بفعل سياسات «المركزي التركي».. سقوط حر لـ«الليرة» وتضخم مروع

ولاء عدلان
البنك المركزي التركي

الليرة التركية تراجعت منذ بداية العام الحالي بأكثر من 30% بعد أن فقدت 44% من قيمتها في 2021، لتصبح من أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة.


قرر البنك المركزي التركي في اجتماعه، أول من أمس الخميس 21 يوليو 2022، تثبيت سعر الفائدة الأساسية 14%، وذلك للمرة 7 هذا العام.

ويتجاهل القرار الأخير للبنك المركزي التركي ارتفاع معدلات التضخم السنوي في البلاد إلى مستويات قياسية منذ بداية 2022، إلى أن وصلت مع نهاية شهر يونيو الماضي إلى أعلى مستوياتها في نحو ربع قرن، وسط انهيار دراماتيكي لقيمة العملة المحلية.

الليرة تتراجع

قال “المركزي التركي” في بيان، إن لجنة السياسات النقدية قررت الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند 14%، لدعم استقرار الأسعار وسط توقعات بتراجع تدريجي لمعدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، بفعل التدابير الاحترازية لدعم الأسواق وسياسات خفض الطلب على الائتمان.

وقد تراجعت الليرة، الخميس الماضي، إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأمريكي خلال العام الحالي لتتحرك عند مستويات 17.86 دولار، قبل أن تتعافى قليلًا عقب الإعلان عن قرار “المركزي” إلى 17.74 دولار، وصباح اليوم السبت سجلت 17.73 دولار، ولا تزال تتحرك قرب القاع التاريخي المسجل في 20 ديسمبر 2021 عند 18 دولارًا، وفق وكالة “نيو ترك بوست”.

ليرة التركية

انهيار الليرة

الليرة تضاعف خسائرها والتضخم يتفاقم

تراجعت الليرة منذ بداية العام الحالي بأكثر من 30% بعد أن فقدت 44% من قيمتها في 2021، لتصبح من أسوأ العملاء أداءً في الأسواق الناشئة، متأثرةً بارتفاع مؤشر الدولار وارتفاع التضخم محليًّا وتخفيضات قوية لأسعار الفائدة، منذ أواخر العام الماضي، وفق “سي إن بي سي”. وخلال نهاية 2021، خفض المركزي التركي الفائدة بمقدار 5% إلى 14%,

وفي المقابل قفز التضخم السنوي في نهاية يونيو إلى 78.6% مسجلًا أعلى مستوياته في 24 عامًا، وسط توقعات بأن يتمسك “المركزي” بسياسات الفائدة المنخفضة التي يحبذها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وتوقعت “رويترز” هذا الشهر أن يسجل التضخم بحلول نهاية العام الحالي 70%.

التضخم 1

التضخم في تركيا يواصل ارتفاعه في يونيو

سياسة غير حكيمة

يبقي المركزي التركي على أسعار الفائدة منخفضة بصورة غير ملائمة في مواجهة تسارع التضخم بضغط من أردوغان الذي يصف التضخم بأنه غير مبرر، ويصر على أن رفع الفائدة لا يعد علاجًا لهذا التضخم، وتصف “الإيكونوميست”، في تقرير بتاريخ 21 يوليو، سياسة المركزي التركي حيال التضخم بأنها “غير حكيمة”.

وقالت المجلة الشهيرة: “في حالة تركيا، خصوصًا يعد الإصرار على (الفائدة المنخفضة) تصرف غير حكيم وسط تراجع معدلات الادخار وتآكل الاحتياطات الأجنبية وعجز الحساب الجاري المرتفع، وخلال الشهر الماضي قفز العجز التجاري بأكثر من 184% على أساس سنوي إلى 8.16 مليار دولار، مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة عالميًّا”.

تركيا تتمسك بالفائدة المنخفضة

قال المركزي التركي، في بيانه، إن الانخفاض الدائم في تكاليف التمويل محليًّا من شأنه أن يخلق أساسًا لتعزيز الاستثمارات الجديدة والإنتاج والتوظيف لمواصلة النمو بطريقة مستدامة، متوقعًا أن يعود التضخم إلى مستوياته المستهدفة عند 5% على المدى المتوسط.

وتوقع كبير الاقتصاديين في “تيرا ياتريم”، إنفر إركان، في تصريح لـ”رويترز”، أن يواصل المركزي التزامه بالفائدة المنخفضة حتى نهاية 2022، في محاولة للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي، وتوقعت “رويترز” أن يتباطأ نمو الاقتصاد التركي إلى 3.3% هذا العام و3.2% في 2023، بضغط من ارتفاع التضخم والتوترات الجيوسياسية.

لغز مرونة الاقتصاد التركي

بحلول صيف عام 2018 بدأت الليرة تدخل في دائرة السقوط الحر، وسط إصرار أردوغان على التمسك بالفائدة المنخفضة، ما أدى تدريجيًّا إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية ومفاقمة خسائر العملة، بعد سنوات من تمتع تركيا باستقرار جيد لمؤشرات الاقتصاد الكلي، الأمر الذي أصبح بعيد المنال الآن، ورغم ذلك فإن الاقتصاد التركي قد نما، خلال العام الماضي 11%.

وتتوقع “الإيكونوميست” أن يواصل الاقتصاد التركي نموه، وإن كان بوتيرة أقل على المدى المتوسط، وسط استمرار تفوق ديناميكية قطاع الأعمال التركي على هشاشة السياسات النقدية، مدفوعًا في ذلك بمركز تركيا التجاري كمدخل لأوروبا وحجم سوقها المحلية البالغة 85 مليون مستهلك، وقدرة شركاتها الكبرى التي تمثل نحو 50% من القطاع، وترتبط غالبيتها بشراكات وثيقة مع أوروبا، على النمو.

الاستثمار الاجنبي

تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى تركيا

ربما يعجبك أيضا