بعد اتهامها بالاحتيال.. سحابة “هواوي” تهدد المحادثات الأمريكية – الصينية

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

في تصعيد جديد للأعمال العدائية بين أكبر قوى اقتصادية بالعالم، اتهمت وزارة العدل الأمريكية عملاقة التكنولوجيا الصينية “هواوي” ومديرتها المالية منغ وان تشو، بالاحتيال وسرقة أسرار تجارية وانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، كما تقدمت بطلب رسمي للسلطات الكندية لتسلم منغ وان على خلفية هذه الاتهامات التي تأتي بعد ساعات من وصول نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، ليو خه، إلى واشنطن، لإجراء مشاورات اقتصادية يعول عليها العالم لإنهاء حرب تجارية مستعرة بين البلدين وتهدد الاقتصاد العالمي بمزيد من العثرات خلال العام الجاري.

وقال نائب المدعي الأمريكي بالوكالة، ماثيو ويتاكر في بيان، إن وزارة العدل أصدرت لائحة اتهامات يصل مجموعها إلى 23 اتهاما ضد “هواوي” والشركات التابعة لها، والمديرة منغ وان تشو، أبرزها يتعلق بالأسرار التجارية وانتهاكات العقوبات.

الشركة الرائدة في عالم شبكات الهواتف المحمولة -متهمة بحسب لائحة العدل الأمريكية- بسرقة أسرار تجارية من شركة “تي موبايل”، ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي، إنه حصل على رسائل بريد إلكتروني توضح أنه في عام 2013، قدمت الشركة مكافآت للموظفين استناداً إلى قيمة المعلومات التي سرقوها من شركات أخرى، وكان من بينها “تي موبايل” الأمريكية.

كما اتُهمت الشركة ومنغ بالاحتيال على البنوك، لانتهاك العقوبات المفروضة على إيران، وبمحاولة تضليل العدالة عبر نقل موظفين لهم علاقة بالقضية إلى الصين لمنع المحققين الأمريكيين من الوصول إليهم، وفي ديسمبر الماضي اعتقلت منغ ابنة مؤسس الشركة، في كندا بناء على طلب من السلطات الأمريكية.

من جانبها نفت الشركة الصينية هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وقالت -في بيان صدر اليوم- نشعر بخيبة أمل حيال هذه الاتهامات، وسبق لنا أن حاولنا التواصل والتعاون مع السلطات الأمريكية، إلا أن هذه الجهود رفضت وبدون تفسير،  ونؤكد أنه لا علم لدى إدارة الشركة بوجود أي انتهاك للقوانين الأمريكية، سواء من جانب الشركة الأم أو الشركات التابعة أو من جانب السيدة منغ، لذا نعتقد أن المحاكم الأمريكية ستصل في النهاية إلى النتيجة نفسها.

في أول تعليق رسمي جانب بكين، قال متحدث باسم وزارة الخارجية، ظهر اليوم، إن بلاده قلقة  بشأن هذه الاتهامات الجنائية غير الأخلاقية، وسبق وأن حثت الولايات المتحدة على إيقاف ممارسة الضغط غير المعقول على الشركات الصينية، بما فيها شركة هواوي، مضيفا منذ فترة استخدمت الولايات المتحدة سلطتها الوطنية لتشويه سمعة هواوي وقمعها وحاولت التدخل في العمليات المشروعة للشركة، وكان هذا التصرف يتضمن نوايا وتلاعبات سياسية قوية.

وتابع الصين ستدافع بحزم عن الحقوق والمصالح المشروعة لشركاتها، وبالنسبة إلى قضية منغ، فالولايات المتحدة وكندا أساءتا استخدام معاهدة التسليم الثنائية بينهما على نحو اعتباطي لاتخاذ إجراءات إلزامية ضد مواطنة صينية، الأمر الذي انتهك بشدة سلامة المواطنة الصينية وحقوقها ومصالحها المشروعة، وسنحث الجانب الأمريكي مرة أخرى على سحب مذكرة التوقيف على الفور بحق السيدة منغ.

تسببت هذه الاتهامات صباح اليوم في هبوط البورصات الآسيوية، حيث استهلت الأسهم الصينية أعمالها منخفضة بنحو 0.8% ، واليابانية 1%، والكورية الجنوبية 0.3%، كما تراجعت أسهم التكنولوجيا والسيارات في الأسواق الأوروبية، وسط مخاوف من تأثير قضية “هواوي” على آفاق صفقة تجارية يعول عليها لإنهاء حرب التعريفات الجمركية بين أكبر اقتصادين بالعالم.

ومن المقرر أن تبدأ جولة جديدة للمحادثات التجارية الصينية الأمريكية في واشنطنK غدا الأربعاء، وستتضمن لقاء يجمع بين ترامب ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني، وبحسب تصريحات وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، يتوقع إحراز تقدم كبير خلال هذه المحادثات، على الرغم من سحابة هواوي.

تعتبر السلطات الأمريكية هواوي تهديدا للأمن الإلكتروني بالبلاد، بما تملك من قدرات تمكنها من السيطرة والتجسس على شبكات الاتصالات الحيوية بالعالم، ففي منتصف أغسطس الماضي، صدرت تشريعات تحظر على المؤسسات الحكومية بأمريكا وعدد من الدول الغربية اعتماد خدمات “هواوي”، و”زد تي إي”، وعدد من الشركات الصينية الآخرى، كما حظر الجيش الأمريكي شراء هواتف هواوي بدعوى تعريضها أفراد الجيش، ومعلوماتهم، ومهماتهم للخطر، وسبق وأن تحدثت الاستخبارات الأمريكية عن مخاوف تتعلق بالشركة وقدراتها على تسهيل عمليات التجسس الصيني بأمريكا.

ما يعزز هذه المخاوف الأمنية، الخلفية العسكرية لمؤسس “هواوي” رين تشنغ الضابط السابق في الجيش الصيني، وقانون المعلومات الوطني الصيني الصادر في عام 2017 والذي يلزم الهيئات والشركات العاملة بالبلاد بالتتعاون مع أجهزة الاستخبارات الوطنية.

ردا على هذه المزاعم اقترحت شركة “هواوي” الصينية مطلع هذا العام، فتح مختبرات التطوير الخاصة بها أمام مراقبين من بعض الدول الغربية، في خطوة تسعى من خلالها لتهدئة المخاوف بشأن المخاطر الأمنية لمنتجاتها.

ربما يعجبك أيضا