“الفن الحرام”.. أول كتاب عربي يرصد معارك السلفيين والمبدعين

عاطف عبداللطيف

تكفير

رؤية – عاطف عبد اللطيف

كتاب “الفن الحرام.. تاريخ الاشتباك بين السلفيين والمبدعين”، للصحفي المصري، أيمن الحكيم، يبحث في أسباب العلاقة الملتبسة بين الفن والدين، وهو أول كتاب عربي من نوعه يرصد المعركة بين الفن والإبداع، والتي وصلت في كثير من الأحيان إلى التكفير والمصادرة والمنع والتضييق على الإبداع، كما يؤرخ معارك تكفير المبدعين في رصد تاريخي موثق بالأدلة والبراهين والأسانيد.

مقدمة

يبدأ الكتاب بمقدمة للمفكر الراحل الدكتور مصطفى محمود، بعنوان: “الإسلام جميل.. يحب الفن”، كتبها قبل مماته عام 2007م.. يستنكر فيها موقف السلفيين من الفن وتحريمه، ويؤكد فيها أن تحريم العمل الإبداعي أمر غير طبيعي وظرف استثنائي، وأن تحريم الرسم والتصوير والنحت قياسًا على ما جاء من أحاديث نبوية، قياس خاطئ، فالإسلام حرم الصور والتماثيل لأنها كانت تعبد وتتخذ في البيوت آلهة، أما الآن فلا أحد يعبد أو يسجد لتمثال أو صورة.

تحريف

– يرصد الكتاب مواقف عديدة لتكفير المبدعين في 100 عام، مرورًا بتكفير الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة لتحريفه أحد آيات القرآن الكريم “يا أبتي إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين”، وقصيدة غناها للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش إضافة إلى أنه لم يوفق مع الجماهير المصرية ولم يكن مرغوبًا فيه في مصر لكونه يتبنى الغناء المحض على الكفاح ويثير الحماسة وهو ما تعارض مع التفكير “الساداتي” وقتها وتبني مبدأ السلام مع إسرائيل.

يوسف البدري

وهناك فصل كامل بالكتاب عن شهادات ساخنة وجريئة عن علاقة الفن والدين وحوارات مطولة مع الدكتورة نوال السعداوي، ويعتمد الكتاب على وثائق كثيرة في تناوله للمعارك الطاحنة التي دارت رحاها بين السلفيين والمبدعين أهمها شهادة الشيخ يوسف البدري ووضعه شروطًا للفن الحلال والذي يتطرق إلى العديد من النصوص في تحريم الفن والتمثيل من واقع تفسيره لنصوص قرآنية وأحاديث نبوية، ويستند “البدري” في ذلك إلى قوله تعالى: “نحن نقص عليك أحسن القصص”، وهو ما يعتبر في رأيه تحريمًا قاطعًا لكل القصص من بعد ذلك إلا ما يسمى بـ”الرواية الوعظية” وتحريم الشعر لقوله تعالى: “الشعراء يتبعهم الغاوون” إلا الشعر الوعظي فيما أحل غناء المرأة لزوجها والإنشاد الديني.

كتابات مرفوضة

تكفير الكاتبة الكبيرة صافيناز كاظم، للشاعر أمل دنقل، واتهامه بأنه إنسان لا ديني وهو ما ردت عليها فيه زوجته الدكتورة عبلة الرويني والدكتور جابر عصفور، واستندت في ذلك إلى أبيات متعددة من قصائد شعرية له.

فضلاً عن شهادة الدكتور محمد سليم العوا، والذي نصح بناته بالإطلاع على روايات الكاتب إحسان عبد القدوس لاحتوائها على مواقف وعظية، وإنصافه الأديب الراحل نجيب محفوظ على رواية “أولاد حارتنا”.

ندم “شمس”

ويستمر الكتاب في استعراض المواقف السلفية والآراء القاطعة بتحريم العمل الإبداعي تحت اسم “مشاغبات” ويعرض لموقف الشيخ يوسف البدري وتصريحات الدكتور عبد المنعم الشحات أحد كبار رموز السلفيين في مصر وحديثه عن تحريم الفن بشكل قاطع وتحديده قائمةً لما يجب تناوله من أعمال إبداعية ومطالبته بالاهتمام بالخط العربي وإباحته لرسم الطبيعة وتحريمه الرسم المجسد للروح، وندم الفنانة المعتزلة شمس البارودي على أعمالها السينمائية السابقة التي أظهرت مفاتنها وإعلانها تحريم الفن وتوبتها عنه.

إساءة للدين

– أيضًا تعرض الكتاب لواقعة تكفير الشاعر اليمني “على المقرى” لبعض قصائده الشعرية التي تسئ إلى الدين الإسلامي.

 

مصادرة

– مصادرة أعمال الشاعر الأردني المعروف إبراهيم نصر الله الذي واجه أيضًا “محنة” بسبب ديوانه “نعمان يسترد لونه”، وعلى الرغم من أن الديوان صادر قبل 28 عامًا، إلا أن حكمًا صدر بمصادرته، وكذلك رفض الأزهر الشريف لفيلم “المهاجر” للمخرج العالمي، يوسف شاهين، والمعركة التي دارت حوله ونص الرسائل المتبادلة بين يوسف شاهين والهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية في مصر، والتي نقلها الرئيس الأسبق لها مدكور ثابت والكاتب صلاح عيسى والمخرج خالد يوسف.

توقيت مناسب

الكتاب الذي صدر قبل 5 سنوات، في 197 صفحة من الحجم الكبير عن دار “كتابات” للطبع والنشر عام 2012، واستغرق إعداده ثلاث سنوات متصلة ما بين جمع للأسانيد والوثائق ورصد للمواقف وتوثيقها.. يعد العمل الثامن لمؤلفه للكاتب الصحفي المصري، أيمن الحكيم.. الذي قال: الكتاب أتى في توقيت مهم لشدة وتيرة الموجة المناهضة والمحرمة للعمل الإبداعي والتمثيل والفن عمومًا، والتي اشتدت بعد ثورة 25 يناير في مصر.

ويقول المؤلف، إن فكرة الكتاب ناجمة عن آراء صادمة للشيخ السلفي الراحل، يوسف البدري.

تكفير

– عبد الوهاب “الملحد”.. من غير ليه!: تكفير موسيقار الأجيال، محمد عبد الوهاب، في حقبة ثمانينيات القرن الماضي عام 1989م على يد أحد المحامين الشباب عبد الحكيم شداد الذي أحضر فتوى من الشيخ صلاح أبو إسماعيل والداعية المصري الشهير عبد الحميد كشك تجيز تكفير “عبد الوهاب” ردًا على أحد أغانيه “من غير ليه” واعتباره خارجًا عن الملة، وهي من كلمات الشاعر مرسي جميل عزيز وكان من المفترض أنها يغنيها عبد الحليم حافظ (العندليب الأسمر) في عيد الربيع عام 1977م ووافته المنية قبلها، إلا أن القضاء أنصفه وبرأه من تهمة الإلحاد نزولاً على شهادة الشيخ المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر – آنذاك-.

إهدار دم

– ذكرى بين التكفير والهجرة: تكفير المطربة التونسية الراحلة “ذكرى” تعقيبًا على ردها على صحفي سعودي في مؤتمر صحفي بمهرجان الدوحة عام 2002م عن الضروريات التي تضطر فناني دول المغرب العربي إلى الهجرة بفنونهم إلى الخارج: وأجابت: بأنهم يهاجرون كما هاجر “النبي”، وهو ما تبعه القاضي السعودي الدكتور إبراهيم الخضيري بإصدار فتوىٍ بإهدار دمها، بتهمة الإساءة للنبي “ص” لتشبهها بالرسول.

أزمة “كلب”

– إهدار دم المطربة اللبنانية، نجوى كرم، بسبب كلب: والسبب أنها ببرنامج تلفزيوني مع المذيع الأردني زاهي وهبي سمعتها طالبة في الجامعة الأمريكية، تقول إن لديها كلب تطلق عليه اسم “حمودي” وهو ما أشعل الدنيا وتسبب في إهدار دمها بفتوى من أحد الشيوخ.

أدوار فنية

– منع عرض مسرحية “الحسين ثائرًا” للمخرج المصري، جلال الشرقاوي، والتي منعت على الرغم من تعهدات “الشرقاوي” آنذاك بقيام الفنانة سهير البابلي بأداء دور السيدة زينب وكتابة الفنان نور الشريف تعهدًا كتابيًا على نفسه باعتزال التمثيل عقب أدائه الدور ولكن تم رفضها لأن مضمونها تطرق وقتها إلى قضية توريث الحكم في مصر بعهد حسني مبارك والتي كانت مطروحة وقتها على الساحة وهو ما تشابه مع المضمون الفكري للمسرحية.

 

ربما يعجبك أيضا