تجاوز العقوبات.. كيف تغلبت روسيا على الغرب عبر طرق التجارة؟

كيف تفوقت روسيا على خصومها وأعادت ترسيم مسارات التجارة العالمية؟

بسام عباس
حاوية سفن

كشفت الردود الروسية على العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضها الغرب إلى حد كبير عن مدى قدرتها على المراوغة وتجاوز هذه العقوبات.

ورغم أن روسيا تتحمل عقابًا استنزافيًّا في حربها في أوكرانيا، فلم ينهر الاقتصاد المحلي، على الرغم من التوقعات المروعة التي تشير إلى العكس. وفيما يتصل بالصادرات، تعمل روسيا على شق طرق تجارية جديدة، وهي الخطوة التي رحبت بها القوى البارزة في الجنوب العالمي.

مرونة الحصار

أوضحت مجلة “أوراسيا ريفيو”، في تقرير نشرته الثلاثاء 10 سبتمبر 2024، أن الحكومات الغربية المناهضة لروسيا تجاهلت درسًا تاريخيًّا بارزًا عندما لجأت إلى صيغ عقابية مفترضة تهدف إما إلى ردع روسيا عن متابعة مسار عمل أو حرمانها من الموارد الضرورية، فالدول الخاضعة لتدابير اقتصادية ساحقة من المفترض أن تتكيف، وتظهر خطوطًا من المرونة المثيرة للإعجاب.

وأضافت أن تجربة اليابان وألمانيا وإيطاليا خلال ثلاثينيات القرن الـ20 في مواجهة العقوبات التي فرضتها عصبة الأمم دليل على هذه الفكرة، فقد سعت جميع هذه الدول إلى ما أصبح يُعرف باسم “مرونة الحصار”، ومن عجيب المفارقات المريرة أن القوى المستهدفة شعرت أيضًا بالجرأة على متابعة تدابير أكثر صرامة لتقويض القيود المفروضة عليها.

وبحلول نهاية عام 2022، أصبحت روسيا ثاني أكبر مورد للنفط الخام الروسي إلى الصين، كما كانت الهند متعطشة جدًا للنفط الروسي، فمن خلال إنتاج 10% فقط من الإمدادات المحلية، ساهمت روسيا بنحو 34% من بقية استهلاك النفط الهندي في عام 2023.

مسارات جديدة

ذكرت المجلة أن روسيا والصين أحرزتا تقدمًا على طريق بحر الشمال، الذي يمتد على المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، ويمتد من مورمانسك على بحر بارنتس إلى مضيق بيرينج والشرق الأقصى، وتتضمن الاتفاقية بين وكالة الطاقة النووية الروسية روساتوم، وشركة هاينان يانجبو نيونيو للشحن المحدودة الصينية التصميم المشترك وإنشاء سفن حاويات من فئة القطب الشمالي للتعامل مع الظروف القاسية على مدار العام.

وأضافت أن موسكو ونيودلهي أيضًا أحرزتا تقدمًا في ممر النقل الدولي من الشمال إلى الجنوب (INSTC) الذي يبلغ طوله 7200 كيلومتر، والذي سيمتد من سانت بطرسبرج في شمال غرب روسيا إلى الموانئ في جنوب إيران للانتقال إلى مومباي.

ولفتت إلى أن الاتفاق بين روسيا وإيران والهند لمثل هذا الممر المتعدد الوسائط يعود إلى سبتمبر 2000، فإن موسكو، مع ظهور العقوبات المفروضة في أعقاب حرب أوكرانيا، اتجهت إلى البحث عن مسارات موازية في أسواق التصدير في الشرق الأوسط وآسيا.

تفوقت على خصومها

أشارت المجلة إلى أن روسيا نجحت في إحراز تقدم كبير على الطريق الغربي، الذي يشمل استخدام مرافق السكك الحديدية والطرق في أذربيجان، ففي مارس، كشفت وزارة التنمية الرقمية والنقل في أذربيجان أن شحن السكك الحديدية نما بنحو 30% في عام 2023، وارتفع شحن الطرق إلى 1.3 مليون طن، بزيادة قدرها 35%.

وتتوقع الوزارة أن يرتفع حجم الحمولة من حيث حركة الشحن إلى 30 مليون طن سنويًا. وفي يونيو/حزيران من هذا العام، افتُتح خط السكك الحديدية بين رشت وبحر قزوين الذي يربط الخليج الفارسي ببحر قزوين بحضور كبار الشخصيات الروسية والإيرانية والأذربيجانية.

وأوضحت المجلة أن روسيا رغم فداحة خسائرها في الحرب، انتصرت في استخدام الأسلحة الاقتصادية والمالية، وتفوقت على خصومها، وسعت إلى إعادة رسم مسارات التجارة العالمية التي ستزودها بدروع أعظم من الصدمات الاقتصادية في المستقبل، وأن الدول التي لم تهتم بالصراع في أوكرانيا مقابل تحقيق مصالحها التجارية الخاصة، كانت أكثر حماسة من موسكو.

ربما يعجبك أيضا