بقرار تاريخي.. قمة «بريكس» تسدل الستار على نسختها 15

ولاء عدلان
قمة بريكس 2023

أعلن رئيس جنوب إفريقيا موافقة قادة بريكس على دعوة كل من السعودية والإمارات وإيران ومصر والأرجنتين وإثيوبيا رسيمًا للانضمام إلى تكتلهم اعتبارا من يناير 2024.


أعلن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، اليوم الخميس 24 أغسطس 2023، اتخاذ مجموعة بريكس قرارًا بضم أعضاء جدد إليها.

وقال رامافوزا، في ختام أعمال القمة 15 للمجموعة، إن “قبول عضوية 6 دول جديدة، يعد المرحلة الأولى من توسيع التكتل، وستتبعها مراحل أخرى”، في إشارة إلى رغبة قادة “بريكس” في تعزيز نفوذها العالمي اقتصاديًّا وسياسيًّا.

الأعضاء الجدد

أشار رئيس جنوب إفريقيا إلى أن قادة بريكس، المكونة من الصين وروسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل، اتفقوا على دعوة كل من السعودية والإمارات وإيران ومصر والأرجنتين وإثيوبيا للانضمام إلى التكتل في مسعى لتعزيز نفوذه، موضحًا أن “العضوية الكاملة للدول الجديدة في بريكس، ستبدأ في 1 يناير 2024”.

وهذا هو التوسع الأول من نوعه للمجموعة منذ انضمام جنوب إفريقيا إليها في عام 2010، وكانت تسمى “بريك” نسبةً إلى البرازيل وروسيا والهند والصين، ويعود تاريخ أول قمة رسمية للتكتل إلى عام 2009.

دبلوماسية جنوب إفريقيا

على الصعيد الرسمي، تقدمت 23 دولة بطلبات للانضمام إلى “بريكس”، وهو الأمر الذي فجّر خلافات بشأن معايير العضوية، وتحديدًا بين الصين والهند، فالأولى ترغب في توسيع المجموعة لدعم أجندتها الجيوسياسية، والخطاب الصريح المناهض للغرب.

وفي المقابل تريد الهند أن تلتزم المجموعة بالحياد السياسي، وتركز على التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب العالمي.

ويبدو أن جنوب إفريقيا أدَّت دورًا في حسم هذا الخلاف خلال اجتماع قادة المجموعة، أمس الأربعاء، وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في ختام القمة عبر الفيديو، إن “رامافوزا أظهر مهارة دبلوماسية مذهلة في تنسيق جميع المواقف المتعلقة بتوسيع بريكس”.

ورحّب قادة “بريكس” بقرار توسيع التكتل، وقال رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في ختام أعمال القمة، إن “انضمام أعضاء جدد سيعزز مكانة بريكس، ويعطي زخمًا جديدًا لجهود التعاون المشترك”.

ومن جانبه، قال الرئيس الصيني، شي جين بينج، إن “هذه الخطوة تظهر تصميم بريكس على الوحدة والتعاون، بما يسهم في ضخ زخم جديد للمجموعة”.

البيان الختامي لـ”بريكس”

قال قادة مجموعة “بريكس”، في بيانهم الختامي، إن “الانفتاح والكفاءة والاستقرار والموثوقية، عوامل ضرورية لمعالجة الانتعاش الاقتصادي وتحفيز التجارة الدولية، ودعوا إلى تعزيز التعاون بين دول بريكس، والترابط بين سلاسل التوريد وأنظمة الدفع من أجل تحفيز تدفقات التجارة”.

وشدد البيان على دعم دول المجموعة لإرساء نظام للتجارة الدولية نزيه قائم على قواعد منظمة التجارة العالمية، معربًا عن قلق قادة “بريكس” إزاء استخدام التدابير الأحادية الجانب التي تؤثر سلبًا في الدول النامية.

اقرأ أيضًا| مصر تنتظر تصديق «بريكس».. ماذا يضيف لها التجمع؟

وجدد قادة “بريكس” التزامهم بتعزيز وتحسين الحوكمة العالمية من خلال تشجيع نظام دولي متعدد الأطراف ديمقراطي، داعين إلى زيادة مشاركة الأسواق الناشئة والدول النامية في المنظمات الدولية، والمنتديات متعددة الأطراف.

قوة دولية صاعدة

يمثل سكان “بريكس” 41% من سكان العالم، ويمثل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول نحو 31.5% من حجم الاقتصاد العالمي، وبانضمام 6 دول جديدة بدءًا من العام المقبل، ستصبح المجموعة ذات تأثير على الساحتين الاقتصادية والسياسية عالميًّا، وفقًا لبلومبرج إيكونوميكس.

اقرأ أيضًا| الهند والصين تتفقان على دعم توسيع بريكس

وقال الخبير الاستراتيجي، في شركة تيليمر في دبي، حسنين مالك، في تصريح لبلومبرج اليوم، إن “توجه دول بريكس نحو ضم أعضاء جدد، دافعه رغبة في بناء تكتل دولي بديل لمجموعات كبرى مثل مجموعة السبع”، مشيرًا إلى هذه الخطوة ستسهم في خدمة هدف المجموعة المتمثل في الحد من هيمنة الدولار الأمريكي، لكنها من الصعب أن تغير حقيقة أن “الدولار عملة احتياطية تتمتع بمصداقية وقوة عالمية”.

ويرى مدير شركة الاستشارات المستقلة “الصين-إفريقيا الاستشارية”، ومقرها في ألمانيا ألكسندر ديميسي، في تصريح إلى شبكة “دويتشه فيله” الألمانية، أن “النظام المالي الدولي، الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية، تغيره الآن منظمات مثل بريكس”.

الالاسس.jpg

مقارنة بين اقتصادات مجموعة السبع وبريكس

السداسي الجديد في بريكس

يضم السداسي الجديد في “بريكس” دولًا تصنف ضمن أكبر منتجي النفط عالميًّا، ممثلة في السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات وإيران، الأعضاء في منظمة “أوبك”، والأرجنتين، ما يمنح المجموعة نفوذًا اقتصاديًّا أقوى خاصة على صعيد التجارة بين هذه الدول ودول المجموعة الحاليين، غير أن الأعضاء المؤسسين، بينهم روسيا، ثاني أكبر مصدر للنفط، والصين أكبر مستهلك للطاقة عالميًّا.

وبدءًا من يناير 2024، ستجمع “بريكس” بين أكبر منتجي النفط وأكبر مستهلكي الطاقة، وحال قررت تعزيز التبادل التجاري بين الأعضاء بالعملات الوطنية، سيشكل هذا خطوة نوعية في هدفها المتمثل في خفض الاعتماد على الدولار الأمريكي، العملة الأولى لتجارة الطاقة عالميًّا.

مصر وإثيوبيا.. إضافة إفريقية لـ”بريكس”

بين السداسي الجديد في بريكس، توجد دولتان من القارة السمراء، هما مصر وإثيوبيا، ومن المتوقع أن يسهم قرار ضمهما في تعزيز التعاون الاقتصادي داخل المجموعة، بناءً على قاعدة قوية حالية من التبادل التجاري بين البلدين.

اقرأ أيضًا| مجموعة بريكس مرشحة لصعود قوي.. هل تهدد بريق الـ7 الكبار؟

خلال 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول “بريكس”، نحو 31.2 مليار دولار، وتعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر بحجم تبادل يتجاوز 11 مليار دولار.

وفي المقابل، يبدو أن اقتصاد إثيوبيا ضعيف مقارنةً بأصغر اقتصاد في المجموعة حاليَّا، جنوب إفريقيا، فيبلغ حجم اقتصاد الأولى نحو 126.78 مليار دولار مقابل 405.87 مليار دولار للثانية، وفق شبكة “ذا كونفرسيشن” الاسترالية.

لكن إثيوبيا تُعد أكثر تمثيلًا لإفريقيا باستضافتها مقر الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، وفي المقابل تعطي “بريكس” أهمية للقارة السمراء، فالصين وحدها يقدر التبادل التجاري بينها وبين إفريقيا بـ263.3 مليار دولار خلال العام الماضي، مقابل 162 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين دول “بريكس” مجتمعة.

تجمع للدول الأكثر نموًّا

يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع مساهمة دول “بريكس” في حجم الاقتصاد العالمي هذا العام إلى 56 تريليون دولار، مقارنة بنحو 52 تريليون دولار لمجموعة السبع، وهي مرشحة لتوسيع الفارق بينها وبين مجموعة السبع لمصلحتها، بدءًا من العام المقبل مع انضمام السداسي الجديد.

وبشأن التوقعات الخاصة بالدول الست، تأتي الإمارات في المقدمة، مع توقعات بأن ينمو اقتصادها بمتوسط 3.6% خلال 2023\2027 لتحتل المرتبة الأولى إقليميًّا والثالثة عالميًّا بعد الهند والصين، تليها على صعيد الشرق الأوسط، مصر بمتوسط نمو 2.7%.

وفي المرتبة الرابعة والخامسة، تأتي السعودية وإيران بـ2.5% و2.2%، بحسب شركة كيرني الأمريكية المتخصصة في الاستشارات الاقتصادية التي تتوقع متوسط نمو للأرجنتين بنحو 1.7%، وبحسب البنك الدولي، من المتوقع أن ينمو اقتصاد إثيوبيا بمعدل يتراوح بين 6 و7% حتى 2025.

آسيا تقود النمو العالمي حتى 2027 وتفوق واضح للهند والصين والإمارات - شركة كيرني

آسيا تقود النمو العالمي حتى 2027 وتفوق واضح للهند والصين والإمارات – شركة كيرني

ربما يعجبك أيضا