تحول ميلوني وإجراءات مضادة.. كيف تغير نهج إيطاليا تجاه الصين؟

آية سيد
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني

تبرز رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، الآن كواحدة من أكثر المتشددين في أوروبا في ما يتعلق بـ"الحد من المخاطر" في العلاقة مع الصين.


خشي الكثيرون أن رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، ستشارك تقاربًا أيديولوجيًّا مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعدم الوقوف ضد الصين.

ولكن برزت ميلوني كأكثر المتشددين في أوروبا في ما يتعلق بـ”الحد من المخاطر” في العلاقة مع الصين، في تحول هائل يتناقض مع موقف بعض أبرز الحلفاء الأوروبيين، حسب تحليل للصحفي الإيطالي أوتو لانزافيكيا.

تغير النهج

في التحليل الذي نشره مركز تحليل السياسات الأوروبية، الجمعة 14 يوليو 2023، أشار لانزافيكيا إلى أن إيطاليا كانت أول دولة في مجموعة الـ7 تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في 2019. وتولى المستثمرون الصينيون مناصب قوية في كبرى الشركات الإيطالية، مثل بيريللي لصناعة الإطارات.

لكن ميلوني تبرز الآن كواحدة من أكثر المتشددين في أوروبا في ما يتعلق بـ”الحد من المخاطر” في العلاقة مع الصين، وتتجه نحو الانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، ومنعت أكبر مساهم في بيريللي، وهي شركة سينوكيم الصينية للكيماويات، من أخذ حصة مسيطرة.

تحول هائل

رأى الصحفي الإيطالي أن هذا يُعد تحولًا هائلًا ويتناقض مع موقف بعض الحلفاء الأوروبيين الرئيسين. وأصدرت ألمانيا أول استراتيجية للتعامل مع الصين، في 13 يوليو الحالي، التي اتخذت موقفًا قويًّا ضد “انتهاكات بكين الجسيمة لحقوق الإنسان”، لكن تراجعت عن فرض عقوبات اقتصادية صارمة.

ومن جهة أخرى، سافر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الصين هذا الربيع بصحبة وفد تجاري ضخم بهدف إبرام صفقات.

اقرأ أيضًا| تايوان تفتتح ممثلية ثانية في إيطاليا.. ما الهدف؟

وعلى الرغم من ميل إيطاليا القديم نحو الشرق، أظهرت ميلوني أنها مؤيدة قوية للتعاون الأطلسي، عن طريق دعم أوكرانيا وتأمين التعاون العابر للأطلسي بشأن “الحد من المخاطر” في العلاقات مع الصين.

زيارة لواشنطن

من المقرر أن تذهب رئيسة الوزراء الإيطالية في أول زيارة لها إلى الولايات المتحدة، منذ توليها المنصب، في 27 يوليو الحالي، وسيستضيفها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في البيت الأبيض. وحسب لانزافيكيا، ستكون الصين على رأس الأجندة.

وكانت إيطاليا الدولة الوحيدة من مجموعة الـ7 التي تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تتصور إعادة بناء طريق الحرير القديم لربط الصين بأوروبا عبر الإنفاق الضخم على البنية التحتية.

وبرر ائتلاف رئيس الوزراء الإيطالي السابق، جوزيبي كونتي، الشعبوي والمناهض للمؤسسات، الخطوة بأنها ستعزز صادرات إيطاليا إلى الصين، وتساعدها في تقليص الفجوة مع الاقتصادات الكبرى الأخرى في الاتحاد الأوروبي.

غياب التوازن

أوضح لانزافيكيا أن هذا لم يحدث. وعلى مدار السنوات الأربعة الماضية عبر 3 حكومات، تظل تجارة إيطاليا مع الصين أقل من تجارة فرنسا وألمانيا. ورغم تأكيدات بكين باتباع “علاقة متوازنة” وتسخير “إمكانيات التعاون”، تظل التجارة غير متوازنة لمصلحة الصين.

اقرأ أيضًا| إنفوجراف| معلومات عن اقتصادات مجموعة الـ7

وفي الفترة من 2019 حتى 2022، تضاعفت واردات الصين تقريبًا، من 35 مليار يورو (39.3 مليار دولار) إلى أكثر من 65 مليار يورو (73 مليار دولار). وشهد الربيع الماضي طفرة استثنائية في الصادرات الإيطالية إلى الصين، مدفوعة بالطلب على دواء للكبد قد يساعد في منع الإصابة بكوفيد-19.

الانسحاب من الحزام والطريق

من المفترض أن تتجدد مذكرة التفاهم بشأن مبادرة الحزام والطريق في مارس 2024، ما لم يقرر أحد الطرفين الانسحاب. وعلى الرغم من أن إيطاليا لديها فرصة حتى نهاية العام الحالي لحسم قرارها، أخبرت ميلوني، رئيس مجلس النواب الأمريكي، كيفن مكارثي، بأنها تميل إلى الانسحاب.

اقرأ أيضًا| إيطاليا تتجه إلى الانسحاب من الحزام والطريق.. هل تنتقم الصين من روما؟

ووفق الصحفي الإيطالي، قالت ميلوني لمجلس الشيوخ الإيطالي في يونيو الماضي: “يمكن أن تكون لنا علاقات جيدة مع الصين، دون أن نكون جزءًا من خطة استراتيجية”.

إجراءات مضادة

في السنوات الأخيرة، وسعت إيطاليا إجراءات فحص الاستثمارات الأجنبية وآليات الحماية، إضافة إلى توسيع نطاق “السلطة الذهبية”، التي يمكن للحكومة استخدامها لوقف التعاملات باسم الأمن القومي. وتستخدم روما هذه السلطة للحد من نقل تكنولوجيا الاتصالات، والمسيّرات، والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية إلى الصين.

وفي ما يتعلق بشركة بيريللي، أوضح لانزافيكيا أن ميلوني منعت سينوكيم الصينية، التي تمتلك حصة 37%، من تعيين المزيد من الأعضاء في مجلس الإدارة بسبب مخاوف متعلقة بحماية تكنولوجيا الإطارات السيبرانية، التي تسمح للإطارات بنقل البيانات في أثناء القيادة.

وقال الصحفي الإيطالي “إن ميلوني، القومية اليمينية، ظهرت حليفًا رئيسًا للغرب، وأصبحت داعمًا قويًا لأوكرانيا، وعملت مع بروكسل لتأمين التمويل الأوروبي، وتبدو مستعدة لتصبح الشريك الأوروبي الرئيس للولايات المتحدة في الحد من المخاطر في العلاقات مع الصين”.

اقرأ أيضًا| تهديد روسي وترحيب أوكراني.. مجموعة السبع تعلن ضمانات أمنية لكييف

ربما يعجبك أيضا