بوتين يعلن الحرب على منظمات المجتمع المدني

محمود رشدي

رؤية

موسكو- تظل منظمات المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية في روسيا صداعاً لم تبرأ منه البلاد منذ ظهورها مثل البثور على الجسد العليل، مع آخر سنوات الاتحاد السوفياتي السابق، وتحول كثير منها إلى أنشطة غير مشروعة مع مطلع تسعينيات القرن الماضي.

وشهدت هذه الفترة نشاطاً مكثفاً من جانب كثير من تنظيمات وشبكات الفساد تحت رعاية غير مباشرة من الدوائر الغربية، التي وجدت فيها ما كان يمكن أن يُسهم في تمرير مخططاتها الرامية إلى تفريغ المجتمع الروسي من قيمه ومعتقداته، وثوابت مصالحه الوطنية لقاء “مكاسب مالية” و”مآرب ذاتية”. بحسب إندبندنت عربية.

بوتين وتقويم المسار

ومن هنا، ظهرت جمعيات ومنظمات تحت ستار أطلقوا عليه تأدباً تسميات على غرار “منظمات المجتمع المدني”، وشملت كثيراً من المنظمات الأهلية والجمعيات الدينية، بما فيها “منظمة الإخوان المسلمين” التي حُظرت في مطلع القرن الحالي، بإيعاز مباشر من الرئيس بوتين مع تصاعد الحرب الشيشانية الثانية، إلى جانب عديد من الجمعيات، وكذلك ما يسمّى بـ”الأكاديميات” على مختلف أطيافها الشعبية والطبيعية والثقافية وحقوق الإنسان، وغير ذلك من المنظمات غير الحكومية.

آنذاك، فرضت المتغيرات التي ماجت بها روسيا الديمقراطية واقعاً جديداً تحول الوجود الغربي معه رقماً رئيساً في المعادلة الجديدة تحت رعاية غربية، من دون أي مقاومة أو احتجاج من جانب السلطة الروسية. ويذكر كثيرون أن مؤسسات المجتمع المدني وصناديق الدعم والمعونة التي ظهرت وقتها كانت أشبه بحصان طروادة الذي سرعان ما أدرك فلاديمير بوتين أبعاده حين جاء إلى قمة السلطة، مع مطلع القرن الحالي، ليبدأ على استحياء تقويم المسار، حتى التحوّل صراحة إلى التحذير من مغبة نشاط هذه “الجمعيات والمؤسسات”.

وذلك ما تلقفه مجلس الدوما لإقرار وضعها “تحت المنظار” واعتبار ممثليها “عملاء أجانب”، وألزمها بالخضوع إلى الرقابة الحكومية، والإشراف على كل مصادر تمويلها، لا سيما الخارجية منها.

وكانت الحكومة الروسية قد تقدمت إلى المجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمشروع قانون يحظر تسجيل هذه المنظمات في المباني السكنية، فضلاً عن إلزامها بتقديم تقارير عن كل نشاطاتها التي تنوي القيام بها إلى وزارة العدل. وذلك ما بدأ “الدوما” مناقشته اعتباراً من منتصف نوفمبر 2020.

كيانات وهمية

ومن اللافت في هذا الصدد أن هناك من هذه الجمعيات والمنظمات و”الأكاديميات” لا تزال تتخذ لها عناوين في مبانٍ سكنية بمختلف أرجاء العاصمة، ومنها ما لا أصل له في واقع الأمر، وهو ما تحققنا منه في حينه، وسجّلنا بالصوت والصورة إنكار أصحاب هذه الشقق السكنية وجودها في العناوين المشار إليها في “الرخصة” الصادرة عن وزارة العدل الروسية حول أوراق ثبوت تلك “الأكاديمية”.

ربما يعجبك أيضا