تحت وطأة الأزمة.. العملة الإيرانية الرسمية تنتقل من الريال إلى التومان

يوسف بنده

رؤية

على وقع تدهور الاقتصاد وانهيار سعر العملة، أقرّت الحكومة الإيرانية، الخاضعة لعقوبات قاسية، خطة لحذف الأصفار من عملتها، واستبدال الريال الحالي بـ”التومان”.

ووافقت الحكومة الإيرانية على مقترح البنك المركزي بتغيير العملة الوطنية من الريال إلى التومان وإزالة الأصفار الأربعة، وتم اتخاذ القرار في اجتماع الحکومة، أمس الأربعاء 31 يوليو/ تموز، وسيتم وضعه على جدول الأعمال إذا وافق عليه البرلمان.

وإذا ما تم تنفيذ هذا القرار، فسيكون كل 10 آلاف ريال تومانًا جديدًا.

يشار إلى أن هدف الحكومة من هذا القرار هو الحفاظ على فاعلية العملة الوطنية وتسهيل وتحديث أدوات المدفوعات النقدية في التعاملات المحلية.

ومن الأهداف الأخرى خفض تكاليف طباعة الأوراق النقدية والحد من مشكلات الأعداد الضخمة في التبادل اليومي، وأعباء عد العملة والمسكوكات النقدية وحمل المبالغ الكبيرة منها.

ووفقًا لمدير مکتب رئاسة الجمهورية محمود واعظي، تمت الموافقة على الخطوط العريضة لهذا المشروع، وستقرر الحكومة تفاصيله في المستقبل.

وجرى اقتراح إزالة الأصفار من العملة الوطنية خلال رئاسة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لكنها لم تتحقق بسبب عدم جهوزية الظروف.

بعد ذلك، أثير هذا الأمر عدة مرات في حكومة حسن روحاني، ورئاسة ولي الله سيف للبنك المركزي الإيراني، ولكن تم تأجيل القرار إلى حين عودة الاستقرار الاقتصادي وانخفاض التضخم إلى رقم واحد.

أخيرًا، مع رئاسة عبد الناصر همتي للبنك المركزي، تم وضع مسألة حذف الأصفار من العملة الوطنية على جدول الأعمال، على الرغم من بعض الانتقادات.

وسترسل الحكومة الإيرانية مشروع القرار إلى البرلمان لإقراره، بحيث تصبح كل 10 آلاف ريال تومانا واحدا، ويبقى التعامل بالريال بين البنوك فقط. وتلجأ الحكومات إلى حذف أصفار عندما تفقد عملتها القوة الشرائية، ويكون ذلك بديلاً عن إصدار فئات كبيرة من العملة.

وفيما أكد خبراء فاعلية هذه الخطوة في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي للدول، أشاروا إلى أن هناك خطورة كبيرة إذا لم تصاحبها خطة اقتصادية مدروسة.

بعد تدهور

تجدر الإشارة إلى أن حكومة روحاني قررت حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية في حين أن التضخم الناتج عن العقوبات الأميركية على إيران قد ارتفع بشكل حاد.

وتواصل قيمة الريال الإيراني التدهور منذ العام الماضي، وقبل ثلاثة أعوام كان الدولار الأميركي يساوي 37 ألف ريال إيراني، لكن العملة الإيرانية تدهورت بشكل كبير العام الماضي ليصبح الدولار الواحد يساوي 180 ألف ريال.

وسُجّل هذا التدهور الكبير في قيمة الريال بعدما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، العام الماضي، انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران.

وتشكّلت حينها طوابير طويلة أمام مكاتب الصيرفة قبل أن تقرر الحكومة الإيرانية توقيف أصحاب مكاتب الصيرفة غير المرخّص لهم بالعمل وتجميد حسابات المضاربين.

وحاليا يساوي الدولار الواحد 120 ألف ريال في التعاملات الفردية، علما بأن سعر الصرف الرسمي هو 42 ألف ريال للدولار الواحد.

ويعني ذلك أن من لا يحمل بطاقة مصرفية عليه أن يتخلّى عمليا عن النقود المعدنية، وأن يحمل رزما من الأوراق المصرفية للمشتريات اليومية.

وفي محاولة منهم لتسهيل التعاملات، اعتمد الإيرانيون منذ زمن نظاما يقوم على حذف صفر من قيمة الريال مطلقين على هذه العملة (الريال بعد حذف صفر منه) تسمية التومان، إلا أن ذلك يسبب التباسا للزوار الأجانب.

وتوقّع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 6 بالمئة هذا العام، بسبب العقوبات وتزايد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

جدل في الصحافة

كتبت صحيفة “إيران” الحكومية، في تقرير مفصل، أن خطة إزالة الصفر من العملة الوطنية لها تاريخ طويل، وأنها مستمرة منذ التسعینیات، لكن الحكومات كانت تخشى التنفيذ، إلی أن اتخذت حكومة روحاني القرار، والآن ستنتقل العملة الوطنية من الريال إلى التومان، وتحذف أربعة أصفار.

أفاد مراسل صحيفة “إيران” الحکومیة، نقلاً عن سلاسل المتاجر، بأن الأسعار تم تسعیرها بالتومان منذ الأسبوع الماضي، والسبب أنه في سوق تعاني من التضخم، عندما یری المشترون أصفارًا أقل، فإنهم، من الناحیة النفسیة، یتماشون بشکل أفضل مع الأسعار المرتفعة.

لكن مسعود يوسفي، في صحيفة “اعتماد”، له رأي مختلف، إذ يعتبر إزالة الأصفار من العملة الوطنية مجرد مشروع، وهي ليست خطوة جادة، لأن الأمر يحتاج إلى سنوات لتنفيذها.

كما ذكرت “آرمان ملي” أن العملة الجديدة ستكلف 3000 تريليون تومان، وعلى عكس التقرير السلبي الذي قدمته “آرمان ملي” عن قرار الحكومة، فإن يحيى آل إسحاق تحدث في نفس الصحيفة عن الآثار الإيجابية المحلية والدولية لخطة الحكومة وأن تحويل الريال إلى تومان سوف یُبسط الحسابات التي يقوم بها المواطنون.

ومن جانب آخر، اعتبرت الصحف المحافظة أن خطة الحكومة لإزالة أربعة أصفار من العملة هي خطوة شکلیة للهروب من الواقع الاقتصادي. ووصفت صحیفة “جوان” هذه الخطوة بأنها لمجرد الحفاظ على المظهر، وأطلقت علیها صحيفة “جام جم”، اسم “العلاج بالصفر”. وكتب صحیفة “كيهان” في تقرير لها أن إزالة الأصفار من العملة الوطنية يجب أن تحد أولاً من التضخم ويُعاد الاستقرار إلى الأسعار، وإلا مع هذا التضخم البالغ أكثر من 40 في المائة، فإن خطة تغيير العملة تعد فاشلة من الآن.

تقرير صحيفة “آفتاب”، جاء تحت عنوان “خطة في غیر محلها”. وقد تحولت “آفتاب” إلى العديد من الخبراء الاقتصاديين وسمعت من الجميع أن خطة الحكومة، ليست صحيحة؛ إذ أخبر ألبرت بغريان صحيفة “آفتاب” بأن تحويل ألف تومان إلى تومان واحد من شأنه أن يجعل الأشياء تحت الألف تومان أغلى ثمنًا، ويبدو أن الوقت الحالي أسوأ وقت لتنفيذ الخطة.

كما أشار الخبير الاقتصادي حسين راغفر، في مقال، إلى أن إزالة الأصفار أمر غير ملائم، وكتب أن أي دولة أزالت صفرًا من عملتها شهدت زيادة في التضخم ونظرًا للتضخم المرتفع في إيران، يمكن لخطة الحكومة أن تربك المواطنين وتزید من التضخم. وهي ليست خطوة مناسبة، بأي حال من الأحوال.

ربما يعجبك أيضا