بعد انتشاره عالميا.. “كورونا” يضرب أسواق النفط و”أوبك” قد تتدخل

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

سجلت أسواق النفط بنهاية تعاملات الجمعة الماضية، رابع خسارة أسبوعية على التوالي، لتنهي شهر يناير باللون الأحمر، وسط تزايد مخاوف بشأن الأضرار الاقتصادية المحتملة لتفشي فيروس كورونا الذي انتشر من مدينة ووهان الصينية إلى حوالي 50 دولة وقتل أكثر من 300 شخص حتى اللحظة.

تراجعت أسعار النفط بأكثر من 11% منذ  منتصف يناير مع إعلان السلطات الصينية عن أولى حالات الوفاة نتيجة الإصابة بكورونا، والتي سرعان ما تجاوزت المائة حالة، وسط تأكيدات لإصابات تتجاوز الـ 14 ألف حالة في صين وحدها، وخلال الأيام القليلة الماضية أعلنت 20 دولة على الأقل عن ظهور حالات إصابة بين مواطنيها، فيما أعلنت الفلبين أمس الأحد، عن تسجيل أول حالة وفاة بـ”كورونا”.

متاعب النفط بسبب “كورونا”
أنهت عقود خام القياس العالمي “مزيج برنت” أخر جلسات يناير منخفضة 13 سنتا لتبلغ عند التسوية 58.16 دولار للبرميل، لتسجل  خسائر أسبوعية بنحو 4 %، و15% كخسائر منذ بداية الشهر في أكبر انخفاض شهري منذ نوفمبر 2018، وكجزء من تداعيات انتشار “كورونا” الاقتصادية، فمع بداية رصد هذا المرض قررت السلطات الصينية فرض قيود على وسائل النقل وإغلاق نحو 15 مدينة، وسرعان ما طالت هذه الإجراءات غالبية مدن البلاد وتوقف نشاط المصانع في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، فيما علقت غالبية مطارات العالم رحلاتها إلى بكين، ولجأ بعضها إلى منع استقبال أي زائرين من الصين الشعبية.

ولأن الصين تعد ثاني أكبر مستورد للنفط وأكبر مستهلك للطاقة عالميا، كان من الطبيعي أن تثير أخبار انتشار كورونا قلق المستثمرين بأسواق النفط، وتدفعهم للانخراط في موجة بيعية للعقود الأجلة والتحوط بالذهب الذي سجل خلال يناير أفضل أداء له في 5 أشهر، مرتفعا بأكثر من 4%، ويبدو أن الأسواق ستواجه الأسوأ، حيث تتوقع وكالة “إف.جي.إي” للطاقة أن يتراجع الطلب على النفط بما يصل إلى 840 ألف برميل يوميا خلال فبراير، وسط تهكنات بمزيد من التراجع في حال فشلت جهود احتواء “كورونا” عالميا.

“وود ماكينزي” للاستشارات قالت في تقرير لها: تفشي فيروس كورونا المستمر وتدابير الحجر الصحي واسعة النطاق الناجمة عن ذلك، تشكل خطراً اقتصادياً كبيراً على الصين وخارجها، مرجحة انخفاض الطلب الصيني على النفط بمقدار 250 ألف برميل يوميا نتيجة لهذه التدابير.

إلى ذلك أعلنت شركة “سينوبك” الصينية وهي أكبر شركة تكرير في آسيا، تقليص إنتاج المصافي هذا الشهر بحوالي 600 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 12% من إنتاجها للعالم الماضي، وذلك بسبب تقديراتها لخفض الطلب على الوقود بسبب تفشي “كورونا”، وكالة الطاقة الدولية أيضا، خفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط بمقدار 100 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا.

“ستاندر آند بورز” من جانبها، قالت: إن ​​الطلب على النفط قد ينخفض بمقدار 200 ألف برميل يوميًا خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة، أي ما يعادل 15% من النمو المتوقع للطلب على النفط خلال 2020، لافتة إلى أنه في حال تحول الفيروس إلى وباء قاتل سترتفع الخسائر إلى نحو 800 ألف ب/ي.

النفط يواصل الهبوط و”أوبك” تتحرك
اليوم، تراجعت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة لأولى جلسات الأسبوع، بنحو 1%، وقال مايكل ماك كارثي، كبير محللي الأسواق في CMC Markets  بسيدني لـ”رويترز”: إن الإجراءات التي اتخذتها الصين لدعم اقتصادها كضخ سيولة بنحو 173 مليار دولار لمواجهة التداعيات الاقتصادية لـ”كورونا” قد تساعد في وضع حد لتراجع أسعار النفط على المدى القصير، لكن التوقعات باستمرار تراجع الطلب على النفط ستظل كما هي، وسط إجراءات مثل تعليق الرحلات من وإلى الصين.

بالأمس، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك، عدم معارضة بلاده لتقديم موعد اجتماع “أوبك بلس” المقرر في مارس المقبل، ليعقد خلال فبراير الحالي، لافتا إلى أن بلاده تناقش بجدية مع السعودية انخفاضا محتملا في الطلب على النفط بسبب فيروس كورونا، وأن تحديد موعد الاجتماع مازال قيد النقاش.

ونقلت “رويترز” عن مصادر في “أوبك بلس” القول: إن اللجنة الفنية المشتركة للمنتجين من أعضاء منظمة أوبك والمنتجين المستقلين قررت الاجتماع يومي الرابع والخامس من فبراير الجاري في فيينا، لتقييم أثر فيروس كورونا على الطلب على النفط، مرجحة أن تقدم اللجنة الفنية توصيات سواء لتمديد تخفيضات الإنتاج بعد مارس أو تطبيق تخفيضات أعمق.

قبل أيام عبر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، عن ثقته بالحكومة الصينية والمجتمع الدولي وقدرتهما على الحد من انتشار الفيروس بشكل أوسع، مضيفاً أنه في حال تطلب الأمر تمتلك دول “أوبك” الإمكانيات والمرونة اللازمة للتجاوب مع أي متغيرات، لدعم استقرار الأسواق.

وأمام تراجع أسعار النفط والحاجة إلى إعادة الاستقرار للأسواق، من المرجح أن تلجأ “أوبك” إلى تعميق تخفيضات الإنتاج المعمول بها منذ ديسمبر 2018 “1.2 مليون ب/ي”.

ربما يعجبك أيضا