تداعيات تمرد فاجنر.. هل تخلت الأجهزة الأمنية الروسية عن بوتين؟

شروق صبري
بوتين

كشف تمرد فاجنر عن تحديات كبيرة تواجه حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما يمهد التمرد بأن قوة بوتين تنهار، وربما لم يتمكن من إحكام قبضته على السلطة. فما السبب؟


أثار تمرد قوات فاجنر على الكرملين يوم 23 يونيو 2023، كثيرًا من التساؤلات بشأن رد فعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ومن بين الأسئلة العالقة: ما السبب الذي يجعل الأجهزة الأمنية الروسية غير مستعدة لمواجهة التمرد في ظل اتباع جهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، وجهاز الأمن الداخلي الرئيس في الكرملين استراتيجية “الوقاية”؟

قوات فاجنر

قوات فاجنر

تمرد فاجنر

مع تحرك قوات فاجنر، فشل كل من FSB والحرس الوطني الروسي، الهيئة الرئيسة المكلفة بالحفاظ على الأمن الداخلي وقمع الاضطرابات في روسيا، في الرد السريع.

وبذل الحرس الوطني قصارى جهده لتجنب المواجهة المباشرة مع فاجنر، غير أن FSB، التي لديها أيضًا العديد من مجموعات القوات الخاصة النخبوية، لم تتخذ أي إجراء على الإطلاق، وأصدرت أقوى وكالة أمنية في البلاد بيانًا صحفيًا دعت فيه لاعتقال بريجوجن.

قدرات فاجنر

أشارت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، يوم 6 يوليو 2023، إلى أنه في أعقاب أزمة بريجوجن، واجه بوتين معضلة، فلم يكن التهديد الأكبر لنظامه تمرد بريجوجن فقط، ولكن رد فعل الجيش والأجهزة الأمنية على التمرد.

وبات يحتاج إلى إيجاد طريقة للتعامل مع هذا “الفشل الاستخباراتي والأمني” مع اليقين بأنه يحكم قبضته على السلطة. وعلى عكس الأزمات السابقة، قد لا يكون بوتين قادرًا على الاعتماد على الأجهزة الأمنية التي استخدمها منذ فترة طويلة لضمان الاستقرار السياسي، وفق تقرير المجلة.

نجاح محلي

لم يكن التهديد الذي شكّله تمرد بريجوجن له علاقة بالقوة النسبية لقوات فاجنر، وعندما أعلنت قوات فاجنر النصر في باخموت في مايو 2023، وصفه بريجوجن حينها بأنه “انتصار كبير” في معركة استمرت لأشهر، وضاعفت طموحاته إلى درجة خطيرة.

ووفق تقدير المجلة، لم يكن نصر باخموت أكثر من نجاح محلي، وكانت قيمته موضع شك، ففي الأسابيع التي تلت بدء الهجوم الأوكراني المضاد، أصبح هذا النصر ذكرى بعيدة، ولم يكن لفاجنر دور مهم في ردع الهجوم المضاد، ويبدو أن مرتزقة بريجوجن، على الرغم من قدراتهم المبالغ فيها، أقل صلة بالحرب مما كانوا عليه في الربيع.

ضعف نفوذ فاجنر

أشارت المجلة إلى أن التمرد جاء في وقت كان فيه نفوذ فاجنر يضعف، وكانت القيادة العسكرية الروسية تكتسب ثقة متجددة، ومع بداية الهجوم المضاد الأوكراني ببطء، كان يوجد تصور متزايد بأن الدبابات الأوكرانية والأسلحة المتقدمة الأخرى التي قدمها الغرب كانت أكثر عرضة للخطر مما كان متوقعًا.

وأفاد الضباط الروس بأن معنويات الجيش تتزايد، ولم يعد يُنظر إلى مقاتلي فاجنر على أنهم القوات الوحيدة القادرة في الجانب الروسي، وفق التقرير.

فاجنر

فاجنر

خسارة خيرسون

منذ أن شنت روسيا حربها الشاملة على أوكرانيا في فبراير 2022، كان الجيش الروسي موجودًا في حالة من التقلبات المزاجية المستمرة والمفاجئة، فالحماس في بداية الحرب، على سبيل المثال، تبعه إحراج عميق من الفشل الذريع للحملة الأولى.

وفي صيف عام 2022، اكتسب الجيش مزيدًا من الثقة مرة أخرى في الشرق، ليواجه صدمة أول هجوم مضاد أوكراني كبير، وخسارة خيرسون.
وفي وقت لاحق، تجددت الثقة، وأعاد الجيش تجميع صفوفه وسط توقعات بشن هجوم روسي كبير في الشتاء، لمواجهة المزيد من خيبة الأمل، دون إحراز تقدم، وتبعه انتصار طويل في باخموت، وكانت روسيا تنتظر الهجوم الأوكراني المضاد الكبير.

تمرد فاجنر ومستقبل بوتين

قبل تمرد بريجوجن، أدت ثروات روسيا المتأرجحة في أوكرانيا إلى “تصوف متزايد” بين صفوف الجيش، فالكتائب سميت على اسم القديسين، وتبادل الجنود الأيقونات والصلوات بنحو متزايد على تيليجرام، واكتسب الكهنة المؤيدون للحرب شعبية متزايدة. لكن عدم الاستقرار أدى إلى تآكل الثقة في القيادة العسكرية.

وكانت هذه مشكلة قديمة للجيش الروسي، الذي واجه معنويات متقلبة قُرب نهاية حرب القرم عام 1856، وفي الحرب الروسية اليابانية، وفي الحرب العالمية الأولى، وبعد غزو هتلر الاتحاد السوفيتي عام 1941، ومؤخرًا في الحربين الأفغانية والشيشانية.

العالم في أسبوع| شغب بفرنسا.. ومحادثات نووية بمصر.. وعملية للموساد في قلب طهران

تورط جنرال روسي في تمرد فاجنر

محاسبة الأجهزة الأمنية

أضاف التقرير “حتى الآن لم يعاقب بريجوجن، والأجهزة الأمنية أيضًا التي من المفترض أنها تحمي بوتين من مثل هذا التهديد”.

وأوضح “لن تكون أجهزة روسيا الأمنية قادرةً على إنقاذ بوتين من الواقع الجديد الذي تبلور، والذي أصبح فيه الجيش نفسه عرضةً للنقد، وإذا استمرت هذه التحديات، فقد لا تقتصر على الجيش، ويمكن أن تمتد إلى قبضة بوتين على السلطة”، وفق تقدير التقرير الأمريكي.

اقرأ أيضًا| لوكاشينكو يعلن عودة رئيس فاجنر إلى روسيا

اقرأ أيضًا| الكرملين يعلق على أنباء عودة قائد فاجنر

ربما يعجبك أيضا