الكوفية الفلسطينية.. تاريخ من المقاومة وإثبات الهوية الوطنية

رنا الجميعي
فتيات تتظاهر بالكوفية الفلسطينية

تعد الكوفية أبرز الرموز المعبرة عن القضية الفلسطينية، ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي تعتبر الكوفية أداة تعكس المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وإلى الآن، وارتداها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والفلسطينية ليلى خالد عضو الجناح المسلح في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي ارتدتها كحجاب


سُجلت الكوفية كأبرز الرموز المعبرة عن القضية الفلسطينية، لكن تاريخها يسبق وجود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية بآلاف السنين.

منذ ثلاثينات القرن الماضي اعتبرت رمزًا للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، رغم ذلك فإن أصلها مرتبط بمدينة الكوفة العراقية، وذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن الكوفية ظهرت في القرن السابع، أثناء معركة بين العرب بالقرب من الكوفة.

الكوفية والطبقة العاملة

بحسب التقرير، استخدم العرب الحبال المصنوعة من وبر الإبل لتغطية رؤوسهم، وللتعرف على رفاقهم خلال المعركة، وحافظوا بعد انتصارهم على غطاء الرأس كتذكير بنصرهم، وقيل إن أصولها تسبق الإسلام، وترجعه إلى بلاد ما بين النهرين، فارتدها وقتها الكهنة السومريون والبابليون منذ نحو 5000 عام.

ويرجع السبب وراء عدم معرفة أصل الكوفية تحديدًا إلى عدم اهتمام البحث الأكاديمي بتلك التفاصيل بجدية، خصوصًا أن الكوفية ترتبط بالطبقات العاملة، كما ذكر آنو لينجالا مؤلف كتاب “تاريخ الكوفية الاجتماعي والسياسي” في تصريح لـ”ميدل إيست آي“.

رجل يرتدي الكوفية الفلسطينية

رمز المقاومة ضد الانتداب البريطاني

استخدمت الكوفية داخل فلسطين في البداية لتجنب التعرض للشمس والحماية من الرمل، وتحولت لرمز للمقاومة خلال ثورة عام 1936، ضد الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، وارتداها رجال الثورة في البداية للاختباء من قوات الانتداب والعملاء، وطالبوا عامة الناس بارتدائها لعدم تمييز رجال الثورة، بعدما بدأ الانتداب في اعتقال الثوار.

بعدها صارت الكوفية جزء من الزي الفلسطيني عبر إعلان الصحف الفلسطينية تعميمها في 28 أغسطس 1938، وتخلى الفلسطينيون من الطبقات الاجتماعية الأعلى عن الطربوش، لتتحول إلى رمز للنضال الفلسطيني.

ياسر عرفات يرتدي الكوفية الفلسطينية

كوفية أبو عمار وليلى خالد

ارتدى الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الكوفية في جميع المحافل الدولية ما أعطى لها شهرة عالمية، وكان يضع الكوفية بعناية على رأسه، مع وضع الطرف الأطول للنسيج على كتفه الأيمن، في شكل يشابه خريطة فلسطين قبل عام 1948. وساعد منع سلطات الاحتلال للعلم الفلسطيني منذ عام 1967 حتى اتفاقيات أوسلو عام 1993، أن يصبح للكوفية رمزية في التعبير عن الهوية الفلسطينية.

ياسر عرفات يرتدي الكوفية الفلسطينية

وارتدت الكوفية أيضًا الفلسطينية ليلى خالد، عضوة في الجناح المسلح في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كحجاب، ساعد ذلك في تغيير النظرة إلى الكوفية التي كانت مرتبطة أكثر بالرجال، وانتشرت صور عديدة لليلى خالد ترتدي فيها الكوفية وتغطي بها شعرها.

ليلى خالد ترتدي الكوفية الفلسطينية

رموز الكوفية.. شبكة صيد وسنابل قمح وقرص عسل

تتعدد الدلالات الخاصة بتصميم الكوفية، منها كونها عبارة عن شبكة صيد، أو سنابل القمح المعروف بها مدينة أريحا الفلسطينية، ويشار إلى الخياطة السوداء أحيانًا على أنها تصميم قرص العسل، تقديرًا لمربي العسل في فلسطين، ويرى البعض أحيانًا أنها ترمز للأسلاك الشائكة.

الكوفية في تاريخ النضال العالمي

انتشرت الكوفية في جميع أنحاء العالم في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وتبنى الطلاب والنشطاء الكوفية كجزء من الحركة المناهضة للحرب، ما جعلها رمز للمقاومة ضد الإمبريالية خلال القرن الماضي، وارتداها الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، والزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، وانتشرت الكوفية كثيرًا بين القوى اليسارية بالتحديد.

الكوفية الفلسطينية في تاريخ الغناء

غير محدد متى ذكرت الكوفية الفلسطينية في الغناء، واعتبرت أغنية “الكوفية العربية” من أبرز الأغاني عن ذلك الرمز، وغنتها مطربة الراب البريطانية الفلسطينية، شادية منصور، عام 2003، وكتبت الأغنية عندما رأت وشاح عربي باللونين الأزرق والأبيض عليه نجمة داود.

وقدمت منصور أغنيتها ترتدي ثوب فلسطيني تقليدي على مسرح نيويورك، وتقول فيه “يمكنك أن تأخذ فلافل وحمص بلدي، ولكن اللعنة لا تلمس كوفية بلدي”، ويذكر أيضًا أغنية “علي الكوفية” التراثية، وغناها المطرب الفلسطيني محمد عساف في برنامج “عرب آيدول” عام 2013.

حددت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية يومًا وطنيًا للكوفية منذ عام 2015، ويصادف يوم 16 نوفمبر تزامنًا مع ذكرى إعلان وثيقة الاستقلال، ويحيي الفلسطينيون من فئات مختلفة اليوم بارتداء الكوفية، رافعين الأعلام الفلسطينية، وينشدون الأغاني الشعبية، في محاولة دائمة لعدم نسيان هويتهم الوطنية.

ربما يعجبك أيضا