اندلاع حرب بين الصين وتايوان.. كيف ستؤثر على اقتصاد العالم؟

هل تستعد الصين للحرب على تايوان؟

شروق صبري

تسلط انتخابات تايوان الضوء على احتمال نشوب صراع قد يؤدي إلى تدمير الاقتصاد العالمي.


الحرب من أجل تايوان سوف تكون لها تكلفة هائلة من الدماء والأموال، حتى غير الراضين عن الوضع الراهن لديهم من الأسباب ما يجعلهم لا يخاطرون بها.

وتقدر وكالة “بلومبرج ” الأمريكية، التكلفة بنحو 10 تريليون دولار، أي ما يعادل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يجعل الضربة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وجائحة كورونا، والأزمة المالية العالمية 2007-2008 تبدو ضئيلة للغاية.

مؤشرات اندلاع الحرب

قالت وكالة بلومبرج اليوم الثلاثاء 9 يناير 2024، إن الثقل الاقتصادي والعسكري المتزايد للصين، والشعور المتزايد بالهوية الوطنية في تايوان، والعلاقات المتوترة بين بكين وواشنطن، كلها أمور تعني أن الظروف الملائمة لحدوث أزمة أصبحت قائمة. تعتبر انتخابات تايوان يوم 13 يناير نقطة اشتعال محتملة. ويوجد احتمالًا كبيرًا لحرب صينية وشيكة.

ومع ذلك فإن جيش التحرير الشعبي لا يحشد قواته على الساحل. كما تلقي التقارير الضوء على الفساد في الجيش الصيني بوهو ما يشكك في قدرة الرئيس شي جين بينج على شن حملة ناجحة. ويقول مسؤولون إن التوترات خفت إلى حد ما في قمة نوفمبر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وشي، اللذين تعهدا باتخاذ إجراءات “دافئة” لجذب المستثمرين الأجانب.

التحوط من المخاطر

مع ذلك، فإن اندلاع الحرب في أوكرانيا وقطاع غزة يشير إلى بمدى إمكانية تحول التوترات المستمرة منذ فترة طويلة إلى صراع محتمل. لكن من ناحية أخرى فإن المستثمرين في وول ستريت والمخططين العسكريين ومجموعة كبيرة من الشركات التي تعتمد على أشباه الموصلات في تايوان، يتحركون بالفعل للتحوط ضد المخاطر.

ويعكف خبراء الأمن القومي في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، ومراكز الأبحاث في الولايات المتحدة واليابان، والشركات الاستشارية العالمية، على دراسة سيناريوهات تتراوح بين فرض “الحجر الصحي” الصيني على تايوان، إلى الاستيلاء على جزر تايوان النائية، ثم الحرب الصينية واسعة النطاق.

الصين وتايوان

الصين وتايوان

أزمة تايوان

قال خبير الشؤون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جود بلانشيت، إن الاهتمام بأزمة

من جانب الشركات المتعددة الجنسيات تجلى بوضوح منذ حرب روسيا على أوكرانيا عام 2022. وأضاف أن الموضوع يظهر في 95% من المحادثات.

وأوضح أن الغزو الروسي لأوكرانيا، ونقص أشباه الموصلات مع إعادة فتح العالم بعد عمليات الإغلاق التي فرضها فيروس كورونا، يقدم لمحة صغيرة عن الاقتصاد العالمي. حيث سيكون تأثير الحرب في مضيق تايوان أعظم بكثير. فبالنسبة للصين، التي تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، فإن أي مسعى رسمي من جانب الجزيرة للاستقلال سيكون بمثابة تجاوز للخط الأحمر.

تايوان وأشباه المواصلات

تصنع تايوان معظم أشباه الموصلات المنطقية المتقدمة في العالم، والكثير من الرقائق المتطورة. وعلى الصعيد العالمي، يأتي 5.6% من إجمالي القيمة المضافة من القطاعات التي تستخدم الرقائق كمدخلات مباشرة، أي ما يقرب من 6 تريليون دولار.

وإجمالي القيمة السوقية لأفضل 20 عميلاً لشركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية العملاقة للرقائق (TSMC) حوالي 7.4 تريليون دولار. ومن ناحية أخرى يعد مضيق تايوان أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم.

عبور طائرات مقاتلة وبالون صيني مضيق تايوان قبل شهر من الانتخابات

عبور طائرات مقاتلة وبالون صيني مضيق تايوان قبل شهر من الانتخابات

سيناريوهات الحرب الصينية

من ناحية أخرى، وضعت بلومبرج إيكونوميكس سيناريوهين للحرب الصينية، أولها أنها ستجر الولايات المتحدة إلى صراع محلي، والثاني الحصار التجاري لتايوان الذي يفصل تجارتها عن بقية العالم. هذا فضلا عن الضربة التي ستتلقاها إمدادات أشباه الموصلات، وتعطيل الشحن في المنطقة، والعقوبات التجارية والرسوم الجمركية والتأثير على الأسواق المالية.

وبالنسبة للأطراف الرئيسية، والاقتصادات الكبرى الأخرى، والعالم ككل، فإن الضربة الأكبر تأتي من أشباه الموصلات المفقودة. سوف تتوقف خطوط المصانع التي تنتج أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والأجهزة اللوحية، والهواتف الذكية، حيث تعتبر الرقائق المتطورة في تايوان بمثابة “الهب” الذي لا يمكن تعويضه، كما ستتعرض صناعة السيارات والقطاعات الأخرى التي تستخدم الرقائق المنخفضة الجودة لضربة كبيرة. وستؤدي الحواجز أمام التجارة والصدمة الكبيرة الناجمة عن العزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية إلى زيادة التكاليف.

في حالة الحرب

في حالة اندلاع الحرب سوف يتم تدمير اقتصاد تايوان، واستنادًا إلى الصراعات الأخيرة المماثلة، تقدر بلومبرج إيكونوميكس ضربة بنسبة 40% للناتج المحلي الإجمالي. وفي ظل تواجد القاعدة الكبيرة السكانية والصناعية على الساحل فإن ذلك يزيد من التكلفة البشرية والاقتصادية.

وبالنسبة للصين، مع انقطاع العلاقات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين وعدم القدرة على الوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة، فإن ناتجها المحلي الإجمالي سوف يعاني من ضربة بنسبة 16.7%.

وبالنسبة للولايات المتحدة، التي هي بعيدة عن الحدث ستتأثر أيضا، في ظل اعتماد شركة أبل على سلسلة توريد الإلكترونيات الآسيوية، على سبيل المثال، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 6.7%.

ربما يعجبك أيضا