تجديد الخطاب الديني.. الإمارات منارة للتسامح والاعتدال والقيم الإنسانية

أسماء حمدي

رؤية – أسماء حمدي

على مدار يومين متتاليين، تنظم جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، مؤتمر علمي تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني»، تحت رعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون بدولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة عدد من علماء الدين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

ينعقد المؤتمر الذي انطلق اليوم الثلاثاء، في فندق سانت ريجس بجزيرة السعديات، ويرأسه الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بمشاركة عدد من العلماء والخبراء من داخل الإمارات وخارجها، بينهم وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة.

ويناقش المؤتمر محاور مهمة في التجديد مثل، ماهية الخطاب الديني ومجالات تجديده، وإشكاليات المفاهيم في التجديد الديني، وخطاب الوضع باعتباره أساسا للتجديد، والعلاقة بين التجديد والضبط في الخطاب الديني.

كما يتناول عدداً من المحاور التي تعنى بإعلاء مبادئ الاعتدال والوسطية، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش التي تتبناها دولة الإمارات كمنهج لنشر روح المحبة والسلام، وتجسد رؤية قيادتها الرشيدة في تحقيق مبادئ العيش المشترك بين الشعوب ونبذ العنف والكراهية.

صرح ثقافي وفكري

إلى جانب رسالتها الأكاديمية والعملية، جاء مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» ليترجم رؤية جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في القيام بدورها الثقافي والفكري.

كما يأتي المؤتمر لتلبية الحاجة الماسة إلى إيجاد فهم مشترك لضبط الخطاب الديني وفق معايير تراعي مضامينه وخصوصيته وتأثيره المباشر على حياة الناس، وتتجنب الغلو والتطرف وتساهم في إيصال الفهم الصحيح لقيم ومبادئ الدين الحنيف.

ويهدف إلى الإجابة على الأسئلة المهمة التي تمكن من ضبط مفهوم تجديد الخطاب الديني ضبطاً علمياً يبتعد به عن التسيب والتبسيط المخلين، وتشمل التعريف بالخطاب الديني والتطرق لمفهوم التجديد وضرورته والسياق الحضاري الذي يستوجبه، وأسسه المنهجية ومداخله العلمية ومجالاته وأبعاده وما الذي يجب أن يتغير في الخطاب الديني.

ويشمل المؤتمر تقديم الباحثين والمختصين لعدد من أوراق العمل تتضمن الخطاب الديني بين المفهوم والمصطلح في الفكر القديم والحديث، وما هو الخطاب الديني اليوم، وما هي مجالات وأبعاد تجديده ولماذا، التجديد الديني وإشكاليات المفاهيم،  إلى جانب أوراق أخرى بعنوان، خطاب الوضع باعتباره أساساً للتجديد، والعلاقة بين التجديد والضبط في الخطاب الديني، والواقع والسياق الحضاري وضرورة تجديد الخطاب الديني، إضافة إلى المواثيق والإعلانات المحلية والدولية وأثرها في التجديد.

الانضباط والتسامح

قال رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، الشيخ عبدالله بن بيّه، إن مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» بأبوظبي سيكون فاتحة مشاريع طموحة للبحث المؤصّل.

وأضاف -في كلمته، خلال مؤتمر «تجديد الخطاب الديني»- إن الإمارات بلد الابتكار والتجديد وتقديم كل مفيد وجديد، واليوم سنجدد السلام والمبادئ الدينية، مؤكدا تجديد الدين هو تجديدٌ يشمل مجالات كثيرة من الحياة وأن التجديد ليس مرادفا للاجتهاد لكنه يتضمن الاجتهاد.

وأشار إلى أن التجديد هو حوار مع الواقع وتفكير مواكب للحياة، لافتا إلى أن الخطاب الديني الذي نحتاج إليه موصوف بالانضباط والتسامح.

وتابع: «الخطاب الديني الذي نحتاج إليه يتسع لمختلف وجهات النظر وموجه للجميع ومتصالح لا يكفّر أحدا».

التعايش السلمي بين الأديان

قال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة -خلال كلمته بالمؤتمر العلمي الأول لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية- إن مهمة العلماء البيان لا الهداية، وأن الأصل في الإسلام هو السلام والتعايش السلمي بين البشر، فلا إكراه في الدين ولا على الدين، ولا قتل على المعتقد، ولا تمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة أوالقبلية.

وأضاف جمعة: «أن الأصل في الأمر أنها حقوق وواجبات على نحو ما رسخته وثيقة المدينة المنورة من أسس التعايش بين أهل المدينة جميعًا، منوها أن مهمة العلماء والفقهاء البلاغ، أما أمر الهداية فمن الله وحد».

وأوضح أن التجديد الذي ننشده هو التجديد المنضبط بضوابط الشرع، القائم على إعمال العقل في فهم صحيح النص في ضوء معطيات الواقع مع الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف، وشار إلى أن هناك أمرين في غاية الخطورة قد أضرا بالخطاب الديني، وبصورة الإسلام والمسلمين هما الجهل والمغالطة، أما الأول فداء يجب مداواته بالعلم، وأما الثاني فداء خطير يحتاج إلى تعرية أصحابه وكشف ما وراء مغالطاتهم من عمالة أو متاجرة بالدين.

ولفت وزير الأوقاف المصري، أن من أخطر القضايا التي لعبت عليها أو بها جماعات أهل الشر «تصرفات الحاكم» سواء بالافتئات عليها أم بمحاولة تشويه تصرفاته، وأشار إلى أن جماعات التطرف عكست القواعد العامة فجعلت التحريم أصلا والحلَّ استثناءً، غير مدركين أنهم يعقدون على الناس أمور حياتهم، مع أن الأصل في الأمور الإباحة، وأن التحريم لا يثبت إلا بدليل.

وتابع: «أن إطلاق كلمة عالم على شخص لم يستوف مقومات العلم ولَم يمتلك أدواته أمر في غاية الخطورة، ربما يصل إلى حد الجناية على العلم أو في حقه، العالم عالم، والفقيه فقيه، والمؤرخ مؤرخ، والواعظ واعظ، والنسابة نسابة، وقد ظهر على مدار تاريخنا الطويل طوائف من الوعاظ، والوعاظ البكائين، ومن القصاص، والحكائين، والمنشدين، والقراء».

ومؤخرا عانى الخطاب الديني من جملة أمراض مزمنة وسارية ومتوطنة تحتاج إلى جهد مخلص وفكر منفتح يرنو إلى رسالة الدين السامية في ترقية المجتمعات وتخليصها من أدرانها، والسعي حثيثًا ليتبوأ الخطاب الديني الصحيح مكانته في عالم تلاقح الأفكار الداعية إلى الحرية الفكرية والدينية والتسامح وقبول الآخر.

وينبغي فهم الخطاب الديني المستمد من القرآن باعتباره خطابًا أخلاقيًّا في المقام الأول، يحث الإنسان على التأمل في جنبات الكون بهدف الإيمان بالخالق، ويحثه على إعمار الأرض التي استخلفه الله فيها بمقتضى قيم الحق والخير والجمال. وهذا يعنى أنه لا يحق لأحد أن يتبنى خطابًا دينيًّا يقوم على سلطة المنع والتحريم والزجر والتكفير.

ربما يعجبك أيضا