انتشار صربي على حدود كوسوفو.. بؤرة صراع جديدة في أوروبا

محمد النحاس

أعرب المسؤولون في بريشتينا عن قلقهم من أن القتال الذي وقع يوم الأحد كان يهدف إلى توفير ذريعة للتدخل العسكري.


رصد البيت الأبيض حشدًا “غير مسبوق” للقوات الصربية على طول حدود كوسوفو، ودعا بلجراد إلى سحبها على الفور.

وحسب ما ذكر البيت الأبيض، أمس الجمعة 29 سبتمبر 2023، نشرت صربيا على حدودها مع كوسوفو قوات من فرق المشاة وآليات مدرعة.. فما أبعاد الموقف؟ وهل ينزلق غرب البلقان إلى صراع يشعل القارة الأوروبية؟ 

انتشار عسكري على الحدود

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: “نرى انتشارًا عسكريًّا صربيًّا كبيرًا على طول الحدود مع كوسوفو”، مشيرًا إلى أنه يشمل نشرًا “غير مسبوق” لبطاريات مدفعية ودبابات ووحدات مشاة، قرب البلد الذي أعلن استقلاله رسميًّا منذ عام 2008، ويرفض الصرب الاعتراف به.

وحسب صحيفة الجادريان البريطانية، يأتي هذا التطور بعد أن وقعت اشتباكات مسلحة بين مسلحين صرب (عرقيًّا) في 24 من سبتمبر، في تدهور أمني هو الأسوأ منذ ما يزيد على العقد من الزمان. 

محاولة لوقف التصعيد

اتصل مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، برئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، لمناقشة التصعيد، وتحدث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مع الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، داعيًّا إلى “الوقف الفوري للتصعيد، والعودة إلى مسار المفاوضات من أجل تطبيع العلاقات مع كوسوفو”.

وبينما ذهب فوتشيتش إلى أن قواته ليست في وضع تأهب، فإنه لم ينفِ صراحةً وجود انتشار عسكري صربي عند الحدود، وقال: “نفيت المزاعم الكاذبة التي تتحدث عن وضع قواتنا في أعلى مستوى من الجاهزية القتالية، لأنني ببساطة لم آمر بذلك وهذا ليس دقيقًا”.

وشدد الرئيس الصربي على أن القوات المنتشرة على الحدود حاليًّا “لا تصل حتى إلى نصف ما كانت عليه قبل شهرين أو 3 أشهر”. وكانت صربيا أعلنت، الأسبوع الماضي، أن وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة قد تفقدا “منطقة انتشار”، دون ذكر مزيد من التفاصيل عن المنطقة المشار إليها. 

توترات غير مسبوقة

تأتي التحذيرات الأمريكية بعد أسبوع من التوترات غير المسبوقة منذ سنوات، بدءًا باستهداف كمين من القوات الصربية شبه العسكرية والمسلحة جيدًا لدورية شرطة في كوسوفو، ما أسفر عن مقتل شرطي، وقتل 3 مسلحين صرب من بين المهاجمين البالغ عددهم نحو 30 شخصًا.

وقاد المجموعة المسلحة الصربية نائب زعيم حزب “القائمة الصربية”، ميلان رادويتشيتش، وهو حزب تدعمه بلجراد ويمثل الأقلية الصربية في شمال كوسوفو. ومن خلال محامٍ، قال رادويتشيتش إنه مسؤول عن تبادل إطلاق النار مع شرطة كوسوفو، لكنه لم يوضح مصدر الأسلحة الحديثة التي كانت القوات شبه العسكرية الصربية تحملها.

تورط صربيا؟ 

أصدرت حكومة كوسوفو وثيقة تزعم أن الجيش الصربي تعامل مع المجوعة المسحلة، وأمدها بقاذفة قنابل يدوية كانت لدى المهاجمين. وأعرب المسؤولون في بريشتينا عن قلقهم من أن القتال الذي وقع يوم الأحد كان يهدف إلى توفير ذريعة للتدخل العسكري الصربي في شمال كوسوفو. 

وعلى الرغم من نفيها الصلات الرسمية بهم، أعلنت صربيا يوم حداد على القتلى الـ3 من صرب كوسوفو، وادعى الرئيس الصربي فوتشيتش أن قوات كوسوفو كانت تشن حملة “تطهير عرقي وحشي” ضد الصرب، وهو الادعاء الذي لم يثبت، حسب التقرير. 

صراع لا مفر منه

قالت المديرة التنفيذية لاتحاد المنظمات غير الحكومية في كوسوفو، دونيكا إيميني، إن “رد فعل البيت الأبيض يبدو مشابهًا للتحذيرات التي رأيناها قبل دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا”، مضيفةً أن ذلك يشير إلى أن “الصراع أمر لا مفر منه”.

وقال إيميني إن أحد الأهداف الصربية المحتملة هو إجبار قوات الشرطة في على الانسحاب من شمال كوسوفو، وإجبار قوة السلام الدولي على استعادة السيطرة الأمنية الكاملة على المنطقة المضطربة، ما يؤدي إلى المزيد من تآكل استقلال وسيادة الإقليم الصربي السابق، في ظل مخاوف من اندلاع صراع جديد داخل القارة الأوروبية.

وأعلنت كوسوفو استقلالها رسميًّا عن صربيا في عام 2008، بعد نحو عقد على دعمها من حلف حلف شمال الأطلسي (الناتو) لطرد القوات الصربية في حربٍ شهدت انتهاكات مروعة، وراح ضحيتها آلاف القتلى من المدنيين. وزادت مؤخرًا التوترات بين الجانبين، فصربيا تتهم كوسوفو باضطهاد الصرب، وترد كوسوفو بأن صربيا تريد ذريعة للتدخل العسكري.

اقرأ أيضًا| كيف تسبب الغرب في زيادة تأزم الموقف الأمني بالبلقان؟

اقرأ أيضًا| المركز الأوروبي يناقش مصادر تهديد الأمن القومي في دول البلقان

ربما يعجبك أيضا