوى الغربية في المنطقة.

الانقلابات بطبيعة الحال لم تأت من فراغ، بل كانت انعكاسًا لسخط الشارع على نخب اعتبروها غير فعالة وموالية للغرب، وبخاصة فرنسا، وكذلك الولايات المتحدة والتي أعلنت سحب جنودها مؤقتًا من تشاد، بعد أيام معدودة من الموافقة على سحب قواتها من النيجر.

المغادرة الأمريكية لدول الساحل

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الماضي أن الولايات المتحدة ستبدأ قريبًا “سحبًا مُنظمًا ومسؤولًا” لأكثر من ألف جندي أمريكي مُنتشرين حاليًا في النيجر.

وبعد 24 ساعة فقط، جاءت تقارير تفيد بأن البنتاجون سوف يسحب 75 من أفراد القوات الخاصة التابعة للجيش من تشاد المجاورة وسط حالة من عدم اليقين مستقبل التواجد الأمريكي هناك، وفق تحليل لمجلة “ريسبنسبول سيت كرافت” الأمريكية 26 أبريل 2024.

محاولة للبقاء

من جانبها، حاولت الولايات المتحدة التقرب من الأنظمة العسكرية في النيجر وتشاد، على أمل الإبقاء على العلاقات الطويلة الأمد في مجال مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأصول العسكرية، بما في ذلك قاعدة الطائرات المسيّرة بقيمة 110 ملايين دولار في مدينة أجاديز النيجيرية، التي كانت بمثابة مركز لمراقبة جزء كبير من منطقة الساحل بأكملها.

وحتى في إعلانها الصادر في 24 أبريل، أكدت وزارة الخارجية أن واشنطن ترحب بالحفاظ على علاقة ثنائية قوية (مع المجلس العسكري في نيجيريا).

ويرى التحليل أن الرفض المُتزايد للقوات الأمريكية في منطقة الساحل في إفريقيا يُظهر أن الولايات المتحدة، التي ضحت بـ”المبادئ الديمقراطية” على “مذبح العلاقات الأمنية”، قد خسرت، في نهاية المطاف، الأمر الأول ولم تحظ بالثاني كذلك.

قراءة غير موفقة للمشهد

في 2023 كان انقلاب النيجر يمثل تكرارًا لسيناريو مالي وبوركينا فاسو، وتلاه تجديد الحرب على الجماعات الإرهابية، وإبداء العزم على طرد الفرنسيين، والشركاء الأمنيين المدعومين من الغرب، وتعزيز التعاون مع الروس في المقابل.

بحسب تحليل المجلة الأمريكية، فقد قرأت حكومة الولايات المتحدة الإشارات المتغيرة ببطء وبشكل رديء، واعتقدت أنها قادرة على مواكبة التغيّرات في المنطقة لكن لم يكن نهجها فعالًا.

تناقض النهج الأمريكي

أحد الأسباب التي تقود إلى فشل النهج الأمريكي أن سياستها مليئة بالتناقضات، ففي لحظة ما، تقوم الولايات المتحدة بتدريب الجنود الأفارقة على شن هجمات على المناطق الحضرية وفي لحظة أخرى، تلقي محاضرات على الجيوش الإفريقية عن احترام حقوق الإنسان، حسب التحليل.

وخلال مفاوضات اللحظات الأخيرة مع النيجر، بدا خطاب الولايات المتحدة وكأنها يائسة، ما زاد من سوء الموقف، وفي نفس يوم إعلان وزارة الخارجية بشأن النيجر، قال نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال كريستوفر جرادي لوكالة أسوشيتد برس: “نحن بالتأكيد نريد أن نكون هناك، نريد مساعدتهم وتمكينهم، وتنفيذ المهام معهم، ومن خلالهم”.

تمدد الروس ونهج بديل

بطبيعة الحال فإن الفراغ يتم ملؤه حيث تتنامى شعبية الروس في المنطقة، وفي شهادة أمام مجلس الشيوخ الشهر الماضي، حذّر رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، الجنرال مايكل لانجلي، من أن “روسيا تحاول السيطرة على وسط إفريقيا وكذلك منطقة الساحل بوتيرة متسارعة”.

ويرى التحليل ختامًا أن أفضل شيء يمكن أن تفعله واشنطن الآن هو سحب القوات، وانتظار تطور الوضع السياسي في منطقة الساحل، ثم التفكير في أنواع الشراكات غير الأمنية التي قد تكون مفيدة لجميع الأطراف، وتجنب نهج مقاومة الانسحاب، وكذلك عدم تقليل المساعدات التي تُقدم لتلك المنطقة.

ربما يعجبك أيضا