بعد صفقة القس الأمريكي.. هل تفرج أنقرة عن “كافالا” من أجل صفقة مع أوروبا؟!

يوسف بنده

رؤية

في ممارسة غير قانونية مخزية، جرى احتجاز رجل الأعمال التركي صاحب الأعمال الخيرية عثمان كافالا دون لائحة اتهام لمدة 365 يوماً.

وفي ظل حكم أردوغان، أحد أكبر مخاطر أنظمة الشخص الواحد هي تعسفها إذ يمكن للمرء أن يجد نفسه في سجن سيبيري مع عائلته بعد حفل عشاء مع ستالين، على سبيل المثال.

ففي أعقاب صفقة تركية – أمريكية تمّ من خلالها الإفراج عن القس أندرو برانسون مقابل رفع مستقبلي للعقوبات الأمريكية، تتداول وسائل إعلام تركية ودولية معلومات عن قُرب الإفراج عن رجل الأعمال عثمان كفالا، الناشط في مجال حقوق الإنسان، في صفقة مماثلة مع الاتحاد الأوروبي يرفضها كافالا نفسه.

وغادر برانسون تركيا قبل أيام بعد حكم قضائي بإطلاق سراحه، فيما كشفت وسائل إعلام تركية معارضة، عن صفقة سياسية مع الولايات المتحدة، قدمت تركيا من خلالها تنازلات كبيرة دون مُقابل يُذكر حتى اليوم.

أما كافالا فقد اعتقل في أكتوبر من العام الماضي بمطار أتاتورك في إسطنبول، دون توضيح أسباب، وقالت الشرطة وقتها إن احتجازه يأتي في إطار “تحقيق سري”.

لكن وفي الأول من نوفمبر، أمرت محكمة تركية بسجن كافالا بعد 13 يوما من الحجز لدى الشرطة، بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري وإسقاط الحكومة، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف عام 2016.

ويشتهر كافالا بإسهاماته في المنظمات غير الحكومية، لاسيما دعمه للناشطين الأكراد السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان في تركيا.

وقد رأت قناة سكاي نيوز، أنّ تركيا على موعد مع صفقة أخرى يطلق على إثرها سراح سجين آخر، مُشيرة لرسالة من عثمان كافالا تشكك مجددا في نزاهة القضاء التركي، وتفتح الباب على كل التكهنات بشأن التدخلات السياسية في الأحكام القضائية، وذلك في أعقاب مقال نشر في صحيفة موالية للحكومة.

وكتبت الكاتبة في موقع “أحوال تركية” هايلي أكاي، أنّ من أبرز الاتهامات الموجهة لكفالا، أنّ منظمات المجتمع المدني التي يشارك فيها، تلقت أموالاً من الاتحاد الأوروبي من أجل أنشطة تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية. كما أن أحد أصدقاء كفالا سأله عن كيفية الوصول إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لصحيفة معارضة.

وترى أكاي أنّه لسوء الحظ، لا يبدو أن كفالا يمثل بيدقاً مناسباً للمساومات الثنائية أو الدولية. ولهذا السبب، في ذروة الخلاف الدبلوماسي بين واشنطن وأنقرة بشأن احتجاز تركيا للقس الإنجيلي الأمريكي أندرو برانسون، نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة مقالاً تلو الآخر يقول إنه في حالة إطلاق سراح القس، فإن القوى الأجنبية ستطالب بإطلاق سراح كفالا في المرة القادمة. ومن هذا المنطلق، كانوا يريدون قول: “لدينا أيضاً كفالا، لماذا لا تعيروه اهتمامكم؟”.

وتؤكد الكاتبة في مقالها، أنّه ما من اتهامات حقيقية بحق كافالا، باستثناء نظريات المؤامرة التي تنشرها وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والتي ربما تستند إلى معلومات ينشرها جهاز الأمن التركي.

كافالا نفسه أبدى، في رسالة بعثها من سجنه لصحيفة “القرار”، اعتراضه على خروجه المُحتمل من السجن “في إطار صفقة”، بعد تلميح لذلك من الكاتب عبد القادر سلفي في مقال نشرته صحيفة “حرييت”، الثلاثاء.

وفي المقال رأى سيلفي أن “تركيا لديها فرصة لإعادة العلاقات المُضطربة مع الاتحاد الأوروبي بإطلاق سراح كافالا، على غرار ما حدث مع برانسون”، في إشارة واضحة على أن احتجاز الناشط أمر سياسي بحت وليس حكما قضائيا.

وبعد اعتقاله، دعا العديد من السياسيين والمؤسسات الأوروبية، فضلا عن أعضاء في البرلمان الأوروبي ووزارة الخارجية الفرنسية، تركيا إلى إطلاق سراح كافالا على الفور.

لكن كافالا قال إنه يرفض استغلاله ليصبح جزءا من صفقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والزعماء الأوروبيين، وأوضح في رسالته: “الاعتماد على صفقة ستجري مع أوروبا والاستغناء عن العدالة مسألة غير مريحة بالنسبة لي”.

واعتبر أن “الأمل في أن تضع المؤسسات الأجنبية قيمة أكبر لحريتي، يضيع ثقتي بنفسي كوني مواطنا تركيا”.

وأضاف كافالا: “رغم كل شيء، لا أظن أنه من الصعب أن تصبح ممارسات الاحتجاز السابق للمحاكمة، أكثر توافقا مع الدستور التركي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعض الملاحظات الإيجابية من قادتنا يمكنها بسهولة تغيير ممارسات الاعتقال هذه”.

ربما يعجبك أيضا