تحت وطأة «الاجتياح الطالباني».. انتفاضة أمريكية عاجلة لإنقاذ أفغانستان!

حسام السبكي

حسام السبكي

يبدو أن الأيام بل الساعات القليلة المقبلة، ستحمل تغييرًا سياسيًا وديموغرافيًا بارزًا في أفغانستان، التي عانت منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي، تحت وطأة الحروب والنزاعات، سواءً على الصعيد الدولي في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق، وحتى على المستوى الداخلي في نزاعات أهلية، لم يحسمها إلا التدخل الأمريكي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، نظريًا انتهت تفاصيله بالإعلان عن تنفيذ الانسحاب الدولي بقيادة الولايات المتحدة مؤخرًا، وهو ما انتهزته حركة طالبان الأفغانية، وتواصل السعي نحو استعادة السلطة في البلاد عقب الاستحواذ الأول عليها في سبتمبر 1996.

وبينما تواصل القوات الأجنبية الانسحاب العسكري والدبلوماسي، وخصوصًا من العاصمة كابول، التي توشك أن تختتم فصول الاجتياح الطالباني، وبالتزامن -على ما يبدو- مع فشل جهود الحل السياسي المدعوم من قبل قطر بالإضافة إلى جهود السلام على المستوى المحلي، فقد أظهرت واشنطن حالة من “الردع الأخير”، في محاولة لإنقاذ العاصمة الأفغانية والحكومة من السقوط في أيدي مقاتلو طالبان.

اجتياح شامل

مقاتلو حركة طالبان يواصلون الزحف نحو العاصمة الأفغانية كابول

على مدار الساعات الأخيرة، تواصلت سقوط المدن والولايات الأفغانية، والتي بلغت وفق آخر التطورات نحو 26 ولاية من أصل 34، في أيدي مسلحي حركة طالبان، التي تبدو بالتالي غير متحمسة لأي اتفاق سياسي، في ظل الاكتساح العسكري، أو على الأرجح تبحث عن فرض شروط سياسية تحدد بموجبها شكل نظام الحكم الجديد في مرحلة ما بعد الانسحاب الغربي.

وفي آخر التطورات، تقدمت حركة طالبان، مساء أمس السبت نحو العاصمة الأفغانية كابو، بعد نجاحها وسط أنباء شبه مؤكدة نقلتها “رويترز” على واحدة من أكبر مدن أفغانستان بعد العاصمة كابول، وهي مدينة جلال آباد.

وقال مسؤول أفغاني مقيم في جلال أباد “لا توجد اشتباكات في الوقت الحالي في جلال أباد لأن الحاكم استسلم لطالبان”. “السماح بمرور طالبان كان السبيل الوحيد لإنقاذ أرواح المدنيين”.

وكانت الحركة قد سيطرت على 26 عاصمة وولاية أفغانية من أصل 34 حتى الآن.

وقالت مصادر أفغانية: إن هناك ولايات وعواصم ولايات تم تسليمها للحركة دون قتال، بينما فر آلاف المدنيين بعد سيطرة الحركة على الولايات.

وكان المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد قد أعلن -في وقت سابق من مساء السبت- سيطرة طالبان على مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ شمالي أفغانستان.

وصرح أفضل حديد رئيس مجلس محافظة بلخ بأن “طالبان” سيطرت على مزار شريف”، مضيفا أن المدينة سقطت على ما يبدو دون قتال، مشيرا إلى أن الجنود تركوا معداتهم وتوجهوا نحو المعبر الحدودي.

وكان عطا محمد نور الحاكم السابق لإقليم بلخ بشمال أفغانستان، قد أكد في وقتٍ متأخر من ليل السبت، أنه آمن وأنحى باللوم في سقوط مدينة مزار الشريف على «مؤامرة».

وأضاف عطا نور، أحد أقوى الشخصيات السياسية في أفغانستان، في منشور على فيسبوك إنه والقائد الإقليمي عبدالرشيد دوستم قد هربا.

وقال: «للأسف نتيجة مؤامرة كبيرة ومنظمة وجبانة تم تسليم جميع المنشآت الحكومية والقوات الحكومية إلى طالبان».

وأضاف «أرادوا الإيقاع بي وبصديقي المارشال عبدالرشيد لكنهم لم ينجحوا».

وأعلنت حركة “طالبان” سيطرتها على فيلق “209 شاهين” الواقعة في ولاية بلخ، مشيرة إلى أن عناصرها يوشكون السيطرة على مدينة مزار شريف.

وأضافت أنها شنت هجمات على 4 محاور في مدينة مهترلام عاصمة ولاية لغمان، وكسرت الحزام الأمني والدفاعي للمدينة، محرزة تقدما باتجاه مقر الولاية.

كما أكدت أنها اقتحمت سجن ولاية لغمان المركزي شرقي أفغانستان، وأطلقت سراح جميع أسراها هناك.

وتواصل حركة “طالبان” بوتائر متصاعدة زحفها الرامي إلى إحكام قبضتها على عموم أراضي أفغانستان.

وأعلن المتحدث باسم “طالبان” ذبيح الله مجاهد يوم السبت عن سيطرة الحركة على مدينة شرنة مركز ولاية بكتيكا شرق البلاد، وكافة المرافق الحكومية فيها.

وفي غضون ذلك، أكدت هدى أحمدي المشرعة من ولاية لوكر الواقعة وسط البلاد جنوب شرقي العاصمة كابل صحة الأنباء عن استيلاء “طالبان” على مركز الولاية مدينة بل علم واحتجازها جميع المسؤولين المحليين.

وأوضحت المشرعة أن قوات “طالبان” تسيطر حاليا على عموم الولاية ووصلت إلى منطقة جهار آسياب الواقعة على بعد 11 كم فقط عن كابل.

وفي لوكر أيضا، أعلنت “طالبان” عن سيطرتها على قاعدة خضر العسكرية في مديرية بركي برك واستسلام 500 جندي حكومي.

انتفاضة أمريكية

683274f5071943aca1a25d904fbb7415 2

في المقابل، وفي هبة أمريكية، غير معهودة على التعامل الهادئ من قبل الإدارة الديمقراطية الجديدة، وبشكلٍ خاص مع الملف الأفغاني، في بيان يوم أمس السبت، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن نشر 5 آلاف جندي إضافي في أفغانستان، “للتأكد من أننا يمكن أن يكون لدينا انسحاب منظم وآمن من الأفراد الأمريكيين وغيرهم من أفراد التحالف، وإجلاء منظم وآمن للأفغان الذين ساعدوا قواتنا خلال مهمتنا وتقدم حركة طالبان المعرضة لخطر خاص“.

وأعلن بايدن أيضًا عن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تهدئة الوضع الحالي في أفغانستان، بما في ذلك توجيه مجتمع الاستخبارات “لضمان أننا سنحافظ على القدرة واليقظة لمواجهة التهديدات الإرهابية المستقبلية من أفغانستان“.

وكلّف بايدن وزير الخارجية أنتوني بلينكن بمهمة دعم الرئيس الأفغاني أشرف غني، ونقله لممثلي طالبان في الدوحة “أن أي عمل من جانبهم على الأرض في أفغانستان، من شأنه أن يعرض الأفراد الأمريكيين أو مهمتنا هناك للخطر، سيقابل برد عسكري أمريكي سريع وقوي“.

كما أوكل للسفيرة تريسي جاكوبسون متابعة جهود “معالجة ونقل المتقدمين الأفغان للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة وحلفاء أفغان آخرين“.

وقال بايدن: “عندما توليت المنصب، ورثت صفقة أبرمها سلفي (دونالد ترامب)- والتي دعا إليها طالبان لمناقشتها في منتجع كامب ديفيد عشية 11 سبتمبر/ أيلول 2019 – تٌركت طالبان في أقوى موقع عسكريًا منذ عام 2001 وفرضت 1 مايو/ أيار 2021 الموعد النهائي للقوات الأمريكية” للخروج من البلاد.

وأضاف بايدن: “قبل وقت قصير من مغادرته منصبه (يقصد ترامب)، قام أيضًا بخفض عدد القوات الأمريكية إلى 2500 جندي كحد أدنى. لذلك، عندما أصبحت رئيسًا، واجهت خيارًا – متابعة الصفقة، مع تمديد قصير لإخراج قواتنا وقوات حلفائنا بأمان، أو تكثيف وجودنا وإرسال المزيد من القوات الأمريكية للقتال مرة أخرى في صراع أهلي آخر“.

وتابع: “كنت الرئيس الرابع الذي يترأس وجود القوات الأمريكية في أفغانستان – جمهوريان وديمقراطيان – لن أمرر هذه الحرب إلى خامس” رئيس.

TL US War Afghanistan

ويشمل إعلان الرئيس بايدن أنه سمح بإرسال 5 آلاف جندي إلى أفغانستان، بما في ذلك القوات الموجودة بالفعل على الأرض في البلاد.

وافق بايدن يوم السبت على نشر إضافي مباشر لكتيبة قوامها 1000 جندي من الفرقة 82 المحمولة جوًا مباشرة في كابول، بدلا من موقعهم الأصلي في الكويت.

وهذا القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي سيرفع العدد الإجمالي للقوات الأمريكية في كابول إلى 5 آلاف جندي. وكان البنتاغون قد أعلن في وقت سابق أن 3 آلاف جندي في طريقهم، وحوالي 1000 جندي موجودون بالفعل في كابول منذ بعض الوقت.

والقوات المحمولة جوًا رقم 82 التي أعيد توجيهها إلى كابول كانت في الأصل جزءًا من ما يصل إلى 4 آلاف جندي من الفرقة 82 المحمولة جواً المتوجهة إلى الكويت.

ومن المتوقع أن يصل الجزء الأكبر من القوات إلى كابول بنهاية عطلة نهاية الأسبوع.

في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن تحدث مع الرئيس الأفغاني يوم السبت، وناقش الاثنان “الحاجة الملحة للجهود الدبلوماسية والسياسية الجارية للحد من العنف” في أفغانستان.

وأكد بلينكن على التزام واشنطن بإقامة علاقة دبلوماسية وأمنية قوية مع حكومة أفغانستان ودعمنا المستمر لشعب أفغانستان”.

ربما يعجبك أيضا