عادات الزواج العربي.. ما بين طقوس مشتركة وأخرى محتها الحروب والحداثة

رنا الجميعي
عادات الزواج في الدول العربية

طقوس الزواج وحفلات الزفاف كانت لها تفاصيلها المميزة، منها ما تحافظ عليه الدول العربية حتى الآن وأخرى بدلها التطور ووضعت الحروب لمساتها عليه.


حفلات الزفاف هي المُناسبة الاجتماعية الأبرز التي تظهر ملامح الاختلاف بين الكثير من الدول العربية، فلكل دولة طقوسها وتقاليدها التي تميزها عن غيرها.

لكل دولة عربية طقوس زفاف تميزها، بعضها تلاشى بفعل التطور وأخرى لا تزال موجودة، فإذا كانت الحرب في اليمن غيرت بعض العادات، فإن سفر المصريين إلى الخارج ربما جعل ظاهرة الزواج تتسم بالمبالغة، في الوقت نفسه توجد عادات مُتشابهة بين الدول العربية وإن اختلفت مسمياتها ومجتمعاتها، وأخرى مُختلفة وفق طبيعة المكان “ريف أم حضر” والطبقة الاجتماعية، حسبما يقول أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب سعيد المصري.

مصر.. “الجمعية والنُقطة والنيش”

في مصر على اختلاف الطبقات الاجتماعية وجد اتفاق على المظاهر المُبالغ فيها، وهي المظاهر التي لم تكن موجودة قديمًا، وفق تصريحات أستاذة علم الاجتماع سامية خضر، لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، والتي تُفسّر تغير سلوك المصريين نحو المبالغة كونه ظهر بعد سفر المصريين إلى الخارج، قائلة: “من هنا بدأت تحصل تغيرات، وأخدنا من طباعهم”.

وأوضحت خضر أن مصر لم تشهد خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي مُبالغة في مظاهر الفرح لأن المستويات الاجتماعية مُتباينة تمامًا “كان فرح بنت الأفندي غير الفلاح غير الصعيدي”، وهناك أغنية للفنان فريد الأطرش تتذكرها خضر-من إنتاج عام 1967- يقول فيها “لقمة صغيورة تشبعنا عش العصفورة يقضينا”، وتُعلّق عليها أستاذة علم الاجتماع “دا الزواج اللي اتعودنا عليه زمان، إنما دلوقت شكله اتغير”.

ظاهرة الغارمات بسبب المبالغة في تجهيزات الفرح

صارت الآن المُبالغة أساس كل شيء، مثل كثرة الأدوات المنزلية، أو ما يُعرف بـ”النيش”، والتكلفة المادية للفرح نفسه، والمهر الخاص بالعروس أو ما يُعرف بـ”الشبكة”، وبسبب المبالغة في التكاليف تضطر بعض الأسر المصرية في كثير من الأحيان إلى الاستدانة والتي قد تصل تبعاتها إلى السجن بسبب عدم القدرة على تسديد المديونيات، وفق أستاذة علم الاجتماع.

 وانتشرت تلك الظاهرة التي تُعرف باسم “الغارمات”، فكشف تقرير حقوقي صادر عن وحدة البحوث والدراسات بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أن التقديرات الرسمية تُشير إلى أن أعداد الغارمات المسجونات يصل إلى 30 ألف سجينة، وتنتقد خضر تلك المبالغة، وترى أنها تحتاج إلى إرشاد وتوجيه من الدولة.

عادات الزواج متباينة في البلد الواحدة

ويرى أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب سعيد المصري، أن عادات الزواج مُتباينة تمامًا في البلد الواحدة، وحتى في المنطقة السكنية الواحدة، ويُضيف لـ”شبكة رؤية الإخبارية” أن مظاهر الاحتفال دومًا ما ترتبط بالتجديد من أجل الإحساس بالتميز.

ومن بين عادات الزواج التي اختفت، يقول المصري إن ظاهرة “الطابور” والمكون من مجموعة سيارات تعرض بداخلها مُحتويات المنزل الجديدة، من أثاث أوشكت على الاختفاء لأسباب تتعلق بتغير شكل الحياة وصعوبة المواصلات والزحام الشديدة، مبينًا أن تلك العادة تصلح لمجتمعات معزولة أو صغيرة مثل القرى.

“جلسة التعارف” مُتشابهة في الدول العربية

تتشابه طقوس الزواج بين الدول العربية في الجلسة الأولية التي يرى فيها العريس العروس، والتي يختلف اسمها من دولة لأخرى، ففي فلسطين تُسمى “الطلبة”، والسعودية “الرؤية الشرعية”، والعراق “يوم الشربت”، وليبيا “يوم الشرط”، الذي يتم تحديد المهر وموعد عِقد القران والعُرس فيه.

ليلة الحناء من الليالي المميزة للأفراح في مصر، وهي الليلة التي تسبق الفرح بيوم أو بأيام قليلة، تجتمع فيه صديقات العروس وقريباتها في البيت، وترتدي العروس فيه  العديد من الفساتين، وترقص العروس بُصحبة صديقاتها وقريباتها، وتضع الحناء على قدميها ويديها، وكذلك تُوزّع بقية الحناء على الضيوف،

في السعودية تُعرف ليلة الحناء بـ”ليلة الغمرة”، وفي الماضي كانت العروس ترتدي زي تقليدي وتُزف على كراسي تقوم بالتبديل بينهم من الخلف إلى الأمام، أما الآن فتكتفي العروس بارتداء زي تقليدي أو بدوي وتخفي ملامح وجهها بالبرقع حتى لا يراها أحد حتى يوم الزفاف، كما ترسم الحناء أيضًا على يديها وساقيها.

“الزهبة والمير” في الإمارات

في الإمارات أيضًا تسبق ليلة الحناء حفل الزفاف، فيزور العريس منزل أهل العروس ويجلب معه “الزهبة”، وهي عبارة عن احتياجات العروس من ملابس وعطور، ومعه “المير” وهي احتياجات البيت الضرورية من مواد التموين، وفي ليلة الحناء توضع الحناء على يدي العروس وقدميها.

الفرح في 4 أيام بالمغرب

خلال أيام الزفاف الأربعة في المغرب، ترتدي العروس من 6 إلى 14 فستانًا، ويقدم خلالهم 10 موائد مختلفة، ويُعرف اليوم الأول باسم “النبيتة” وتُنقش فيه الحناء، وترتدي فيه العروس خاتمين يُسميا “الحاجب والعين”، واليوم الثاني هو “الظهور”، وهو حفل خاص للنساء، ويختلف عنه اليوم الثالث الذي يضم الرجال والنساء ولكن في قاعات منفصلة، أما اليوم الرابع فيكون في منزل أهل العريس وللنساء فقط، ويزف العروسين في هودج يُسمى “العمّارية”، حسبما ذكرت خبيرة تجميل في لقاء التليفزيونية.

ومن العادات المميزة لأهل السودان هي “الجرتقة”، وهي عادة قديمة تضع فيها إحدى السيدات من كبار الأسرة قطعة من الحرير الأحمر مرسوم عليها هلال ذهبي على جبهة العريس والعروس.

واختلفت عادات الزواج في دول الخليج، وفي حديث أستاذة علم الاجتماع سامية خضر تُفسّر ذلك بأن الدول لم تظهر فيها ما يُعرف بـ”الشبكة” سوى بعد اكتشاف البترول فيها، وتغير مستوى سكانها من طبقة اجتماعية لأخرى أعلى.

عادات الزواج تغيرت بسبب الحرب في اليمن

الحرب في اليمن غيّرت الكثير من عادات الزواج، فاختفت مظاهر البذخ كما تقول كوثر عبد الواحد-يمنية تعيش في مصر، لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، وصارت بحسب وصفها “أكثر لُطفًا”، فبعدما كانت حفلة الزفاف داخل قاعة، صارت تُقام داخل البيوت اليمنية، وأحيانًا تجمع مناسبات الفرح في يوم واحد.

وتختلف عادات الزواج بين شمال وجنوب اليمن، ومن أبرز التقاليد المُتشابهة هو ليلة الحناء التي تتم داخل منزل العروس، واللافت للنظر انفصال الرجال والنساء في ليلة الحناء وحفل الزفاف، فواحد للعروس وآخر للعريس، وتعرف ليلة الحناء بـ”غسل” أو “زبال” بحسب المنطقة، ويرتدي العريس والعروس خلالها أزياء تراثية تقليدية.

ربما يعجبك أيضا