بعد استبعادها.. لماذا حذفت “الفضائيات” من “الكيانات الإرهابية” وكيف تواجه مصر القنوات المحرضة؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

في ضوء مساعي الدولة المصرية للقضاء على منابع الإرهاب والكيانات الإرهابية، وتمويلها، وافق مجلس النواب، أمس الإثنين، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وتم إحالة القانون لمجلس الدولة لأخذ رأيه، على أن تتم الموافقة النهائية عليه في جلسة قادمة.

فما هو قانون “قوائم الكيانات الإرهابية” وما هي المواد المعدلة؟

في فبراير 2015، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارًا بالقانون رقم 8 لسنة 2015، في شأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، بهدف وضع إطار قانوني لتحديد الأشخاص والكيانات الإرهابية واتخاذ التدابير المناسبة لمكافحته، وبما يؤدي إلى زيادة فعالية إجراءات مكافحة الإرهاب وتمويله على النحو الذي يساهم في الحد من هذه الجريمة، وذلك في إطار سعي الدولة لإحكام التشريعات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والعمل على تماشيها مع الأطر الدولية الصادرة في هذا الشأن، ومن أهمها: اتفاقية قمع تمويل الإرهاب لعام 1999، وقرار مجلس الأمن رقم 1373/2001.

والكيان الإرهابي: يقصد به الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات، أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي، متى مارست أو كان الغرض منها الدعوة بأي وسيلة في داخل البلاد أو خارج البلاد إلى إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة، أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم، أو غيرها من المرافق العامة، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية فى مصر من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها أو مقاومتها، أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو منع أو عرقلة سيرها أو تعريضها للخطر بأي وسيلة كانت، أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو آمنه للخطر أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي.

لماذا تم حذف “وسائل الإعلام” في النص المعدل؟

في هذا الشأن يوضح الدكتور علي عبدالعال، أن هناك شبهة عدم دستورية في صياغة هذة المادة، والأفضل هو تفاديها بحذف هذا النص، وهذا القانون مؤقت وتحفظي، ويعالج فترة معينة ما بين القبض على الإرهابي وحتى صدور الحكم.

وقال النائب علاء عابد: إن القنوات الفضائية عبارة عن شركات وتصريح ورخصة، وبالتالي لامانع من حذف التعريف المحدد في صدر المادة، ولاسيما أن صياغة النص بوضعه القائم تخل بحقوق الإنسان.

ورد الدكتور علي عبدالعال قائلا: هذا النص له حساسية معينة فالقنوات الفضائية سواء كانت مسموعة أو مرئية، لاحاجة لإدراجها داخل القانون، وحرية الإعلام نقدرها، وبالتالي فهذا انتصار لهذه الحرية والرأي والرأي الآخر في إطار احترام القانون والثوابت، لذا يجب حذف هذا النص؛ لأنه يخل بالمعايير العالمية في هذه القوانين .

من جانبه، قال النائب مصطفى بكري: إننا نواجه الجيل الرابع من الحروب، وقد رأينا ذلك في السوشيال ميديا، ولكن صياغة النص بهذا الشكل يجعلنا أمام مثار التأويل، وبالتالي يجب حذفه والاكتفاء بوصف هذه الكيانات بالمؤسسة، باعتبار أن الكيانات الإعلامية تدار من خلال مؤسسات.

وأكد الدكتور علي عبدالعال -رئيس المجلس- أهمية تفادي هذا اللغط بحذف هذا النص، والذي قد يؤدي لحالة من الغضب، نحن في غنى عن ذلك، وفي النهاية لا يجب التصادم مع مواد الإعلام في الدستور.

واقترح النائب إيهاب الطماوي، صياغة المادة بحذف القنوات الفضائية سواء ما كان مسموعًا أو مقروءًا أو مرئيًا وكذا المحطات الإذاعية ووسائل أو مواقع التواصل الاجتماعي من تعريف الكيان الارهابي، والاكتفاء بوضع الشركات والاتحادات والتجمعات أيًّا كان شكلها القانوني أو الواقعي، وذلك بهدف مكافحة الإرهاب.

مشروع التعديل وجدل ضم الفضائيات

بعد جدل بشأن ضم “الفضائيات” ووسائل التواصل الاجتماعي المحرضة ضد الدولة لتعريف “الكيان الإرهابي”، وافق المجلس -في جلسته العامة المنعقدة أمس- على حذف القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي من تعريفات “الكيان الإرهابي” في المادة الأولى من مشروع القانون بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط “أ ش أ”.

ونص التعديل على وضع تعريف أشمل لمصطلح “الأموال” -الوارد في المادة الأولى من القرار- بحيث تشمل “جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها: النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والمُمتلكات أيًّا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، أيًّا كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية، والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصُّكوك والمُحررات المُثبتة لكل ما تقدم أيًّا كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي والإلكتروني”.

وشمل القرار: “جميع الحقوق المُتعلقة بكل هذه الوسائل، بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية، والشيكات المصرفية والاعتمادات المُستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول، أو أية أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات”.

ونص التعديل أيضاً على “الآثار التي تترتب بقوة القانون” على تصنيف أي كيان على أنه “كيان إرهابي”، ومنها “وقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته”.

وفيما يتعلق بالإرهابيين، فبحسب القانون، يتم إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، كما يمنع الأجنبي منهم من دخول البلاد، كما يتم سحب جواز السفر أو إلغائه أو منع إصدار جواز سفر جديد بحق المصريين منهم. كما أن تصنيفهم كـ”إرهابيين” يؤدي لفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية.

ونص التعديل على أن يتم “تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان ولأعضائه من الإرهابيين، سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”.

بعد استبعادها.. كيف تواجه الحكومة المصرية المنصات المحرضة ضد الدولة؟

بحسب موقع “مصراوي”، يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن هذه الجرائم سيتم مواجهتها عبر مواد قانوني “الإرهاب وجرائم الإنترنت”، مشيرًا إلى أن نصوص تجريم القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي في قانون الكيانات الإرهابية كانت تكرارًا غير مبرر؛ لأنها منصوص عليها بالفعل في قانون جرائم الإنترنت، قبل أن تتكرر مرة ثالثة في مواد القانون المعدل.

وأضاف مهران: إن تكرار تجريم مخالفات القنوات كان للحرص على اتخاذ تدابير وقائية أكثر لمواجهة خطر الإرهاب، مُشيدًا بقرار المُشرع في إزالة تكرار تجريم عقوبة واحدة في أكثر من قانون.

وكشف المحامي أنه بعد الحذف الأخير سيتم الاعتماد على قانون واحد لتوصيف عقوبات المؤسسات، بعد أن كانت الفترة الماضية تشهد وجود أكثر من توصيف في أكثر من قانون.

وعن إمكانية انتفاء تجريم سلوكيات وتصرفات سبق تجريمها من قبل المشرع بخصوص القنوات ووسائل التواصل، قال مهران: “في الواقع إنها لا تزال مجرمة بنصوص قوانين أخرى مثل؛ الإرهاب وجرائم الإنترنت”.

وفي نفس السياق، قال محمد سالم، المحامي بالنقض والدستورية العليا: إن تعديلات قانون الكيانات الإرهابية تأتي في إطار دستوري وقانوني لمعالجة قصور بعض المواد؛ بحيث تغلق الثغرات القانونية أمام التلاعب بمواد القانون من قبل كيانات إرهابية للإفلات من العقاب والمصادرة، وكذلك لتغليظ العقوبات الموقعة ضد من يندرجون تحت طائلة قانون الكيانات.

وأضاف سالم: إن الفترة الحالية تشهد تشديد إجراءات التتبع للكيانات والمنظمات والأشخاص الذين يعملون ضد الدولة لمنع ضخ أموال لتمويل الإرهاب، مشيرًا إلى أنها جاءت متفقة مع معايير واتفاقيات مكافحة الإرهاب، ومشيدًا في الوقت نفسه بتوقيت التعديلات.

ومن جانبه، قال النائب محمد عطا، سليم عضو مجلس النواب: إن المخالفات التي تُرتكب عبر القنوات ومواقع ووسائل التواصل الاجتماعي المحلية يتم مجابهتا عبر قانون جرائم الإنترنت؛ لكن الدولة تواجه صعوبة في السيطرة على المنصات التي تُبث من الخارج.

وأضاف عطا: إن المنصات الإعلامية الخارجية غير خاضعة للقانون المصري؛ وبالتالي فإن مجابهتها بقانون الكيانات الإرهابية لن يجدي على الإطلاق؛ لذا كان التوجه لحذف تلك القنوات من قانون الكيانات الإرهابية؛ ومواجهة المحلية منها بالقوانين الأخرى التي تُجرم مخالفاتها.
 

ربما يعجبك أيضا