بين وصفات تقليدية وتبادل خبرات.. كيف رفع “كورونا” استهلاك المصريين للأعشاب؟

أماني ربيع

شهدت الفترة الأولى من تفشي جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 تضاربًا في الآراء حول كيفية علاج المرض أو الوقاية منه، خصوصًا مع عدم إثبات أي دواء فعاليته في علاج الأعراض نهائيًّا، ما دفع البعض إلى اللجوء لوصفات عشبية.

وما بين وصفات تقليدية توارثتها الأجيال وأخرى اعتمد فيها البعض على تبادل خبراته مع آخرين تزايد استهلاك الأعشاب خلال السنوات الأخيرة منذ انتشار فيروس كورونا ودخوله الدول العربية، فالبعض يرى أنها حائط صد يحول بينه وبين الإصابة والبعض الآخر رأى أنها الحل الأسلم للتخلص من أعراض الفيروس الوبائي.

الحلبة.. محبة بعد عداوة

يشير نائب رئيس شعبة العطارة بالغرفة التجارية بالقاهرة مجدي توفيق، في اتصال هاتفي مع “شبكة رؤية الإخبارية” إلى ارتفاع استهلاك المصريين للمشروبات العشبية خلال جائحة كورونا، خاصة الينسون والينسون النجمي والزنجبيل والبابونج، فضلًا عن بعض الوصفات المخلوطة منها “العرقسوس مع الينسون والتليو”. أسماء سيد خريجة كلية تجارة، اعتقدت دومًا أن مشروب “الحلبة” مخصص فقط للنساء بعد الولادة وكانت تتصور أن طعمه كريه رغم أنها لم تتذوقه من قبل.

وحسب ما ذكرته في مقابلة مع “شبكة رؤية الإخبارية” كانت تسخر من والدتها لأنها تحبه، لكن عندما أصيبت بنزلة برد شديدة في بداية انتشار كوفيد-19، وظنت أنها أصيبت بالفيروس، خصوصًا مع معاناتها الكحة وآلام المعدة والشعور المستمر بالرجفة ألحّت عليها والدتها في تناول الحلبة فوافقت على شربها وفوجئت باختفاء الرجفة وهدوء معدتها وخفّ السعال كثيرًا، واكتشفت أن طعمها لذيذ ومنذ ذلك الوقت أصبحت “الحلبة” مشروبها المفضل، لا سيما في الشتاء لجلب الدفء وتجنب نزلات البرد وآلام المعدة.

زيت الكافور إرث الجدات.. والثوم مضاد حيوي طبيعي

أُصيب سعد عبد الحميد، محاسب، بفيروس كورونا منتصف العام الماضي 2021، فالتهبت جيوبه الأنفية مصحوبة باحتقان شديد في الحلق وصعوبة في التنفس، وفقًا لما ذكره في مقابلة مع “شبكة رؤية الإخبارية”، فلجأ إلى وصفة قديمة مجربة توارثتها أمه عن جدتها من زيت الكافور المعروف بتأثيره في علاج حالات البرد والإنفلونزا. والوصفة عبارة عن وضع بضع نقاط من زيت الكافور في وعاء ماء ساخن واستنشاق البخار لبعض الوقت، وساعدت هذه الوصفة كثيرًا في تعافيه بصورة أسرع.

وتحدث محمود مدين، طالب بكلية الهندسة، عن والدته عندما علمت بتشابه أعراض كورونا مع نزلات البرد فأجبرت أفراد الأسرة على تناول فصوص الثوم “على الريق” كما أكثرت من استخدامه في إعداد الطعام لاعتقادها بأنه يساعد في تخفيف أعراض البرد والتعافي السريع منه. وقال، في اتصال هاتفي مع “شبكة رؤية الإخبارية” “إذا اعترضنا كانت تقول لنا بثقة: ده مضاد حيوي طبيعي. وعندما بحثتُ على الإنترنت عرفت أن له تأثيرًا في تعزيز كفاءة الجهاز المناعي المهم للوقاية من كورونا، ولم يُصب أحد منا حتى الآن بالفيروس”.

الشاي والقهوة في الصدارة.. ولكن

لاحظ محمد كابو، العامل بأحد الكافيهات بمنطقة دار السلام، أن نسبة نزول طلبات المشروبات الساخنة من الينسون والنعناع والزنجبيل والقرفة وغيرها زادت على نحو كبير خلال الجائحة، مشيرًا إلى أن مشروبات الشاي والقهوة ما زالت في صدارة طلبات “الزبائن” بالطبع، لكن إذا طلب الزبون أكثر من مشروب يكون أحدها عشبيًّا، وكثيرون يطلبون إضافة الليمون والنعناع إلى الشاي، بحسب ما قاله في مقابلة مع “شبكة رؤية الإخبارية”.

واتفق معه أيمن مسعود، صاحب أحد مقاهي المعادي، لافتًا إلى ارتفاع الطلب على تناول مشروبات الشاي الأخضر والشاي بالكاموميل، البابونج، والينسون بالإضافة إلى عصائر الليمون والبرتقال مقارنة بمشروبات القهوة الأخرى مثل النسكافيه والكابوتشينو، خصوصًا بين الفتيات، في حين يطلب الشباب الذكور والرجال الشاي بالنعناع والزنجبيل أكثر، وفقًا لما ذكره في مقابلة مع “شبكة رؤية الإخبارية”.

الأعشاب مفيدة لكنها ليست علاجًا

من الناحية الطبية يشير استشاري الباطنة والقلب الدكتور خالد أبو رواش، في اتصال هاتفي مع “شبكة رؤية الإخبارية” إلى أن الأعشاب الطبيعية فعّالة في كثير من الأحيان مع نزلات البرد العادية، فهي تعمل على تهدئة السعال وتدفئة الجسم وإراحة الصدر، ومنها أوراق اللبلاب وأوراق الجوافة والينسون والزنجبيل، ومعظمها يدخل أساسًا في صناعة أدوية السعال بعد معالجاتها وجعلها صالحة لتضاف إلى بقية مركبات أدوية الكحة والسعال وأعراض البرد.

وفيما يقول استشاري الباطنة والقلب إن شرب السوائل الدافئة مهم جدًّا ضمن نظام التغذية الخاص للوقاية من كورونا أو حتى خلال الإصابة، يشدد أيضًا على أنه لا يجب الاعتماد عليها وحدها بوصفها علاجًا، وإنما هي عامل مساعد للوقاية وتسريع الشفاء. بل ذهب إلى التحذير ممَّا يسمى “الطب البديل” والوصفات الطبية غير المرخَّصة المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية المجهولة، لأنها قد تمثل خطورة على الصحة.

ليس لكورونا علاج نهائي حتى الآن

شدد الدكتور خالد أبو رواش على أنه لا يوجد علاج نهائي لفيروس كورونا حتى الآن، رغم تفشيه وانتشاره منذ فترة طويلة، فضلًا عن أن العلماء والأطباء حول العالم يبحثون كثيرًا في سبل مقاومته، لا سيما مع تحوُّره السريع جيلًا بعد جيل. مضيفًا: “نحن نعالج أعراضًا فقط وليس المرض نفسه، حتى اللقاحات التي يتناولها الناس وتوفرها الحكومات مجانًا لهم تسهم فقط في الوقاية وتخفيف حدة الأعراض حال الإصابة بفيروس كورونا”.

وأوضح أن الأعراض تختلف من شخص إلى آخر، لأنه قد تبين أنه توجد أعراض تتعلق بالجهاز التنفسي للإنسان مثل الالتهاب الرئوي، وهو ما لا يفيد معه الأعشاب، وعند ظهور مثل هذه الأعراض على المريض لا بد من استشارة الطبيب فورًا وعمل الفحوصات والأشعات والتحاليل اللازمة، كما يُفضل عند الإصابة بفيروس كورونا استشارة طبيب متخصص للمتابعة معه، وذلك تجنبًا لحدوث أي مضاعفات للشخص المصاب، قد تتطور في حالة إهمالها طبيًّا.

ربما يعجبك أيضا