بين الصراعات السياسية وكورونا.. جيش الاحتلال الإسرائيلي على “نقالة” بالعزل الصحي!

محمد عبد الدايم
كتب – د محمد عبدالدايم

–    إلغاء تدريبات ضخمة للجيش.

–    تجميد مشاريع تكلف مليارات الشواقل.
–    وزير الدفاع ورئيس الأركان ومجموعة ضباط وكتيبة كاملة في العزل الصحي.
–    وزارة المالية تطلب من الجيش مزيدًا من التقليصات.
–    الصراع السياسي بين هاليكود وكاحول لافان يؤثر على ميزانية الجيش.
–    تدريبات لمواجهة صواريخ من غزة أو هجوم من لبنان.

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي إلغاء تدريب كبير كان من المقرر تنفيذه في سبتمبر القادم، حيث كان من المفترض أن يتلقى الجنود أوامر بخطط التدريب خلال الأيام القادمة، لكن بعد مناقشات مكثفة في هيئة الأركان، وكذلك مناقشات مكثفة مع وزارة المالية، وفي ضوء التخفيضات المالية المتوقعة، التي تركت حالة من الضبابية أمام استعدادات الجيش في المرحلة المقبلة، تقرر إلغاء التدريب.

التدريب كان من المخطط أن يكون على نطاق واسع، ليشمل أغلب أسلحة الجيش، المشاة والبحرية والتكنولوجيا بالإضافة إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أي أنه أحد أكبر التدريبات العسكرية الكبيرة التي كانت هيئة الأركان تجهز لها بمشاركة ألفي جندي من الاحتياط وقوات محاكاة العدو (قوة مهمتها تقليد العدو كجزء من التدريب)، تدريب متعدد الأسلحة لمدة أسبوع، لاختبار مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي وتحوله من الروتين العادي إلى حالة الطوارئ، ومنها إلى الحرب متعددة الجبهات في آن واحد، ومن بين أهدافه كذلك التدريب على مواجهة مخططات إطلاق القذائف والصواريخ على المستوطنات وقواعد الجيش.
التدريب الملغي كان استكمالًا لتدريب سابق بدأه الجيش في سبتمبر من العام الماضي، أُطِلق عليه تدريب “حجر العقد”، وهو تدريب تنظمه سنويا هيئة الأركان، ويحاكي قتالا في عدة ميادين على الجبهة الشمالية، وتشارك فيه قوات من الجيش النظامي والاحتياطي، لاختبار مدى الاستعداد القتالية بالجيش، وتحسين العمل المشترك بين هيئة الأركان وبين أذرع الجيش المختلفة.
هذه التدريبات التي تبدأ في سبتمبر مثلما خططت هيئة الأركان أعلن كوخافي إلغائها هذا العام بسبب تفشي جائحة كورونا، مع عودة أرقام المصابين للارتفاع مجددًا، إضافة إلى أزمة الميزانية التي تعاني منها إسرائيل، لعدم إقرار موازنة العام 2020 حتى الآن، وكذلك حاجة التدريب لملايين الشواقل، فيما تضغط أزمة كورونا على اقتصاد الدولة.
كورونا بالجيش

إلى ذلك تقرر دخول أفراد الكتيبة 90 نحشون (التابعة للواء كفير المتمركز بالضفة الغربية) إلى العزل في قاعدة عسكرية بمرتفعات الجولان، بعد اكتشاف إصابة إحدى المجندات بفيروس كورونا، وحضرت مع مجندين آخرين حفل عيد ميلاد أقامه جندي بالكتيبة، وبعد الكشف عن الواقعة تم فحص جنود الكتيبة وتبين إصابة عدد ممن شاركوا بالحفل، ومن المرجح أن يُقدم المشاركون في الحفل إلى محاكمة خاصة بعد انتهاء العزل.

هذا وقد أعلنت قيادة أركان الجيش دخول أفيف كوخافي وعدة ضباط آخرين العزل، وهي المرة الثانية التي يدخل فيها رئيس الأركان للعزل خلال ثلاثة أشهر، ودخل وزير الدفاع بيني جانتس نفسه إلى العزل يوم الأربعاء الماضي، بعد مخالطتهم مصابي كورونا.

جدير بالذكر أن دخول كوخافي العزل جاء بعد نجاته من حادث تحطم مروحية عسكرية كانت تقله من مبنى الكنيست إلى قاعدة للجيش، حيث تعطل أحد مُحركيها.

بسبب وباء الكورونا يعاني الجيش الإسرائيلي على مستوى صحة أفراده، إضافة إلى المعاناة الاقتصادية الكبيرة، حيث لم يستطع كوخافي حتى الآن المضي قدمًا في خطته متعددة السنوات “تنوفاه” التي صاغها لتطوير الجيش، بسبب الخلاف السياسي الذي عطل الحكومة عامًا ونصف، ثم وباء كورونا الذي يضغط على الجيش بشكل كبير، حتى أن وزارة المالية تناقش مع كوخافي سبل تحقيق تقليصات إضافية في المصروفات، تشمل إلغاء مكافآت العطلات السنوية للموظفين الدائمين بالجيش هذا العام، وكذلك مكافآت المُدرِسات المُجندات بسلاح التعليم، ناهيك عن تجميد مشاريع أخرى يتطلب تنفيذها مليارات الشواقل.
مشاورات حول ميزانية الجيش

من المقرر أن تبدأ المشاورات حول ميزانية وزارة الدفاع هذا الأسبوع، وعلى ما يبدو ستكون الميزانية المقترحة لمدة عام واحد فقط، أي ستتقرر ميزانية تكفي نهاية هذا العام، وتبدأ المشاورات بين قيادة الجيش ووزارة المالية بينما يقف الطرفان على مسافات بعيدة، مع وجود فجوات مالية كبيرة، حيث يطالب الجيش ببقية  مما تقرر له سابقًا من ميزانية كانت مخصصة لتنفيذ خطة التطوير السابقة “جدعون” التي وصلت هذا العام إلى سنتها الخامسة والأخيرة، وتقدر هذه النسبة المتبقية بنحو 32 مليار شيقل، لكن في المقابل تطالب وزارة المالية بأن يضغط كوخافي لتحقيق مزيد من التقليصات على ميزانية هذه الخطة.

يواجه الجيش عجزًا يزيد عن 20 مليار شيقل، حتى قبل أزمة كورونا، وبالنسبة للخطة الجديدة “تنوفا” التي لم تتم الموافقة النهائية عليها بعد، يبدو أن طموح رئيس هيئة الأركان سوف يصطدم بالتأكيد بما تقدمه وزارة المالية، التي تقترح على كوخافي تحقيق مزيد من التقليصات، تصل إلى نحو 2.5 مليار شيكل، بما في ذلك إلغاء المكافآت السنوية للموظفين الدائمين، وتُقدر بنحو 100 مليون شيقل.
مكافأة الموظفين الدائمين مُحددة سلفا، وتعتبر بندًا شبه ثابت في ميزانية الجيش، وتوفر للموظفين تكاليف قضاء عطلة سنوية بفندق إسرائيلي ذي مستوى راق، وبدعم كامل للمتزوجين منهم، وهذه المكافأة مخصصة للموظفين غير المقاتلين بالجيش، ويبدو أن قيادة الجيش مستعدة للموافقة على إلغاء مكافأة هذا العام، إضافة إلى تجميد مشاريع التعليم بالجيش، والتي تُكلف عشرات الملايين من الشواقل.
لكن الجيش في المقابل يطالب بما تبقى من الميزانية المخصصة لهذا العام، والتي تقررت لأجل تنفيذ خطة التطوير “جدعون”، بموجب اتفاق سابق بين وزير المالية السابق موشيه كحلون، ووزير الدفاع الأسبق موشيه يعالون، وهو الاتفاق المعروف بـ “اتفاق كحلون- يعلون” لميزانية الجيش خلال السنوات 2016- 2020.
لذلك جاء قرار كوخافي بإلغاء تدريب الجيش في سبتمبر المقبل، إضافة إلى تجميد العمل في العديد من مشروعات البنى التحتية التي تتكلف مئات الملايين من الشواقل، ومنها إعادة بناء قاعدتين للواء جفعاتي ولواء ناحل.
الصراع السياسي للديوك
الخلاف المنتظر بين وزارة المالية ووزارة الدفاع يتعلق كذلك بشخصي الوزيرين القائمين، فوزير المالية يسرائيل كاتس عضو بحزب هاليكود، ووزير الدفاع بيني جانتس رئيس حزب كاحول لافان، وكلا الحزبين يقفان لبعضهما كاثنين من الديوك النافرة، مما يقلل من فرص الوصول إلى اتفاق مُرضي للطرفين.

ومع ذلك خرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ليعلن “عدم التطرق لموضوع ميزانية الجيش الإسرائيلي أمام الإعلام، ولكن سيكون الأمر داخل الغرف المغلقة، بما يناسب الصالح العام”.
مناورات عسكرية رغم الأزمة

وقبل الإعلان عن إلغاء التدريبات في سبتمبر، بسبب الأزمة المالية والوباء، فإن الجيش الإسرائيلي قد أجرى تدريبا خلال الشهر الماضي، شارك فيه نحو 500 جندي مقاتل من وحدات الإخلاء والإنقاذ، باستخدام مروحيات وطائرات نقل عسكرية، لمحاكاة التعامل مع إصابة عمارات سكنية في تل أبيب بصواريخ مباشرة.

وشملت التدريبات محاكاة التعامل مع دمار مضاعف وتخريب شديد، وحصار عشرات المدنيين بين قتلى وجرحى تحت الركام، بفعل صواريخ تحمل مواد ناسفة مثل التي توجد في قطاع غزة أو في لبنان.
وقبل هذا التدريب قام رئيس الأركان بزيارة إلى وحدة “إيجوز” (اللوز) للكوماندوز المتمركزة في جبل الشيخ  بالجزء الشمالي، وتتبع لواء جولاني، واستعرض كوخافي خلال زيارته خطة تدريب لأفراد الوحدة، لمواجهة التهديدات ، وإحباط الهجوم من الشمال، كما تابع رئيس الأركان تدريبًا بالنار الحية يحاكي قتالا على الجبهة الشمالية.

ربما يعجبك أيضا