انهيار تاريخي بأسعار تحت الصفر.. كورونا يسدد ضربة موجعة للنفط الأمريكي

محمد عبد الدايم

رؤية – محمود سعيد

هوت العقود الآجلة للخام الأمريكي خلال تعاملات، اليوم الإثنين، إلى ما دون الصفر، مسجلة أدنى مستوى لها في التاريخ، حيث تم تداول العقود الآجلة لخام “غرب تكساس الوسيط”، عند مستوى -37.63 دولار للبرميل (مستوى سالب)، بانخفاض نسبته 305.97%، ويأتي الانهيار التاريخي في أسواق النفط وسط حالة من الركود الاقتصادي بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، والإجراءات التي تم اتخاذها لمكافحته، ويؤكد أن الاتفاق الذي وقعته مجموعة “أوبك ” والذي أُعلن عنه مطلع الشهر الجاري غير كاف.

ولا شك أن اليوم الإثنين سيعد فارقا في تاريخ صناعة النفط العالمية، خصوصا أن البيانات الاقتصادية الضعيفة من ألمانيا واليابان ألقت ولا شك شكوكا على موعد انتعاش استهلاك الوقود، خصوصا مع انخفاض الطلب على النفط بشكل غير مسبوق.

وكان النفط الخام الأمريكي قد سجل أكبر هبوط له منذ عام 1983، بعد أن وصل سعر البرميل إلى 1.02 دولار، في وقت سابق الإثنين، قبل أن ينهار محققا أرقاما قياسية جديدة، ويحذر صندوق النقد الدولي من أن دخول اقتصادات العالم في دوامة من الهبوط سيكون الأعمق منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي، والكساد الكبير أو الانهيار الكبير هي أزمة اقتصادية حدثت في عام 1929م ومرورًا بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة بأمريكا ويقول المؤرخون إنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمسمى بالثلاثاء الأسود.

البائعون

وللمرة الأولى في التاريخ سيضطر البائعون للدفع للمشترين لأخذ عقود آجلة للنفط لتشجيعهم على أخذ عقود آجلة للنفط، في محاولة لتقليل الخسائر.

وتعود أسباب هذا الوضع إلى طلب منخفض على النفط وسط انتشار فيروس كورونا حول العالم، وعدم وجود القدرات الكافية لتخزين كميات النفط المفرطة، حيث يتوقع بعض المراقبون نفاد قدرات التخزين في الولايات المتحدة خلال أسبوعين.

وعلى خلفية امتلاء المستودعات سيضطر المنتجون لدفع الأموال للمشترين من أجل تفادي إغلاق حقولهم النفطية، فيما يتصاعد بناء المخزونات النفطية في العالم، بما في ذلك المركز الرئيسي للتخزين بالولايات المتحدة في أوكلاهوما.

ويتردد صدى انهيار الأسعار عبر صناعة النفط، حيث تم إيقاف 13% من الحفارات الأمريكية الأسبوع الماضي بسبب عدم جدوى التكاليف في ظل الأسعار الحالية.

أسباب الانهيار

وبحسب “الفرنسية” عزا الخبراء تداول عقود الخام الأمريكي تسليم مايو عند مستويات سلبية، لعدة أسباب منها الفنية، إذ أن عقود النفط التي هبطت تنتهي صلاحيتها الثلاثاء (21 أبريل 2020) لذلك من يملك العقد يجب أن يستلم كميات النفط المنصوصة فيه، ومع امتلاء مستودعات التخزين في الولايات المتحدة بدأ التجار في التخلص من هذه العقود، إذ أن من سيستلم لن يجد مكان للتخزين ولو وجد المكان، فإن تكلفة التخزين ستكون مرتفعة للغاية.

أي أن من لديه العقد سيطالب بدفع تكاليف التخزين والنقل وغيرها من النفقات، وتداول العقود بالسالب يعني أن البائع مستعد أن يدفع للمشتري مقابل امتلاك العقد وهو أقل تكلفة للبائع من تكاليف امتلاك النفط وتخزينه.

ولا يجب أن ننسى أن أسواق النفط تتعرض لضغوطات بسبب تراجع الطلب العالمي على النفط بسبب جائحة كورونا والإجراءات التي اتخذتها الحكومات للحد من انتشار الفيروس.

فيما أعتبر المستشار النفطي الدولي، الدكتور محمد سرور الصبان، أسباب تراجع خام نايمكس الأمريكي أن “ما قام به تحالف أوبك بلس غير كاف لسحب الفائض من السوق النفطية، وكان من المفروض أن تنضم إلى هذا التحالف في تخفيض إنتاج النفط كل من أمريكا والنرويج وكندا والبرازيل إلا أنهم إلى الآن لم يقوموا بذلك وبقيت أمريكا تتذرع بأن إنتاجها سينخفض بشكل تلقائي، مليوني دولار وهذا ليس تعهد وهو قائم على افتراض أن الأسعار الحالية للنفط الأمريكي ستستمر بنفس الوتيرة حتى نهاية العام”.

الذهب

وقفزت أسعار الذهب بما يصل إلى واحد في المئة، بعد أن سجلت في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى لها في أكثر من أسبوع، مع انهيار أسعار النفط الأمريكي وهو ما يوجه ضربة إلى الأصول العالية المخاطر ويدفع المستثمرين إلى التماس الأمان في المعدن النفيس، وسجل سعر الذهب للبيع الفوري 1689.80 دولار للأوقية (الأونصة) في أواخر جلسة التداول، مرتفعا 0.33 بالمئة عن الإغلاق السابق بعد أن سجل في وقت سابق أدنى مستوى له منذ التاسع من أبريل عند 1670.55 دولار.

الحل الأمثل

أما المستشار في شؤون الطاقة والنفط، مصطفى بازركان، فرأى أن الحل الأمثل لتجنب مزيد من تدهور الأسعار في العقود المقبلة، هو إجبار الحكومة الأمريكية شركات النفط على وقف الإنتاج.

وقال بازركان: “النفط الأمريكي يتحمل المسؤولية لأنه تمادى في الإنتاج، لم يكن هناك أي مؤشر على التعاون بخفض الإنتاج الأمريكي مع دول أوبك وروسيا”.

وأضاف: “هناك هبوط شديد في الطلب، والشوارع خالية من السيارات، وانخفاض الاستهلاك، وتوقف الشحن البحري والطيران المدني، والشركات الكبرى تنهار.. وأمام كل ذلك لم تستجب الصناعة النفطية لهذه التغيرات، فحدث الانهيار”.

ربما يعجبك أيضا