بعد عقد على انفصال الجنوب.. المتمردون يواصلون القتال ضد الخرطوم

شيرين صبحي
مسلحون قبليون في جنوب السودان

رؤية

الخرطوم- بعد عقد على انفصال جنوب السودان عن الشمال، يواصل رفاق سابقون لا يزالون في السودان قتالهم ضد الخرطوم على الرغم من الإطاحة بحكم الرجل قوي عمر البشير قبل عامين.

ومن هؤلاء المتمردين عبد العزيز الحلو زعيم أحد أجنحة الحركة الشعبية شمال السودان الذي بدأ رحلته قبل 36 عاماً من اجل إنهاء تهميش الأقليات الإفريقية من قبل الحكومة الاسلامية العربية .

وبعد محادثات مطولة علقت الشهر الماضي “للتشاور”، وقع الحلو الذي يسيطر على أجزاء من ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية مع الخرطوم.

وكان مقاتلو الحركة الشعبية شمال جناح الحلو جزءاً من القوات التي انقسمت الآن بين السودان وجنوب السودان على إثر اتفاق سلام موقع في 2005 أنهى حرباً أهلية استمرت 22 عاماً.

وكان اتفاق 2005 هو طريق جنوب السودان للاستفتاء على استقلاله ليصبح أحدث دولة في العالم في التاسع من يوليو (تموز) 2011.

وبينما كان جنوب السودان يحتفل باستقلاله، تُرك وراء الحدود حلفاؤه في الحرب في السودان الذي يضم أيضاً مسيحيين وأتباع ديانات تقليدية، وسط غالبية من المسلمين.

وانهارت كل الآمال في أن تثمر “المشاورات الشعبية” بين حكومة الخرطوم والمتمردين عن نتائج واندلع قتال عنيف بين الطرفين في يونيو (حزيران) 2011 قبل انفصال جنوب السودان بشهر واحد.

وقال مجدي الجيزولي المحلل السوداني في معهد الوادي المتصدع (ريفت فالي) “بعد الانفصال أصبح الحلو مثل اليتيم (…) الذي ترك ليقاتل ليوم آخر”، وفقا لما أوردته وكالة “فرانس برس”، اليوم الخميس.

لكن جنوب السودان انزلق في صراع طاحن استمر لسنوات. وفي 2017 انقسمت الحركة الشعبية شمال إلى جناحين.

أحد الأجنحة ويقوده المقاتل المخضرم مالك عقار وقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع حركات متمردة من إقليم دارفور اتفاق سلام تاريخياً مع الحكومة الانتقالية بعد الإطاحة بعدوهم القديم عمر البشير في إبريل (نيسان) 2019 .

وفي إطار الاتفاق أصبح عقار في مارس (آذار) الماضي عضواً في مجلس السيادة الانتقالي.

لكن الحلو رفض توقيع اتفاق منفصل لوقف إطلاق النار مؤكداً إصراره على أن تحتفظ قواته بأسلحتها “للحماية الشخصية” إلى أن تتم صياغة دستور للسودان يفصل بين الدين والدولة.

وقال الحلو وهو مسلم لقناة “سكاي نيوز العربية” العام الماضي، إن عدم فصل الدين عن الدولة هو أساس “الأزمة السودانية التي ادخلت البلاد في حروب أهلية متعددة” منذ استقلالها في 1956.

والحلو (67 عاماً) ولد في منطقة جبال النوبة ودرس الاقتصاد في جامعة الخرطوم وانضم إلى التمرد في عام 1985. وقد صعد بسرعة ليصبح “مقاتلاً محترماً في الحرب” كما يوصف أيضاً بأنه “رجل المهمات الصعبة”، حسب أعضاء في حركته الشعبية لتحرير السودان – شمال.

والشهر الماضي قال كبير مفاوضي الحلو في محادثات السلام لوكالة فرانس برس إن إحدى القضايا الرئيسية التي لم تحل هي دمج المتمردين في الجيش.

وتعذر الاتصال بالحلو للحصول على تعليق.

ويعتقد الجزولي بأن مطالبته بالعلمانية في المفاوضات هي “تكتيك” لضمان احتفاظ مقاتليه بسلاحهم. وقال “إنه يريد إبقاء قواته سليمة ولا يريد أن يتم استيعابها في الجيش السوداني”.

وأضاف “إذا تم حل مسألة الاحتفاظ بقواته، فسيكون منفتحاً على التوصل إلى تسوية حول العلمانية”.

قالت وكالات الأمم المتحدة في بيان مشترك الشهر الماضي إن عمال الإغاثة في الأمم المتحدة حققوا “اختراقاً كبيراً” عندما تمكنوا من الوصول إلى خمس مقاطعات تحت سيطرة الحلو في جنوب كردفان والنيل الأزرق يعيش فيها 800 ألف نسمة، للمرة الأولى منذ عشر سنوات.

وأكد ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في السودان عبد الله فاضل أن النتائج التي توصلت إليها هذه المهمة قاتمة، موضحاً أنه “تم التخلي بشكل كامل عن هؤلاء الأطفال”.

وأشارت الأمم المتحدة إلى إن المناطق كانت “مقطوعة إلى حد كبير عن الدعم” للأشخاص “الذين هم بحاجة ماسة” للغذاء والصحة والتعليم والمياه النظيفة.

قال ممثل برنامج الغذاء العالمي في السودان إيدي رو بعد تسليم مئة طن من المواد الغذائية الشهر الماضي إن “المجتمعات في هذه المناطق تكافح وتعيش على القليل أو لا شيء منذ عقد”.

ومع ذلك ، فإن الفتح التدريجي للمناطق يعطي بصيص أمل وإن كانت محادثات السلام لا تزال تحتاج إلى وقت طويل للتوصل إلى نتيجة.

وقال رو “مع تحسن الأمن الغذائي والفرص الأخرى ستتمكن العائلات من إعادة الاندماج مع بقية السودان والبدء في التعافي وإعادة البناء”.

مع ذلك، حذر جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية من أن المتمردين والمجتمعات المهمشة تقليدياً ما زالوا يرون أن الحكومة التي يقودها المدنيون في الخرطوم لا تقدم سوى القليل من الحلول لمشاكلهم.

وقال هورنر إنه “إذا لم يتم تطبيق حكم يتسم بطابع تمثيلي أوسع، فإن التغيير الكبير في هذه الجيوب – أو حتى عبر أطراف السودان على نطاق أوسع – غير مرجح”.

ربما يعجبك أيضا