انسحاب إيطاليا من الحزام والطريق.. ماذا يعني للولايات المتحدة؟

خروج روما من الحزام والطريق يقدم فرصة لواشنطن

آية سيد
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني

المساوئ الاقتصادية لم تكن السبب الوحيد وراء انسحاب إيطاليا من الحزام والطريق.


بنهاية العام الماضي، أعلنت إيطاليا رسميًا إنهاء مشاركتها في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وبهذه الخطوة، أصبحت إيطاليا أول دولة تنسحب من المشروع، الذي أطلقه الرئيس الصيني، شي جين بينج، في 2013، ودفعت الكثيرون للتخوف من أن خروج روما قد يكون مشابهًا لحالات خروج تجاري أخرى في أنحاء القارة، والعالم، على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست).

انضمام إيطاليا للمبادرة

في تحليل بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أول من أمس الجمعة 26 يناير 2024، أوضح الباحثان، خوان فيلازميل، ونيكولو كوميني، أنه عبر مبادرة الحزام والطريق، يستثمر الحزب الشيوعي الصيني في 147 دولة حول العالم، مع التركيز على الدول النامية غير الغربية في آسيا، وإفريقيا وأمريكا الجنوبية.

مبادرة الحزام والطريق

مبادرة الحزام والطريق

ولهذا، كانت مشاركة إيطاليا في المبادرة صدمة للغرب. وبالتوقيع على مذكرة تفاهم بين شي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق، جوزيبي كونتي، في 2019، كان كونتي يتطلع إلى الاستفادة من وضع الصين الاقتصادي المهيمن وجلب المستثمرين إلى إيطاليا، التي كانت في أشد الحاجة إليهم.

إلا أن هذه الخطوة أثارت قلق الكثير من حلفاء روما، مثل الاتحاد الأوروبي، الذي كانت إيطاليا من أكبر المستفيدين من برامجه المتعددة للتمويل، والولايات المتحدة، التي رأت أن العلاقة النامية بين الصين وإيطاليا تدل على التدهور المحتمل في علاقتها مع روما.

شراكة غير متكافئة

بعد مضي 5 أعوام على الانضمام إلى المبادرة، لم تحقق إيطاليا توقعاتها، وفق الباحثين. فصادرات الصين إلى إيطاليا نمت بمقدار 17 مليار يورو، في حين نمت الصادرات الإيطالية إلى الصين بمقدار 4 مليارات يورو فقط. وسرعان ما أصبح واضحًا أن روما حصلت على أسوأ ما في الصفقة.

ونظرًا لسُمعة إيطاليا كواحدة من أكثر الدول المثقلة بالديون في الاتحاد الأوروبي، تسبب العجز التجاري المتزايد مع الصين في تغيير تفكير صناع السياسة.

العودة إلى الغرب

أشار الباحثان إلى أن المساوئ الاقتصادية لم تكن السبب الوحيد وراء انسحاب إيطاليا من الحزام والطريق. هذا لأن أوروبا تبتعد عن التجارة الصينية. وفي سبتمبر 2023، بدأت المفوضية الأوروبية التحقيق في صادرات السيارات الكهربائية الصينية.

مبيعات السيارات الكهربائية خلال 2023 1

مبيعات السيارات الكهربائية في 2023

وبعد تعرضها لضغوط بسبب الواقع الاقتصادي للشراكة التجارية، أعادت رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، توجيه إيطاليا نحو الغرب، ليس فقط بالانسحاب من الاتفاقية، بل أيضًا بإعادة تأكيد التزام إيطاليا تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ووفق الباحثين، أهداف ميلوني الرئيسة هي دعم جهود أوكرانيا وتحسين علاقات روما العابرة للأطلسي. ومن وجهة نظرها، العلاقات الأقوى مع الصين عرقلت هذه الأهداف، خاصة عندما لم تثمر عن مكاسب اقتصادية كافية لتبرير الشراكة.

دور واشنطن

دفع تقارب إيطاليا من الغرب الولايات المتحدة إلى بدء مبادرات تركز على التجارة مع شركائها الإقليميين، متعهدةً بالنمو لكل الأطراف المشاركة.

ميلوني في البيت الأبيض وتلتقي بايدن

الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني

ورأى الباحثان أنه يجب على الولايات المتحدة أن تمد يد المساعدة لإيطاليا، ليس فقط لأنه لا ينبغي أن تعتبر وجود حليف أوروبي ومتوسطي على أنه أمر مضمون، ولكن لأن هذه الخطوة ستسلط الضوء أيضًا على قيادتها.

وخروج روما من الحزام والطريق يقدم فرصة لواشنطن لإظهار لماذا العلاقات الأمريكية الأوثق مجزية أكثر من التقارب مع أشرس منافسيها الجيوسياسيين. ويجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تُظهر للآخرين في المنطقة لماذا الأمن والازدهار الاقتصادي الذي تقدمه يظل لا نظير له.

أهمية روما

حسب الباحثين، يمكن استخدام إيطاليا كدراسة حالة، في إشارة رمزية إلى الاستياء الإقليمي. وكذلك يمكن اعتبار تصرفات إيطاليا فرصة للولايات المتحدة بطرق أخرى.

وبسبب موقفها المهيمن في البحر المتوسط، تبقى روما حليفًا أساسيًا لواشنطن، وتقدم إمكانية وصول لا مثيل لها للممرات المائية الحيوية. وبالتالي، كلما توطد الرابط بين البلدين، كان أفضل. والآن تجد واشنطن وشركاؤها الإقليميون أنفسهم في لحظة مثالية لإعادة تنشيط العلاقة الاستراتيجية مع روما.

ربما يعجبك أيضا