عام على سحب قواتها.. ما دور أمريكا «الأخلاقي» تجاه أفغانستان؟

آية سيد
أفغانستان

تستطيع الولايات الاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية الدائمة تجاه الشعب الأفغاني والتصرف بناءً عليها وكذلك أيضًا بناءً على مصلحتها الأمنية منع أفغانستان من إيواء الإرهابيين مجددًا.


بعد عام من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وترك السلطة بأيدي حركة “طالبان” المتطرفة، لم يعد للولايات المتحدة نفوذ كافٍ لتطبيق سياستها في البلد الذي يعاني مشكلات خطيرة.

ويرى النائب السابق للسفير الأمريكي في أفغانستان والدبلوماسي المتقاعد، إيرل أنتوني واين، ضرورة أن تعالج الولايات المتحدة مشكلات أفغانستان بأكبر قدر من الفاعلية والسرعة، مع الحفاظ على وحدة الجهود مع الشركاء الدوليين الآخرين.. فماذا يمكن أن تفعل أمريكا؟

مشكلات تواجهها أفغانستان

يذكر واين، في تحليل نشره مركز ويلسون الدولي، في 2 سبتمبر 2022، أن الملايين في أفغانستان يواجهون أزمة إنسانية واقتصادية مدمرة، لأن حكومة “طالبان” تركز على إقامة نسختها من الإمارة الإسلامية وترسيخ سيطرتها، وتسمح للقليل فقط من غير الطالبانيين بالمشاركة في السلطة، ولا تمنح أولوية لحقوق النساء، ولا للمخاوف التي أثارتها الولايات المتحدة والآخرون في المجتمع الدولي.

ويلفت الكاتب إلى وجود أدلة واضحة على أن طالبان توفر ملاذًا للإرهابيين من تنظيم “القاعدة”، ومؤشرات على أنها تؤوي الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة. وفي الوقت نفسه، لم تفِ الولايات المتحدة بوعود تقديم الحماية وحق اللجوء لكثير من الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة وشاركوها أهدافها على مدار عقدين.

التعلم من أخطاء الماضي

يرى واين أن أمريكا تحتاج إلى الانتباه للأخطاء التي ارتكبتها منذ 2001 حتى 2021، والاعتبار بأنها قوضت مصالحها ومصالح أفغانستان باستراتيجية الانسحاب “الشنيعة” في 2021، لكن رغم عدم إمكانية إلغاء أخطاء الماضي، تستطيع الولايات المتحدة الاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية الدائمة تجاه الشعب الأفغاني، والتصرف بناءً عليها وعلى مصلحتها الأمنية بمنع أفغانستان من إيواء الإرهابيين مجددًا.

ووفقًا للدبلوماسي السابق، يحتاج النهج الأمريكي إلى أن يتسم بالتواضع والصبر ورعاية المحتاجين، وأن يكون مدروسًا وإبداعيًّا في الحفاظ على الدعم الدولي، وحازمًا ومستعدًّا للتحرك عندما تتاح فرصة لتحقيق مكاسب للشعب الأفغاني، أو للتعامل مع التهديدات الأمنية الخطيرة.

التعامل مع «طالبان»

حسب واين، يحتم الوضع الحالي أن تستمر أمريكا في التعامل مع “طالبان” وأن تبقى منفتحة على التوصل إلى خطوات عملية لمساعدة الاقتصاد الأفغاني بدعم المواطنين والشركات بطريقة أفضل، وأن تستمر في المشاركة في توصيل المزيد من المساعدات إلى الأفغان، دون أن تختلسها حكومة “طالبان” أو الجهات الفاعلة الفاسدة، وأن تستمر كذلك في استعادة احترام حقوق النساء والفتيات.

لكن يحذر واين من أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تقدم تنازلات لتحقيق تقدم، في الوقت الذي لن تتنازل فيه “طالبان” عن أي شيء، لأن قادة الحركة يبدو أنهم تعلموا من السلوك الأمريكي في السنوات الماضية أنهم يمكنهم تجاهل ما تريده الولايات المتحدة، وستعطيهم الولايات المتحدة ما يريدونه في النهاية.

العمل مع الشركاء الدوليين

يمكن للولايات المتحدة أن تأمل تحقيق تقدم عبر دبلوماسية نشطة تبني تحالفات مع الشركاء الدوليين وتحافظ عليها. ووفقًا للدبلوماسي الأمريكي، يجب على عمل تلك التحالفات أن يتجاوز الشركاء الذين يشاركون الولايات المتحدة أهدافها ذات الأولوية، مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، ويصل إلى الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الوحدة مع دول مثل الصين وروسيا، ومع جيران أفغانستان مثل باكستان وإيران.

ويلفت واين إلى أن جيران أفغانستان لديهم دور مهم، لأن لديهم مصلحة واضحة في استقرار أفغانستان، وفي عدم إيواء أفغانستان للتطرف أو تصديره، وفي تنمية علاقات جيدة مع أفغانستان. وكذلك فإن “طالبان” لديها مصالح عملية في التعامل معهم. ولهذا، من المرجح أن يزداد الضغط أو الإغراء لكي يتكيف الجيران مع “طالبان”.

كيف تنجح الولايات المتحدة في أفغانستان؟

يشير واين إلى أنه سيكون من الصعب إرغام طالبان على اتخاذ الخطوات التي تريدها الولايات المتحدة وشركاؤها، سواء في ما يتعلق بحقوق النساء والفتيات، أو دعم التعامل الشفاف مع تدفقات المساعدات المالية، أو التصرف بمسؤولية مع الجماعات الإرهابية، مثل “القاعدة”. ويضيف الكاتب أن “طالبان” تمنح الأولوية لإقامة إمارتها الإسلامية، لذلك فإنها تعتبر ما يريده المجتمع الدولي أمرًا ثانويًّا.

ويرى واين أن أي نجاح أمريكي في هذا المسعى سيكون بطيئًا، مع وجود تعثر في استخدام النفوذ المتاح، ما سيستتبع تمكين الآخرين في التحالف الدولي من القيادة في بعض القضايا. على سبيل المثال، قد يكون من المفيد أن يتولى رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان زمام المبادرة في التعامل مع طالبان في الكثير من القضايا.

التمثيل الأمريكي في كابول

لا يوجد شك في أنه يتعين على الولايات المتحدة التواصل مباشرة مع “طالبان” في قضايا مثل دعم الإرهاب والترتيب لخروج الشركاء الأفغان بطريقة سريعة ومنظمة، حسب واين الذي دعا واشنطن للانفتاح على إمكانية زيارة مسؤولين أمريكيين لكابول وقندهار إذا كان يوجد تقدم، ورفع مستوى الوجود والتمثيل الأمريكي لمعالجة قضايا مثل مغادرة الأفغان الذين حصلوا على موافقة أمريكية.

ويختتم نائب السفير الأمريكي الأسبق في أفغانستان، بأن على الولايات المتحدة أيضًا إبقاء الباب مفتوحًا أمام الأفغان الذين لا ينتمون إلى طالبان، ويتوصلون إلى أفكار ومنظمات جديدة تقدم بدائل عملية للحركة المتطرفة.

ربما يعجبك أيضا