باستراتيجية التمركز في الصحراء .. داعش يُصعد في سوريا مستغلًا «كورونا»

محمود سعيد
رؤية – محمود سعيد

رغم خسارة تنظيم “الدولة” المعروف إعلاميا باسم “داعش” الغالبية العظمى من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، إلا أن التنظيم أعاد تنظيم صفوفه إلى حد ما، واستمر في استخدام استراتيجية التمركز في الصحراء ثم شن هجمات خاطفة، خصوصا أن معاقله اليوم هي البادية السورية ومناطق الحدود العراقية السورية وبعض المناطق الجبلية شرق سوريا، ويقدر عدد أعضاء التنظيم اليوم في الصحراء السورية – العراقية بأكثر من 15 ألف مقاتل، ويعيش عناصر التنظيم في مخابئ بعيدة وملاجئ تحت الأرض، ويستخدمون الطاقة الشمسية لتشغيل أجهزتهم الإلكترونية.

التنظيم بدأ في استغلال تفشي فيروس كورونا، في العراق وسوريا، وبدأ بشن هجمات عسكرية هي الأكبر له منذ انحساره مع هزيمته وانسحابه من الموصل ومناطق شرقي سوريا، حيث اعتبر إعلام التنظيم أن “كورونا” منحة لابد من استغلالها، وزاد التنظيم مؤخرًا من نشاطه في ريفي دير الزور والحسكة، عبر عمليات استهداف لعناصر وقادة من “قسد” شرقي الفرات عبر خلاياه النائمة، كما زادت وتيرة عملياته وهجماته في باديتي حمص الشرقية وديرالزور الجنوبية ومناطق جنوب محافظة الرقة، في غرب الفرات، كما استهدف طرق إمدادات قوات النظام في طريق “دمشق – ديرالزور” الاستراتيجي، بل ووصلت عملياته الحدود بين سوريا والعراق بالقرب من مدينة البوكمال السورية ومدينة القائم العراقية.

وفي مطلع شهر أبريل/ نيسان الجاري، نشرت وكالة “أعماق” التابعة لـ تنظيم “الدولة” إصداراً مرئياً تحت عنوان “ملحمة الاستنزاف” يتحدّث عن عمليات عسكرية لـ”التنظيم” نفّذتها ضد قوات الأسد في البادية السوريّة، وتركّزت معظمها قرب منطقة السخنة.

العوامل المساعدة

التنظيم استغل التوتر والقصف المتبادل بين ميليشيات الحشد الشيعية الموالية والقوات الأمريكية في العراق والذي وصل إلى سوريا أيضا خصوصا بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني في العراق، وكذلك التوتر بين تركيا وقسد (قوات سوريا الديمقراطية) من جانب آخر، والمعارك التي وقعت في جنوب إدلب من جانب ثالث، وحتى انشقاق عدد من قوات مغاوير الثورة المتخصصة في حرب التنظيم في قاعدة التنف عن قوات التحالف الدولي.

كل هذه العوامل ساعدت التنظيم على رص صفوف قواته، خصوصا أن له الكثير من الخلايا النائمة في أكثر المدن التي انسحب منها، وهناك رفض شعبي لسلطة قسد في بعض المناطق من الريف الشرقي لديرالزور، كما يروج إعلام النظام أن التنظيم يمتلك موارد مالية ولوجستية حيث إنه يحصل من قسد على جزء من عائدات النفط في ريف دير الزور على شكل إتاوات، ولهذا زاد التنظيم من وتيرة هجماته خلال الأشهر القليلة الماضية وبشكل خاص في غرب دير الزور وفي بادية حمص.

بادية حمص

حيث شهدت محاورُ عديدة في بادية السخنة شرق حمص، اشتباكات عنيفة بين تنظيم “الدولة” وقوات النظام والميليشيات المساندة لها، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى مِن الطرفين، وقتل وجرح عشرات العناصر مِن قوات نظام الأسد والميليشيات المساندة لها، قبل أيام ، بـ كمين نصبه عناصر مِن تنظيم “الدولة” في البادية السورية قرب تدمر شرق حمص، وحسب ما ذكرت “تنسيقية تدمر”، فإن عناصر مِن تنظيم “الدولة” نصبوا كميناً لـ مجموعات مِن قوات النظام والميليشيات الإيرانية المساندة لها قرب قرية “أرك” شرقي تدمر، واستهدفوهم بالصواريخ، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وأضافت التنسيقية، أن قوات النظام والميليشيات الإيرانية المساندة لها استقدموا تعزيزات عسكرية مِن العاصمة دمشق إلى منطقة السخنة قرب تدمر، فضلأً عن استقدام تعزيزات مماثلة مِن ريفي الرقة ودير الزور، كذلك، شنّت طائرات حربية تابعة لـ روسيا ونظام الأسد عشرات الغارات بالصواريخ، على محيط بلدة السخنة قرب تدمر وصولاً إلى عمق البادية السوريّة قرب الحدود مع العراق، حيث تنتشر خلايا تنظيم “الدولة”.

مِن جانبها، ذكرت شبكة “المحرّر” الإخبارية أن تنظيم “الدولة” استخدم أسلحة إيرانية خلال هجماته الأخيرة على مواقع قوات النظام والميليشيات في بادية السخنة، مؤكّدة أن الهجمات تمّت بتقنيات صاروخية إيرانية ومتطوّرة جداً.

عمليات في دير الزور

كما سيطر التنظيم على بلدة “كباجب” جنوبي محافظة دير الزور عقب هجوم كبير على مواقع قوات النظام داخل البلدة، وتقع بلدة “كباجب” على طريق (دير الزور – حمص) وتبعد عن مدينة ديرالزور بنحو 50 كيلو متر.

كما استهدف مجهولان يستقلان دراجة نارية بالأسلحة الرشاشة، أحد حواجز قوات سوريا الديمقراطية في قرية الحوايج شرق دير الزور، دون معلومات عن خسائر بشرية، وعلى صعيد متصل، تم اغتيال “أمني سابق” في تنظيم “الدولة”، ممن انضموا إلى استخبارات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لاحقاً، وذلك بإطلاق النار عليه في بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي.

التحالف

أمام كل هذه التطورات، أكد بيان للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عزمه مواصلة قتال خلايا تنظيم “الدولة” في كل من سوريا والعراق، وذلك رغم التحديات التي يفرضها وباء “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ونفذت قوات من التحالف تدريبًا بالمدفعيات البعيدة المدى وباستخدام الذخائر الحية بمحيط حقل “كونيكو” و”جديد عكيدات” بريف دير الزور الشرقي.

وجدد القادة السياسيون للمجموعة المصغرة في التحالف الدولي عزمهم ممارسة أقصى ضغط ممكن على التنظيم.

وجاء التدريب بالتزامن مع وصول قافلة للتحالف الدولي تضم نحو 40 آلية عسكرية نوع “هامفي” محملة بجنود تابعين للقوات الأمريكية عبر معبر الوليد مع العراق، واتجهت القافلة إلى القاعدة الأمريكية في مدينة الشدادي.

ومؤخرًا استقدم التحالف الدولي أسلحة نوعية إلى قواعده في ريف دير الزور، ونشر موقع “نورث برس” المحلي، تسجيلًا مصورًا، يظهر قيام طائرة عسكرية بإفراغ حمولتها عبر إنزالات جوية بالقرب من قاعدة “حقل العمر” النفطي بريف دير الزور الشرقي، لافتًا إلى أن العملية تمت في وقت متأخر من الليل.

ربما يعجبك أيضا