تراجع الدبلوماسية الأمريكية بإفريقيا في مقابل النفوذ الروسي.. ما السبب؟

هالة عبدالرحمن

يعكس النقص المزمن في الموظفين داخل السفارات الأمريكية المهمة في قارة إفريقيا تحديًا أوسع لسياسة أمريكا تجاه إفريقيا على مدى العقود العديدة الماضية.


تواجه السفارات الأمريكية في إفريقيا نقصًا مزمنًا في الموظفين ما يقوض أهداف السياسة الخارجية لأمريكا في القارة ويقوض الدور الأمريكي في مواجهة النفوذ الروسي والصيني الذي ازداد في الآونة الأخيرة.

ووفقًا لفورين بوليسي” قال مسؤولون أمريكيون إن المشكلة جذبت انتباه كبار المشرعين الأمريكيين، الذين دقوا جرس الإنذار بشأن التأثير طويل المدى للسفارات التي تعاني نقص الدبلوماسيين، وقال كبار المسؤولين في وزارة الخارجية إنهم يعملون على سد الفجوات بأسرع ما يمكن.

فجوة الدبلوماسية الأمريكية في إفريقيا

قال النائب الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، جيم ريش، في تقرير مجلة “فورين بوليسي” المنشور اليوم السبت  23 يوليو 2022، إن النقص المستمر والحاد في عدد الدبلوماسيين في البعثات الأمريكية داخل إفريقيا هو مصدر قلق كبير، فإن حالة التوظيف والموارد البشرية الصعبة تعكس تراجع إفريقيا كأولوية للإدارة الأمريكية.

وبالنسبة لوزارة الخارجية الأمريكية، أدى النقص في عدد الموظفين إلى إجهاد الدبلوماسيين في وقت تكافح فيه الوزارة للتغلب على تداعيات تجميد التوظيف في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. يبدو أن الفجوات في التوظيف تؤثر في الغالب على السفارات في البلدان غير المستقرة سياسيًّا.

وقال عدد من المسؤولين إن العديد من السفارات الأمريكية ذات الأهمية الحاسمة في شرق إفريقيا تواجه فجوات كبيرة في التوظيف، وعلى الأخص السودان، فقد تخاذلت الجهود الأمريكية والدولية عن مساعدة البلاد في الانتقال إلى الديمقراطية في أعقاب الانقلاب العسكري العام الماضي.

الوجود الأمريكي في الساحل الإفريقي

أصبحت المشكلة أكثر حدة في منطقة الساحل بإفريقيا، حيث تكافح أمريكا وحلفاؤها لقمع الإرهاب المتصاعد والتطرف العنيف، رغم استثمار مليارات الدولارات الغربية في التعاون الأمني ​​والمساعدات التنموية داخل إفريقيا. وكان أكثر من نصف مناصب السفارة الأمريكية في النيجر شاغرًا، بما في ذلك 44% من المناصب الدبلوماسية الأمريكية، وفقًا لبيانات وزارة الخارجية نشرتها “فورين بوليسي”.

وأصبح ما يقرب من ثلث مناصب السفارة في بوركينا فاسو شاغرًا، بما في ذلك نصف المناصب الدبلوماسية الأمريكية، وفي مالي كان لدى السفارة ما يقرب من 20% من الوظائف الشاغرة، بما في ذلك ثلث دبلوماسيتها الأمريكية.

وفي المقابل أفاد المسؤولون الأمريكيون بأن هذه الأرقام لا تقدم سوى لمحة سريعة عن القضية، وأن أعداد الدبلوماسيين تتغير باستمرار، خاصة مع انتقال الدبلوماسيين إلى مناصب جديدة خلال ما يسمى بموسم الانتقالات الصيفي في وزارة الخارجية.

الأولوية للتعاون العسكري

حسب “فورين بوليسي”، يعكس النقص المزمن في الموظفين داخل السفارات الأمريكية المهمة في قارة إفريقيا تحديًا أوسع لسياسة أمريكا تجاه إفريقيا على مدى العقود العديدة الماضية، وهو التحدي الذي يعطي الأولوية للتعاون العسكري والأمني ​​مع إعطاء الدبلوماسية والتنمية اهتمامًا أقل.

وصرح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب مينينديز، بأن حكومة أمريكا استثمرت المليارات في قطاع الأمن في بلدان إفريقية على مر السنين، “لكننا مقصرون فيما يتعلق بمعالجة نقص الموارد والوجود الدبلوماسي، وهذا يعيق قدرتنا على موازنة برامج الأمن مع تلك التي تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للتطرف وانعدام الأمن بنحو عام”.

تراجع الدور الأمريكي في مقابل الروسي والصيني

حذر  النواب الأمريكيون من أن النقص الدبلوماسي يهدد بتقويض جهود أمريكا للتنافس مع منافسيها الجيوسياسيين وهما الصين وروسيا، حيث يعمل الاثنان على توسيع نفوذهما في جميع أنحاء القارة. وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، هذا الأسبوع أنه سيزور مصر وأوغندا وإثيوبيا وجمهورية الكونغو، وتلك البلدان عمقت العلاقات مع موسكو في السنوات الأخيرة.

ويزور لافروف إفريقيا في الوقت الذي تسعى فيه موسكو إلى إقامة علاقات بعيدًا عن العزلة التي فرضتها عليها أوروبا وأمريكا، فيما يبدأ لافروف جولته الإفريقية في مصر الأحد المقبل، في الوقت الذي تقاوم فيه موسكو الانتقادات الدولية بشأن الحرب في أوكرانيا، وفقًا لتقرير “رويترز”  المنشور اليوم السبت  23 يوليو 2022.

توسيع الدبلوماسية الروسية في إفريقيا

سيلتقي لافروف بالمسؤولين المصريين الذين يحاولون توطيد العلاقات العميقة مع روسيا، وبعد لقائه أعضاء جامعة الدول العربية في القاهرة، سوف يسافر لافروف إلى إثيوبيا وأوغندا، وكذلك إلى جمهورية الكونغو. وتتمتع مصر بعلاقات استراتيجية واقتصادية مهمة مع روسيا، التي كانت مصدرًا رئيسًا في السنوات الأخيرة للقمح والأسلحة والسياحة.

وبدأت شركة “روساتوم” الروسية للطاقة، هذا الأسبوع، بناء أول محطة نووية في مصر، وهو أكبر مشروع روسي مصري منذ اكتمال بناء السد العالي في أسوان عام 1970. بينما لم تكتسب الحرب الروسية الأوكرانية سوى زخم محدود في العالم العربي وإفريقيا، حيث تبحث الحكومات  العربية عن البدائل غير الغربية، وفقًا لـ”رويترز”.

ربما يعجبك أيضا