تحرك روسي خطير في شبه جزيرة القرم بعد هجمات أوكرانية.. ماذا حدث؟

شروق صبري

قاتلت أوكرانيا في البحر الأسود على الرغم من افتقارها إلى القوة البحرية، فهل ستنجح؟


سحبت روسيا الجزء الأكبر من أسطولها في البحر الأسود من قاعدتها الرئيسة في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم المحتلة.

وتعد هذه الخطوة اعتراف قوي بكيفية تحدي الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار الأوكرانية لسيطرة موسكو على شبه الجزيرة، وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت، في تقرير اليوم الخميس 5 أكتوبر 2023.

انسحاب روسي

نقلت روسيا سفنًا قوية، و3 غواصات هجومية وفرقاطتين من سيفاستوبول إلى موانئ أخرى في روسيا وشبه جزيرة القرم، توفر حماية أفضل، وفقًا ما نقلته وول ستريت جورنال عن مسؤولين غربيين وصور الأقمار الصناعية، التي تحقق منها خبراء بحريون، في حين ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق.

ويأتي الانسحاب من سيفاستوبول في أعقاب سلسلة من الضربات التي شنتها أوكرانيا، وألحقت أضرارًا جسيمة بالسفن الروسية ومقر الأسطول، وفق الصحيفة، التي وصفت الخطوة بأنها انتكاسة ملحوظة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أنه اضطر إلى إزالة السفن من ميناء طالبت به روسيا للمرة الأولى عام 1783، في عهد كاثرين العظمى.

انسحاب روسي

انسحاب روسي

تأثير محدود في الوقت المناسب

قال خبراء بحريون إن الآثار العسكرية المباشرة لهذه الخطوة محدودة، وستظل السفن قادرة على إطلاق صواريخ كروز على البنية التحتية المدنية، لكن الصحيفة قالت إن الانسحاب يمثل دفعة في الوقت المناسب لأوكرانيا، التي يتقدم هجومها المضاد أبطأ مما كان مخططا له، وسط خسائر فادحة، واضطرابات سياسية في الولايات المتحدة تثير شكوك بشأن استدامة دعم كييف.

ووصف وزير الدولة البريطاني لشؤون القوات المسلحة، جيمس هيبي، في مؤتمر عقد بوارسو، هذا الأسبوع، تفريق السفن بأنه “الهزيمة الوظيفية لأسطول البحر الأسود”، في حين أشار التقرير أن الضربات الأوكرانية كسرت بالفعل حصار الأسطول على الموانئ، ومنعت روسيا من الوصول إلى أجزاء من البحر الأسود، وفتحت ممرًا جديدًا لإرسال شحنات الحبوب الحيوية اقتصاديًّا.

تفاصيل الخطوة الروسية

قال أحد كبار المحللين في مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، ميخائيل بارابانوف، إن صور الأقمار الصناعية المؤرخة في أول أكتوبر ونشرتها شركة Planet Labs، أظهرت أن الجزء الأكبر من السفن البحرية نقل إلى نوفوروسيسك، وهو ميناء روسي على البحر الأسود.

وتضمن النقل جميع الغواصات الهجومية الثلاث العاملة وفرقاطتين للصواريخ الموجهة وسفينة دورية واحدة. وسفينة إنزال كبيرة وعدد من سفن الصواريخ الصغيرة وكاسحات ألغام جديدة، نقلت إلى لفيودوسيا، شرقًا على طول شبه جزيرة القرم.

جزيرة القرم

جزيرة القرم

قدرات كييف الهجومية

في حين أن هذه الخطوة لا تمثل سوى إجراء مؤقت للحماية من المزيد من الضربات الأوكرانية، وفق وول ستريت جورنال، فإن الصدع اللوجستي المتمثل في نقل بعض أثقل السفن الروسية، يسلط الضوء على التهديد الذي تمثله قدرات كييف الهجومية.

وهنا أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أوكرانيا استهدفت شبه جزيرة القرم في الأسابيع الأخيرة بصواريخ كروز، وألحقت أضرارًا جسيمة بغواصة روسية وسفينة إنزال كبيرة، فضلًا عن مقر أسطول البحر الأسود. ويقول المحللون إن تلك الضربات استخدمت على الأرجح صواريخ كروز التي قدمتها المملكة المتحدة وفرنسا، ووضعتا قيودًا على استخدامها، ما يعني أنها لا تستطيع ضرب نوفوروسيسك.

قلق روسي

قال ميخائيل بارابانوف إن العامل الرئيس في قرار الغرب، هو منع أوكرانيا، حتى الآن،  من استخدام الأسلحة لشن ضربات داخل حدود الاتحاد الروسي عام 2014،  لكن كييف نجحت في ضرب نوفوروسيسك باستخدام طائراتها البحرية دون طيار المنتجة محليًّا، في وقت سابق من هذا العام.

وقال الخبير البحري ورئيس شركة بوسفورس أوبزرفر الاستشارية يوروك إيسيك، إن صور الأقمار الصناعية أظهرت شبكات موضوعة عند مدخل حوض بناء السفن في فيودوسيا، ما يوضح قلق روسيا بشأن المزيد من الهجمات الأوكرانية على المنشأة. وأضاف “لديهم بعض المخاوف الأمنية من أن تتمكن أوكرانيا من إجراء عملية بحرية ناجحة هنا”.

الحرب الروسية الاوكرانية

الحرب الروسية الاوكرانية

تفوق أوكراني ملحوظ

في العام الماضي، أغرقت أوكرانيا السفينة الرائدة في أسطول البحر الأسود، الطراد الصاروخي موسكوفا، بصاروخ مضاد للسفن منتج محليًّا، واستعادت السيطرة على جزيرة الأفعى الصغيرة ولكنها استراتيجية في البحر الأسود. وكذلك شنت قوات الكوماندوز الأوكرانية غارات حول شبه جزيرة القرم.

وقالت وكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية HUR، يوم 4 أكتوبر، إن قواتها هبطت في شبه جزيرة القرم وهاجمت جنودًا روسًا. وقال المتحدث باسم HUR، أندريه يوسوف، في بيان لوسائل الإعلام محلية إن الأوكرانيين أوقعوا خسائر في صفوف الروس، لكنه أضاف: “لسوء الحظ، هناك خسائر بين المدافعين الأوكرانيين”.

الأسطول الروسي

كثفت أوكرانيا ضرباتها على الأسطول الروسي في الأشهر الأخيرة، مع تصعيد روسيا هجماتها على الموانئ الأوكرانية والسفن المدنية في البحر الأسود.

وانسحبت روسيا في يوليو من اتفاق توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة، وأدى إلى رفع الحظر عن صادرات الحبوب الأوكرانية من أوديسا. وضمنت الاتفاقية، الموقعة في يوليو 2022، سلامة السفن عبر ممر بحري محدد، ما ساهم في خفض التصعيد العسكري في البحر الأسود، وتوفير شريان حياة اقتصادي لأوكرانيا.

وبعد الانسحاب من اتفاقية الحبوب، هددت روسيا باعتراض السفن المدنية المتجهة إلى أوكرانيا، وشنت سلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار على الموانئ الأوكرانية الرئيسة والبنية التحتية لتصدير الحبوب.

القدرة البحرية الروسية

أدى الرد العسكري الأوكراني إلى الحد من قدرة البحرية الروسية على المناورة في البحر الأسود، بعدما استهدفت طائرات دون طيار أوكرانية سفينة إنزال روسية في ميناء نوفوروسيسك وهاجمت سفينة أخرى في المياه المفتوحة. واستخدمت أوكرانيا أيضًا طائراتها البحرية المسيرة لاستهداف ناقلة نفط روسية تحمل وقود للطائرات، وجسرًا يربط البر الرئيس الروسي بشبه جزيرة القرم.

وقالت المتحدثة باسم قوات الدفاع الجنوبية الأوكرانية، ناتاليا هومينيوك، إن السفن الروسية لم تعد تتجاوز كيب تارخانكوت، في الطرف الغربي من شبه جزيرة القرم. وأضافت: “في الوقت الحالي، لا تبحر السفن والقوارب التابعة لأسطول البحر الأسود التابع للاتحاد الروسي فعليًا في اتجاه البحر الإقليمي لأوكرانيا”.

ممر بحري جديد

أوضحت الصحيفة أن روسيا مقيدة في البحر الأسود، بسبب قرار تركيا، العام الماضي، بتنفيذ معاهدة دولية تحظر على الدول المتحاربة جلب سفن حربية إضافية عبر المضائق التركية، وهي نقطة الاختناق الاستراتيجية عند مدخل المنطقة. واستشهد المسؤولون الأتراك باتفاقية مونترو لعام 1936، التي تمنع روسيا من جلب سفن من قواتها البحرية الأخرى بأنحاء العالم.

ومن الممكن أن يؤدي كسر أوكرانيا للهيمنة العسكرية الروسية في البحر الأسود إلى تعزيز الاقتصاد الأوكراني. وفتح ممر بحري جديد للسفن المدنية العابرة من وإلى أوديسا، كبديل للاتفاقية المدعومة من تركيا والأمم المتحدة. ويعانق الممر الملاحي الجديد الساحل الأوكراني، الذي يحميه الجيش، قبل أن يدخل المياه الساحلية لرومانيا وبلغاريا، العضوتين في حلف شمال الأطلسي.

اقرأ أيضًا: للمرة الأولى.. أمريكا تمد أوكرانيا بأسلحة وذخائر إيرانية

اقرأ أيضًا: بريطانيا تدعو إلى تقديم مزيد من الأسلحة والدعم لأوكرانيا

ربما يعجبك أيضا