بعد 8 سنوات.. هل رسبت “المعارضة السورية” في امتحان المال والسلطة؟

ولاء عدلان

 كتبت – ولاء عدلان

من درعا انطلقت الثورة السورية، كحلم يراود شعبًا ظل لعقود يتطلع إلى تغيير حقيقي، إلا أنها اليوم وبعد ثماني سنوات تحولت إلى كابوس لا شيء فيه “سوري” سوى دماء الشهداء، فالقوى الفاعلة على الأرض والتي تتقاسم ثمار هذه الثورة الآن هي روسية، وأمريكية، وإيرانية، وتركية وربما حتى إسرائيلية، أما الأسد فهو مفعول به لأجل البقاء في السلطة، أما المعارضة السورية فهي في الخارج تلعب دور التنظير وتتبادل الاتهامات.

في الذكرى الثامنة للثورة السورية كان من المثير للجدل أن يخرج علينا منذ أيام المعارض السوري كمال اللبواني – في تسجيل صوتي مسرب – يتهم فيه رموز من المعارضة بسرقة أموال الدعم الأمريكي، مؤكدا أن بعض الشخصيات تصارعت لتتصدر “المجلس الوطني المعارض” و”الائتلاف” من أجل “الارتزاق”، وسقط كثير منهم تحت امتحان السلطة والمال.

اتهامات متبادلة

تحدث اللبواني عن خفايا التمويل الأمريكي للمعارضة قائلا: استطعت في عام 2005 الحصول من الكونجرس على تمويل للمعارضة السورية بقيمة 5 مليون دولار سنويا، هذه الأموال كان من المفترض أن تصرف في ثلاث اتجاهات، الأول تمويل تلفزيون للمعارضة، والاتجاه الثاني تمويل مواقع وصحف للمعارضة، والاتجاه الثالث للتمويل كان يجب أن يذهب لعائلات سجناء سياسيين بمبلغ قدره 1200 دولار شهريا لعائلة كل سجين وبشكل سري.

وأكد أنه حال وصوله إلى سوريا تم اعتقاله، وأصبحت هذه الأموال تحت تصرف “إعلان دمشق المعارض بالخارج”، وبعد أن أفرج عنه عام 2012 اكتشف أن هذه الأموال تمت سرقتها، موضحا على سبيل المثال القسم المخصص للسجناء والذي كان 1200 دولار شهريا لكل عائلة اجتمع قادة إعلان دمشق المعارض وقرر تخفيضه إلى  6000 ليرة سوريا أي ما يعادل 100 دولار فقط، وسرقوا الباقي.

ووجه اللبواني اتهامات صريحة لـ سهير أتاسي وفايز سارة، بسرقة أموال الدعم الأمريكي للمعارضة.

أعاد هذا التسجيل إلى الأذهان فضائح كشفتها تقارير إعلامية وشهادات لبعض رموز المعارضة خلال السنوات القليلة الماضية، تتعلق بسرق أموال الدعم الأمريكي وغيرها من المساعدات العربية تحديدا الإماراتية والسعودية التي كانت تخصص للمعارضة بغرض مساعدة اللاجئين أو السوريين في المدن التي تسيطر عليها المعارضة.

في 2015 عندما استقالت سهير الأتاسي عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، من رئاسة وحدة تنسيق الدعم، على خلفية اتهامات بسرقة نحو20  مليون دولار من مساعدات إماراتية كان من المفترض أن تخصص للاجئين السوريين, وجهت اتهامات صريحة لأعضاء بالائتلاف بسرقة أموال طائلة من الدول الأوروبية والسعودية والإمارات، مؤكدا أن اليسير من المساعدات هو ما كان يصل لتنظيمات المعارضة داخل سوريا أو اللاجئين.

وقالت في تصريحات صحفية: إذا كان هناك في الائتلاف من يريد التركيز على ما قمت به، فلدي وثائق تثبت ما قام به أعضاء الإئتلاف جميعاً، فإذا كنت صرفت 70 مليون دولار على اللاجئين إلا أنه حصل خطأ في التسجيل فاختفى مبلغ 20 مليون دولار, وهذه  ليست مسؤوليتي منفردة، فهناك من أهدر مئات الملايين، وكان بمقدورنا تحقيق خطوات كبيرة ضد نظام الأسد لولا هدر ملايين الدولارات في جيوب أعضاء الائتلاف الذين وصل عددهم إلى مئة شخص بدون سبب.

واعترفت الأتاسي بأنها اشترت عقارا في واشنطن يتألف من مبنى سكني وقطعة أرض مساحتها 10 آلاف متر مربع بنحو 12 مليون دولار، مؤكدة أن أعضاء الائتلاف كان منهم من يستأجر في الفنادق التركية شقة كاملة بدلاً من غرفة, وكانوا يدفعون في الليلة الواحدة 3 آلاف دولار, وهذا ما يعني بكل أسف أن  أموال المعونات الخارجية لم تكن تصل للاجئين السوريين ولا إلى التنظيمات المعارضة.
كما أكدت أن برهان غليون, رئيس الائتلاف السابق لم يترشح لرئاسته مجدداً, نظراً لأنه لم يستطع منع أعضاء الائتلاف من سرقة الأموال التي تدفقت بمئات ملايين الدولارات من أوروبا والسعودية والإمارات.

لعبة المال السياسي
 الائتلاف المعارض الذي تأسس في أكتوبر 2012، شهد انقسامات عدة واتهامات متبادلة بالسرقة والمحسوبية، بل وباستخدام المال السياسي لشراء الأصوات والفوز برئاسته طوال السنوات الماضية، وعلى سبيل المثال رئيسه السابق رياض سيف وجهت له اتهامات بتعيين حفيدته سكرتيرة لنائب رئيس الائتلاف وهي في عمر الـ17 عاما، فيما اتهم ميشيل كيلو باستخدام المال السياسي في انتخابات الائتلاف.

 حتى الرئيس السابق للائتلاف والاسم الأكثر شهرة أحمد الجربا، لم يسلم من الاتهامات، فاتهم بتنفيذ أجندات تخدم نظام الأسد ومن خلفه إيران وروسيا، وباستخدام المال السياسي وبمساعدة من ميشيل كيلو لدخول الائتلاف في 2013 ومن ثم انتخابه رئيسا له.

وأفادت تقارير إعلامية، بأن الجربا بعد انتخابه رئيسا للائتلاف مباشرة قام بزيارة إلى الرياض، وحين عاد أخبر الائتلاف أنه حصل على خمسين مليون دولار، وبعد عدة أشهر علمت لجنة من الائتلاف أن الجربا قبض ضعف هذا المبلغ تقريبا خلال زيارته للمملكة، وحين سأل أعضاء اللجنة الجربا، تذّرع بأن باقي المبلغ – حوالي خمسة وثمانين مليون دولار- أعطاه للفصائل العسكرية، ولم يُبرز أي مستند يؤكد ما قاله، الأمر الذي عزز فرضية أنه استغل منصبه بغرض التربح.

 وخلال رئاسة الجربا وبعد أن تكررت وقائع استئثاره بأموال الهبات الدولية والعربية، طالب عضو اللجنة القانونية في الائتلاف مروان حجو الرفاعي بإحالته ورئيس الائتلاف اللاحق له هادي البحرة، وفايز سارة، إلى التحقيق والمحاسبة بتهم فساد وتآمر.

 كما صرح عضو الائتلاف وكتلة الجربا “الكتلة الديمقراطية” ميشيل كيلو – في مواضع كثيرة- بأن الجربا فرض البحرة على الائتلاف بالتهديد والمال السياسي، وساعده في ذلك فايز سارة.

 فيما كتب القيادي في جبهة النصرة سامي العريدي على حسابه بتويتر: أن الجربا سرق خمسة وسبعون مليون دولار كانت مخصصة للمشافي السورية، مستنداً إلى اعترافات قائد المجلس العسكري بدرعا العقيد أحمد النعمة، الذي اعتقلته جبهة النصرة، واعترف عبر تسجيل مصور بسرقة الجربا لملايين الدولارات.

  في تصريحات لقناة “روسيا اليوم”، وجه المتحدث الإعلامي في “الجيش السوري الحر” فهد المصري اتهامات صريحة لـ”المجلس الوطني السوري” و”الائتلاف الوطني السوري” بسرقة ملايين الدولارات من المال الإغاثي، لاستخدامها لصالح من اسماههم لـ”الإخوان المتأسلمين”.

إلى ذلك تحدثت وثائق مسربة، عن فضيحة اختلاس حدثت على يد أعضاء بالائتلاف، ما بين 2013 و2015، وتحديدا خلال مواسم الحج، عندما اختفت مبالغ تقارب الـ 400 ألف دولار من حسابات مكتب مكة التابع للجنة الحج السورية العليا، نتيجة أخطاء إدارية ومحاسبية ترقى إلى الاختلاس، وسرعان ما استُردت تلك المبالغ، ما دفع قيادة الائتلاف إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر، إلا أن نتائج التحقيق لم تعلن.
حتى داخل الجيش الحر ظهرت الانقسامات والاتهامات المتبادلة بالتربح على حساب دماء الشهداء، في 2014 اتهم العقيد قاسم سعد الدين، رئيس أركان الجيش الحرب سليم إدريس، ببيع سلاح لجبهة النصرة بطرق غير مشروعة، وذلك عن طريق مدراء مكتبه.

يبدو أن الجميع تورط في تجارة الحرب خلال السنوات الماضية، فالنظام أيضا وجهت له تهما بسرقة المساعدات الأممية، حيث تحدثت تقارير لصحف أجنبية عن إبرام صفقات بملايين الدولارت بين مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في مجال الإغاثة وشخصيات مقربة من بشار الأسد، كما نشطت خلال السنوات الأخيرة مؤسسات “احتيال ونصب” تقوم بجمع التبرعات باسم الشعب السوري بالخارج، ومن ثم سرقة تلك الأموال التي من المفترض أن تصل إلى سوريي الداخل أو اللاجئين.. ولا عزاء للشعب السوري.  

 

ربما يعجبك أيضا