بتصدير الفوضى.. أردوغان يعيد “سيناريو” سوريا في ليبيا

جاسم محمد

كتب ـ جاسم محمد

ما زال أردوغان يراهن على توسيع نفوذه في منطقة الشرق الأوسط، فبعد دوره بإشعال الفوضى في سوريا، التي نجح فيها نسبيًا بتهديد دول المنطقة وأوروبا، باستخدامه ورقة الهجرة غير الشرعية و”الجهاديين”، اليوم يعيد أردوغان ذات السيناريو من داخل ليبيا.

ارتفعت وتيرة استخدام أردوغان للطائرات من دون طيار محلية الصنع، العائدة لصهره “بيرقدار” وبحسب تقرير لمجلة دير شبيغل الألمانية، فإنه لا يكاد يخلو بلد تتدخل فيه أنقرة بقوتها العسكرية من طائرات “بيرقدار تي بي 2. وتستخدم تركيا بقوة وكثافة غير مسبوقين في ليبيا لدعم حكومة طرابلس، التي يتزعمها فائز السراج  والتي تعتمد على ميليشيات متطرفة.

كشف موقع “إتاميل رادار” المتخصص في تتبع الرحلات الجوية العسكرية وصول طائرة تركية من طراز ” ATR-72 600 MUA” إلى مدينة مصراته  يوم 6 مارس 2020  قادمة من مطار الأمان جنوبي تركيا، وأفاد الموقع العسكري الإيطالي بأن الطائرة قامت بنشر عدد من الطائرات دون طيار من طراز بيرقدار في مدينة مصراتة.

درون بيرقدار

بدأت تركيا تطوير برنامج الطائرات بدون طيار في 2005، فقد كانت تملك بعض هذه الطائرات التي زودتها بها إسرائيل، وبعد عدة سنوات أصبحت أنقرة تملك درون مصنعة محلية، أهمها Bayraktar TB2 التي تستخدمها تركيا وتصدرها، ومزودة برؤوس متفجرة وزنها 22.5 كيلوغرام.

أثارت وثيقة صادرة من موقع “بتيسيدياستيما” المعني بالقضايا العسكرية والأمنية في أثينا، االشكوك حول قدرة طائرات بيرقدار الفنية بسبب كثرة الأعطال. وتملك تركيا ما يقرب من 100 طائرة بدون طيار طراز “بيرقدار 2″، تقوم إجمالا ب ستة آلاف ساعة طيران شهريًا، وتستخدم داخل الأراضي التركية في تتبع واستهداف عناصر حزب العمال الكردستاني.

يتراوح وزن القذيفة التي يمكن للدرونز التركية تحملها من 45 إلى 65 كيلوجراما، كما أن المدى الإجمالي للطيران لا يتعدى 150 كيلومترا، ما يجعل الطائرة محدودة المناورة والفاعلية للغاية.

ذكر الموقع السويسري “إنفوشبيبار” في هذا الإطار: “في دولة تفتقر للشفافية واحترام حقوق الإنسان أو حتى حق مواطنيها في الحياة، فإن وجود مثل هذا النوع من الطائرات، يعد خطرا كبيرا، ومصدرا جديدا لانتهاك الحقوق الأساسية”.

مخاوف أوروبية من التدخل العسكري التركي في ليبيا

أدان وزراء خارجية كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا خلال اجتماع يوم 7 يناير 2020 خطط تركيا لإرسال خبراء ومدربين عسكريين إلى ليبيا، واعتبروا التدخل الخارجي التركي في ليبيا  مساعي لعرقلة مساعي إيجاد حل سياسي وفرض الاستقرار. وفي تطور آخر طالب الاتحاد الأوربي بمزيد من الإيضاحات حول الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبي، بشأن الحدود البحرية. وأعلن الاتحاد الأوروبي في بيانه “تضامنه التام مع اليونان وقبرص”، مشددا على “ضرورة أن تحترم تركيا السيادة والحقوق السيادية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”.

المخاوف الأوروبية ما زالت قائمة، من “استثمار” تركيا ملف الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط من أجل ابتزاز أوروبا، من داخل ليبيا  وهي تعيد ذات سيناريو “سوريا” بفتح باب الهجرة غير الشرعية و”الجهاديين”.

عائلة أردوغان صفقات نفط مع تنظيم داعش

العلاقة بين صهر أردوغان والطائرة بدون طيار لدى الأتراك، تعود إلى شركة “بيرقدار” التقنية، التي يملكها صهر أردوغان سلجوق، والتي أثارت العديد من علامات الاستفهام لدى المعارضة التركية، حول طبيعة التمويل المالي للشركة ونجاعة الطائرة بعد أدائها السيئ في سوريا وليبيا.

وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية في دسمبر 2016 أن هناك أدلة قوية على علاقة برات، صهر أردوغان الكبير، بشركة تركية متهمة بشراء النفط من تنظيم داعش الذي كان يسيطر على عدد كبير من آبار النفط في سوريا والعراق خلال عامي 2015 و2016 وهو ما نفته الحكومة التركية. واتهمت روسيا عائلة أردوغان بالإتجار بالنفط المنتج في مناطق يسيطر عليها داعش فقد قال نائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنطونوف، أواخر 2016 أن نجل أردوغان بلال وصهره يتاجران بالنفط الذي يبيعه تنظيم داعش إلى وسطاء ينتهي في آخر المطاف في تركيا.

النتائج

اليوم يتخذ، أردوغان، من ليبيا نقطة ارتكاز لتهديد دول منطقة الشمال الأفريقي ،خاصة مصر، وينطلق أكثر نحو أفريقيا، غربا وشرقا، ويتخذ من السواحل الليبية، إعادة تصدير إلى “الجهاديين”. رغم أن بعض المعنيين يقولون، إن نقل “الجهاديين” إلى ليبيا، هي محاولة من أردوغان للتخلص من بعض الفصائل “الجهادية” في سوريا، إلا أن أطماع ايران وخططه هي أوسع من ذلك بكثير. المشكلة تكمن، في غياب الرادع، السياسي والاقتصادي والعسكري لردع سياسات أردوغان، وهذا يعتبر مؤشر خطير، بات يهدد النظام السياسي دوليا وإقليميًا.

إن، حكم “العائلة” في تركيا من شأنه أن يقوض شعبية أردوغان في الداخل وسط انتقادات المعارضة السياسية وكذلك تصاعد الأزمة الاقتصادية.

أما توسع أردوغان وتدخله عسكريا في مناطق الصراع، التي من شأنه، أن يشعل فتيل الحروب أكثر، فيبدو أنها استراتيجية يعتمدها أردوغان الآن في سوريا وليبيا والصومال وأفغانستان والعراق وغرب أفريقيا.

ما يقوم به أردوغان بنقل المرتزقة و”الجهاديين” والأسلحة أمام أعين العالم، هو تحد للشرعية الدولية، ولمخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، يناير 2020، والذي شاركت فيه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وما يقوم به أردوغان الآن هو “صفعة” كبيرة للاتحاد الأوروبي تحديدًا.

أوروبا ما زالت تتبع “النهج الدبلوماسي” التقليدي أمام تدخلات أردوغان العسكرية، مع تقديرات تؤكد بأن الاتحاد الأوروبي، غير قادر على إرسال أي قوات عسكرية أو لجان مراقبة إلى ليبيا، كذلك، فإن الولايات المتحدة هي الأخرى ليست مرحبة بالتدخل العسكري في مناطق النزاع ومنها ليبيا، وهذا يعني ان أردوغان ماض في سياساته، طالما هناك غياب آلية تطبيق قرارات أممية  أبرزها القرار 2292 الخاص في ليبيا.

ما بات مطلوبا، هو نهوض دول المنطقة، أي منطقة الشرق الأوسط، بمسؤوليتها في مواجهة سياسات أردوغان، خاصة دول الجوار الليبي والسوري، وأن تستبعد من حساباتها، أي جهود ميدانية من قبل الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة.

ربما يعجبك أيضا