المعارضة الإثيوبية المسلحة تزحف نحو أديس أبابا.. وآبي أحمد «يتوعد»

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

باتت المعركة في إثيوبيا على تخوم العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث أصبحت جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو اللذين اندمجا قبل أيام على مقربة من العاصمة، ولا ننسى أن ضواحي أديس أبابا يسكنها غالبية من عرقية الأورومو.

ومثّلت سيطرة جبهة تحرير شعب تيغراي على ديسي وكومبولشا، مرحلة جديدة في الحرب المستمرة منذ نحو عام، توسع خلالها الجبهة رقعة وجودها لتمتد إلى المناطق المجاورة، كما حققت جبهة تحرير الأورومو اختراقات واسعة كان آخرها سيطرتها على بلدة كمسي التي تقع بالقرب من مدينة دسي

يأتي ذلك في أعقاب إعلان الحكومة الإثيوبية فرض حالة الطوارئ في البلاد ومطالبة رئيس الوزراء الإثيوبي من أنصاره حمل السلاح للتصدي إلى زحف الحركات المسلحة المعارضة له، وقال أحمد إن زحف المتمردين “يدفع بالبلاد إلى حتفها”، كما فرضت الحكومة في وقت سابق، قيودا على خدمات الإنترنت أو قطعتها بصورة كاملة، كذلك فإن احتمالات تدخل الجيش الإريتري وقدامى المحاربين في الجيش الإثيوبي باتت مطروحة بقوة على الطاولة لصد هجوم جبهتي التيغراي والأورمو ومن تحالف معهما.

ولا شك أن احتمالات تشرذم إثيوبيا كبيرة، فالعفر والأورومو والصوماليون في إثيوبيا لن يقبلوا أن تحكمهم جبهة تحرير تيغراي مجددا، وكذلك جبهة تحرير بني شنقول وجبهة سيداما الجنوبية وجبهة تحرير غامبيلا يريدون الاستقلال، ولا حل لوحدة إثيوبيا إلا المصالحة المجتمعية وإجراء انتخابات نزيهة والحفاظ على النظام الفيدرالي.

الوضع اقتصاديا في إثيوبيا سيئ للغاية، فالحرب التي امتدت إلى عدد من الأقاليم وباتت تهدد العاصمة، رفعت أسعار السلع والمنتجات الأساسية بشكل كبير، أما إنسانيا فقد هرب مئات الآلاف من ديارهم، كما قتل عشرات الآلاف، ورملت نساء ويتم آلاف الأطفال، كما أسر أطراف عشرات الآلاف من الجانبين.

Capture

إسقاط حكومة

من جانبه، أكد أودا تربي، المتحدث باسم “جيش تحرير أورومو” الذي أعلن عن انضمامه إلى “جبهة تحرير تيغراي” المتمردة في تقدمها من شمال البلاد باتجاه الجنوب، في حديث وكالة “فرانس برس” اليوم الأربعاء إحراز القوات المتمردة مكاسب ميدانية في منطقتي أمهرة وأوروميا (التي تحيط بأديس أبابا)، مشددا على أن الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء أبي أحمد “أمر محتوم”.

وتابع، متحدثا عن تقدم المتمردين على أديس أبابا: “إذا واصلت الأمور التطور وفقا للمسار الحالي، فإننا نتحدث عن مسألة أشهر إن لم تكن أسابيع”.

آبي أحمد يتوعد

فيما قال رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أن أعداء بلده يحاولون فرض سيناريو عليه مماثل لذلك الذي مرت به سوريا وليبيا، وذكر أبي أحمد في بيان أصدره: “ليس هناك أي واحد مارس هذا القدر من الوحشية بحق إثيوبيا الذي مارسه هذا التنظيم الإرهابي”، وشدد على أن قواته خلال الحملة العسكرية في إقليم تيغراي تمكنت من القبض على معظم قيادات الجبهة الشعبية وتقديمهم للعدالة، مشيدا بالتزام قوات الحكومة بمبدأ “سيادة القانون وعدم الانتقام”.

وقال إن قوات الحكومة الإثيوبية خلال العام الأخير “خاضت العديد من المعارك ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ودفعت ثمنا باهظا”، وحمل أبي أحمد الجبهة الشعبية المسؤولية عن خرق الهدنة المعلنة من قبل الحكومة في تيغراي، قائلا إنها وغيرها من القوى التخريبية تعبئ عملاءها خارج البلاد وداخلها وتستغل كل قدراتها لخوض حملة تخريبية ضد إثيوبيا.

السيناريوهات المستقبلية

من جهته، قال المحلل السياسي الإرتري والخبير في شؤون القرن الأفريقي “شفا العفري”، إن هناك ثلاث سيناريوها محتملة:

١. أن يجبر الجيش (أ قادة الأورومو في الجيش) آبي أحمد على التنحي وإعلان حكومة انتقالية، والحديث عنها بدأ بالفعل

٢. الحرب الأهلية وبداية التفكك، لأن الأقاليم لن ترضى بحكم التيغراي مجددا.

٣. تسوية الخلاف بين الجيش الإثيوبي والإريتري وبالتالي التدخل وتغيير المعادلة على الأرض.

وأضاف: “بحسب معلوماتي فإن توزيع قيادات الجيش العليا في إثيوبيا كالتالي: 40 قائد من الأورومو، 30 قائد أمهري، و15 قائد من القوميات الأخرى، إذا الأورومو  لديهم اليد العليا”.

المواقف الدولية

وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية رعاياها من السفر إلى إثيوبيا بسبب ما وصفته بـ “الصراع المسلح والجريمة واحتمالات حدوث عمليات خطف وعمليات إرهابية في المناطق الحدودية للبلاد”.

كمت حذر المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان جبهة تحرير تيغراي من التقدم نحو أديس أبابا أو محاصرتها، وحضها على إجراء محادثات بدلا من ذلك.

روسيا كذلك قامت بتحذير رعاياها من السفر إلى إثيوبيا، والسفارات الغربية في أديس أبابا حذرت جالياتها من مخاطر جسيمة باتت قريبة

بدوره قال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، جوزيب بوريل، إن بروكسل تشعر بالقلق من إعلان حالة الطوارئ في إثيوبيا، و”نحن نعارض أي تحركات من جانب جبهة تحرير شعب تيغراي أو جبهة تحرير أورومو لمهاجمة أو محاصرة أديس أبابا، وأيضا لن تؤدي التعبئة الجماهيرية من قبل الحكومة إلا لجر البلاد ومواطنيها إلى مزيد من الحرب الأهلية والتفكك”.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان إن “غوتيريش يشعر بقلق عميق إزاء تصاعد العنف في إثيوبيا والإعلان الأخير لحالة الطوارئ”، وأضاف: “استقرار إثيوبيا والمنطقة الأوسع على المحك”، مشيرا إلى أن “غوتيريش كرر دعوته إلى وقف فوري للأعمال العدائية، ووصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وإجراء حوار وطني شامل لحل الأزمة”.

كما دعت دولة الكويت رعاياها الموجودين على الأراضي الإثيوبية، إلى مغادرة البلاد بشكل فوري، كما دعت السفارة القطرية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، جميع رعاياها إلى مغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن.

الحركات المسلحة المعارضة

وبات واضحا اليوم أن قوات آبي أحمد تواجه جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو الذين أعلنا اندماجهم وكذلك تواجه جبهة تحرير بني شنقول (لم تندمج مع الجبهات الأخرى لكنها تحارب آبي أحمد) وقوات الحزب القومي العفري، وجبهة سيداما الجنوبية وجبهة تحرير جامبيلا وهو أحد الأقاليم الإثيوبية ويقع على الحدود بين إثيوبيا مع جنوب السودان.

ولا شك أن استراتيجية ذلك التحالف العسكري الواسع ضد قوات آبي أحمد، غير واضحة المعالم حتى الآن، فهناك من تلك الحركات من يهدد باقتحام أديس أبابا وأسمرة عاصمة إريتريا معا، ومنهم من يتحدث عن الانفصال عن إثيوبيا وحق تقرير المصير، ومنهم من يتحدث عن إسقاط نظام آبي أحمد حصرا، ولا شك أن الحقيقة الواضحة أن أكثر الجبهات العسكرية المشاركة في التحالف هم مع الانفصال عن إثيوبيا.

252966946 4432178520234171 5665931196524476883 n 1

ربما يعجبك أيضا