«بكين في أقصى درجات الجنون».. كيف ستتغير سياسات الصين في ولاية شي الجديدة؟

رنا أسامة

طرح محللون توقعاتهم لما ستؤول إليه الصين خلال السنوات المقبلة، بعد فوز شي جين بينج بولاية ثالثة على رأس الحزب الشيوعي الحاكم، ما أبرزها؟


رجح محللون أن يشدد الرئيس الصيني، شي جين بينج، قبضته على الاقتصاد والعلاقات الخارجية والمعارضة، خلال الـ5 سنوات المقبلة.

ويأتي ذلك بعد فوز شي بولاية ثالثة غير مسبوقة على رأس الحزب الشيوعي الحاكم، يوم الأحد الماضي 23 أكتوبر 2022، وسط احتجاجات مناهضة لسياساته، لا سيما المتعلقة باحتواء وباء كورونا.

الجنون الأخير

الناشط الحقوقي المنغولي المقيم في ألمانيا، شي هايمنج، قال لإذاعة “آسيا الحرة”، إن شي أظهر قدرته على التصرف كيفما يشاء، بحشده حلفاءه المقربين في اللجنة الدائمة بالمكتب السياسي، التابع للحزب الشيوعي.

وأضاف: “هذه هو الجنون الأخير” للرئيس الصيني. وفي منتدى سياسي انعقد مؤخرًا في تايوان، قال هايمينج، إن شي برز كـ”إمبراطور ديكتاتوري”، بحسب تقرير نشره مركز “أوراسيا ريفيو” الأمريكي للدراسات والبحوث، أمس الثلاثاء 25 أكتوبر 2022.

عهد ماو.. بداية جديدة

قال صحفي صيني كبير، اكتفى بذكر لقبه، جينج، خوفًا من الانتقام السياسي، إن بكين عادت الآن بقوة إلى عهد الزعيم الصيني، ماو تسي تونج، الذي أسس الدولة الشيوعية.

وعدّ جينج المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني “بداية جديدة لعهد ماو”، مشيرًا إلى أن المؤتمر التاسع للحزب كان يوصف بأنه سيء لإشادته بالزعيم الصيني الأسبق، باعتباره “الشمس الحمراء لشعوب العالم”، وفق التقرير.

نهج مختلف

المعلق والمدون الصيني، كاي شنكون، رجح أن يحيد شي بالصين بعيدًا عن إصلاحات السوق، التي طبقها ماو، وأن يتخلى تمامًا عن نهج الإصلاح والانفتاح الذي بدأه الزعيم السابق، دينج شياو بينج، الذي قاد بكين نحو تبنّي اقتصاد السوق.

وأضاف كاي عبر تويتر: “الاقتصاد المملوك للدولة سيحل محل اقتصاد السوق، وسنرى تآكلًا في القطاع الخاص بكل مجالاته، في ظل (سياسة) الرخاء المشترك لـ شي”، متوقعًا اختفاء الطبقى الوسطى تمامًا، وتقلص حرية التعبير على نحو أكبر. وتابع: “حتى حريتنا المحدودة في السفر ستزول إلى الأبد”.

شرعية سياسية

الأكاديمي الصيني، وين تشيجانج، أشار إلى انهيار نظام القيادة الجماعية القديم للحزب الشيوعي، الذي كان يؤمن تقاسمًا للسلطة بين زعيم الحزب ورئيس المؤتمر الشعبي الوطني ورئيس الوزراء.

ولفت إلى أن شي ذكر كلمة “الشعب” 17 مرة في خطابه الختامي، أمام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، باعتبارها رمزًا للشرعية السياسية، بحسب التقرير.

علامة فارقة

أشار التقرير إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعث رسالة تهنئة إلى شي، لإعادة انتخابه زعيمًا للحزب الشيوعي، في نتيجة عدّها إشارة على تماسك ووحدة الحزب، الذي يتزعمه، وارتفاع مستوى السلطة السياسة، التي يتمتع بها.

وأبدى بوتين استعداده لمواصلة الحوار مع شي، بشأن تطوير “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” بين موسكو وبكين. وكذلك هنأه الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، واصفًا إعادة انتخاب شي بأنها “علامة فارقة”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية.

انحياز كوري شمالي

بدوره، قال السفير الأمريكي السابق لدى كوريا الجنوبية، هاري هاريس، إن “الصين لا تحتاج إلى كوريا الشمالية، ولكن الأخيرة في حاجة ماسة للصين”. وأشار، في هذا الصدد، إلى أن بكين انحازت إلى بيونج يانج في أكثر من مناسبة، بما في ذلك استخدامها حق النقض (فيتو) ضد عقوبات الأمم المتحدة الإضافية ضد كوريا الشمالية، وتحديها تنفيذ العقوبات الأمريكية ضدها.

وبحسب المنسق السابق للبيت الأبيض للحدّ من التسلح وأسلحة الدمار الشامل، جاري سامور، يركز شي على تطوير قدرات الصين ومنافستها مع الولايات المتحدة. الأمر الذي قد يفضي إلى تعاون صيني محدود مع واشنطن وسيول، بشأن مواجهة البرنامج النووي والصاروخي لكوريا الشمالية.

صراع مقرر

في السياق ذاته، توقعت الباحثة بمعهد “فريمان سبوجلي” للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد الأمريكية، أوريانا سكايلر ماسترو، أن تشهد الـ5 سنوات المقبلة توترًا أكبر في العلاقات الأمريكية الصينية، وكذلك في علاقات دول أخرى تتشارك مخاوف أمنية في المنطقة.

ورأت ماسترو أن شي كان واضحًا نسبيًّا، منذ توليه السلطة في عام 2013، بوضعه أهدافًا تتعلق بتعزيز ووحدة الأراضي الصينية، محاولًا حل قضايا إقليمية كثيرة، وتعزيز موقع بلاده في آسيا لاستعادة مكانتها باعتبارها “قوة عظمى”، ومن ثم فإنه “كان مقررًا بالفعل إشعال صراع مع الولايات المتحدة، إذا أرادت الصين أن تكون الرقم واحد في آسيا”، وفق ماسترو.

ضغط متوقع

الباحث الأمريكي من مركز “شرق- غرب” في هاواي، ديني روي، رجح أن تواصل الصين الضغط من أجل تعزيز نفوذها ومكانتها عالميًّا، في إطار “إعادة تقييم” جرى التوصل إليها في عصر الرئيس الصيني السابق، هو جين تاو، وتبناها شي وأسس عليها، بحسب التقرير.

وأشار روي إلى أن بكين لم تقر بأن “غطرستها” أضرت سمعتها الدولية داخل العالم المتقدم اقتصاديًّا، لكنها بدلًا من ذلك تبدي استعدادها لمواصلة “انتهاك جوانب مهمة من القانون الدولي، ومقاومة النظام الليبرالي، الذي ترعاه الولايات المتحدة، وتمجيد فاشية جمهورية الصين الشعبية، وتصويرها على أنها تفوق على الديمقراطية”.

ربما يعجبك أيضا