بعد خروجه من دائرة الانكماش.. هل ينجو الاقتصاد الأمريكي من خطر الركود؟

ولاء عدلان

الرئيس الأمريكي: نحن بحاجة إلى إحراز مزيد من التقدم في التحدي الاقتصادي الأكبر لدينا "التضخم" عبر مواصلة العمل لخفض الأسعار المرتفعة.


حقق الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثالث من العام الحالي نموًّا قويًّا فاق توقعات الأسواق، وذلك بعد انكماشه لربعين متتاليين.

وانخفض أكبر اقتصاد في العالم خلال الفترة من يناير إلى مارس الماضيين 1.6%، وخلال الفترة من إبريل إلى يونيو 0.6%، ما جعله يدخل رسميًّا إلى دائرة الركود الفني، لكن مع نموه خلال الربع المنتهي في سبتمبر الماضي جدد الآمال في تجاوز خطر الركود.

الاقتصاد الأمريكي يعكس اتجاهه

سجل الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر الماضيين نموًّا 2.6%، في حين توقعت الأسواق نموًّا في حدود 2.4%، وسط استمرار التشديد النقدي من قبل البنك المركزي الأمريكي وتحرك معدلات التضخم “8.2% في سبتمبر” أعلى مستوياتها المستهدفة من قبل “المركزي” عند 2%، وفق “رويترز”.

نمو اقتصاد الولايات المتحدة خلال الربع الثالث يعد الأول من نوعه هذا العام، وبحسب بيان لوزارة التجارة الأمريكية، هذا النمو جاء مدفوعًا بتراجع العجز التجاري مع تراجع الواردات بنحو 7% ونمو الصادرات بنحو 14.4% بدعم من الصادرات النفطية التي شهدت قفزة مع استمرار شح الإمدادات الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية.

gdp3q22 adv chart 01

مسار نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثالث والأرباع السابقة – وزارة التجارة الأمريكية

بايدين يقر بمعضلة التضخم

رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالمؤشرات الإيجابية التي حملتها النتائج التقديرية للربع الثالث، وقال في تصريح صحفي: “حصلنا اليوم على مزيد من الأدلة على أن انتعاشنا الاقتصادي مستمر، لقد خلق اقتصادنا 10 ملايين وظيفة، والبطالة عند أدنى مستوى لها منذ 50 عامًا، والتصنيع مزدهر، وهذا جيد”.

وأضاف: “الآن نحن بحاجة إلى إحراز مزيد من التقدم في التحدي الاقتصادي الأكبر لدينا “التضخم” عبر خفض الأسعار المرتفعة التي تثقل كاهل الأسر الأمريكية”، وفق “واشنطن بوست”.

الشيطان يكمن في التفاصيل

قال كبير الاقتصاديين في “موديز أناليتيكس” ريان سويت لـ”رويترز” إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة مع استبعاد بيانات التجارة والصادرات تحديدًا يبدو أضعف ما تعكسه أرقام الربع الثالث الرسمية، قد لا يوجد ركود واضح، لكن مخاطره تتزايد ونحتاج إلى قليل من الحظ لتجنبه خلال الفترة المقبلة.

وأوضحت كبيرة المحللين الماليين في مجموعة “جيفريز” المالية، أنيتا ماركوسكا، أن عددًا من مؤشرات الربع الثالث تشير إلى استمرار مواطن الضعف، خاصة سوق الإسكان، مع استمرار تراجع مبيعات المنازل لمدة 8 أشهر متتالية، وارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى أعلى مستوياتها في 20 عامًا خلال الأسبوع المنتهي في 28 أكتوبر الحالي.

FgE Ql7WQAEkTGf

تباطؤ سوق الإسكان الأمريكي خلال الربع الثالث

تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وسوق الإسكان

أظهرت تقديرات النمو للربع الثالث ضعفًا في نمو الإنفاق الاستهلاكي، الذي يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي، فحقق نموًّا بـ1.4% بنهاية سبتمبر مقابل نمو بـ2% خلال الفترة من إبريل إلى يونيو الماضيين، ودفعت الضغوط التضخمية في الربع الثالث المستهلكين إلى زيادة الإنفاق على الخدمات 2.8% مقابل تراجع الإنفاق على السلع بـ1.2%.

وخلال الربع الثالث تراجع إجمالي الاستثمار المحلي الخاص 8.5%، بعد انخفاضه 14.1% في الربع الثاني، وتراجع كذلك الاستثمار السكني، وهو معيار لبناء المنازل الجديدة 26.4% بعد انخفاضه 17.8% في الربع الثاني، ما يعكس تباطؤًا حادًا في سوق الإسكان، ويشير إلى تأثيرات التشديد النقدي، وفق ما قالته كبيرة الاقتصاديين في “ويلمنجتون” ريا توماس لـ”رويترز”.

خطر الركود وشيك

رفع الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة من قرب الصفر في مارس الماضي إلى نطاق 3% و3.25%، لكبح التضخم وسط توقعات بأن تدفعه نتائج الربع الثالث لزيادة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماع الأربعاء المقبل، ومواصلة هذا النهج للوصول بالفائدة إلى نطاق 4 أو 4.5% و5% في مارس المقبل، وفق “بلومبرج” و”رويترز”.

توقعت أنيتا ماركوسكا وقوع الاقتصاد الأمريكي في دائرة الركود في النصف الثاني من 2023، في حين توقع كبير اقتصادي قسم أمريكا الشمالية لدى “كابيتال إيكونوميكس”، بول أشوورث، أن تتلاشى القوة التي أظهرها الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث، مع تراجع متوقع للصادرات والطلب المحلي بضغط من ارتفاع الفائدة، ليدخل الاقتصاد في ركود معتدل في النصف الأول من 2023، وفق “سي إن بي سي”.

 

Untitledسيصصث 768x349 1

توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصادات الكبرى والناشئة – تحديث أكتوبر

في حين خفض صندوق النقد الدولي هذا الشهر توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام الحالي إلى 1.6%، نزولًا من توقعاته السابقة لنمو بمقدار 2.3%، وفي سبتمبر الماضي تعهد رئيس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول بمواصلة تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم، رغم اعترافه بتصاعد خطر الركود، والألم الذي تسببه هذه السياسة للأسر والشركات.

ربما يعجبك أيضا