تراجع الصحة النفسية للمراهقين الأمريكيين.. ما الأسباب؟

آية سيد

ارتفعت معدلات اضطرابات الصحة النفسية لدى المراهقين في الولايات المتحدة، والتي تشمل أعراضًا مثل القلق واضطراب الحالة المزاجية وإيذاء النفس.


تمر المخاطر الصحية في سن المراهقة، بتغييرات كبيرة في السنوات الأخيرة. وقد يجد الآباء صعوبة في فهم مشكلات أبنائهم المراهقين والتعامل معها.

وفي هذا السياق أوردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أول من أمس 23 إبريل 2022، تقريرًا يتناول مشكلات الصحة العامة التي يواجهها المراهقون، فمنذ 3 عقود كانت تأتي من الإفراط في تناول الخمور، والحمل في سن المراهقة والتدخين. والآن ظهرت مشكلة جديدة، وهي ارتفاع معدل اضطرابات الصحة النفسية.

تراجُع الصحة النفسية للمراهقين

وفقًا للتقرير، في 2019 أبلغ 13% من المراهقين عن تعرضهم إلى نوبات اكتئاب شديدة، وهي زيادة بنسبة 60% عن 2007. وارتفعت زيارات غرفة الطوارئ في تلك الفترة ارتفاعًا حادًّا للأطفال والمراهقين الذين يعانون القلق واضطرابات الحالة المزاجية وإيذاء النفس. وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بالنسبة إلى الأشخاص من عمر 10 إلى 24، قفزت معدلات الانتحار بنسبة 60% تقريبًا بحلول 2018.

وذكر التقرير أن تراجع الصحة النفسية للمراهقين تفاقم بسبب جائحة كوفيد-19، ليشمل المجموعات العرقية، والمناطق الحضرية والريفية والانقسام الاجتماعي الاقتصادي. وفي ديسمبر الماضي، حذر الجراح العام للولايات المتحدة، فيفيك ميرثي، من أزمة صحة نفسية “مدمرة” بين المراهقين. ووصف الكثير من مجموعات المشافي والأطباء هذه الأزمة بأنها حالة طوارئ وطنية.

وسائل التواصل الاجتماعي

كثيرًا ما تُنسب الأزمة إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لكن البيانات الدقيقة محدودة، وفقًا للتقرير. بالإضافة إلى أن البيانات تحمل فوارق دقيقة وتكون متناقضة في أغلب الأحيان، وبعض المراهقين يبدون أكثر عُرضة من غيرهم إلى آثار وقت التعرض للشاشة.

وإضافة إلى هذا، تُظهر الأبحاث الفيدرالية أن المراهقين، كمجموعة، يحصلون على قدر أقل من النوم والتمرين ويقضون وقتًا أقل في التفاعل الشخصي مع الأصدقاء، وفي فترة من الحياة يكون من الطبيعي اختبار الحدود واستكشاف هوية الفرد. وتصبح النتيجة لبعض المراهقين نوعًا من الانفجار الداخلي الإدراكي. ويحدث هذا الانفجار في صورة قلق، واكتئاب، وإيذاء النفس وقد يصل إلى الانتحار.

انخفاض سن البلوغ

أشار التقرير إلى أن بداية سن البلوغ انخفضت على مدار القرن الماضي انخفاضًا ملحوظًا بالنسبة إلى الفتيات. فأصبحت اليوم 12 عامًا بعد أن كانت 14 عامًا في 1990. واتبعت بداية سن البلوغ للأولاد مسارًا مشابهًا. ويقول الخبراء إن هذا التحول يلعب دورًا في أزمة الصحة النفسية للمراهقين، على الرغم من كونه واحدًا من عدة عوامل يعمل الباحثون لفهمها.

وبيّن التقرير أنه عند الوصول إلى سن البلوغ، يصبح العقل شديد الحساسية للمعلومات الاجتماعية والهرمية، في الوقت الذي تُغرقه وسائل الإعلام بفرص لاستكشاف هوية الفرد وتقييم قيمته الذاتية. وقال عالم النفس في جامعة تيمبل، لورنس شتاينبيرج، إن انخفاض سن البلوغ خلق “فجوة متسعة” بين المحفزات الواردة وما يستطيع العقل الصغير معالجته.

اختلاف السلوكيات بين الماضي والحاضر

وفقًا للتقرير، تغيرت سلوكيات المراهقين والمشكلات التي يواجهونها. وتظهر الأبحاث الفيدرالية أن 38% من المراهقين في سن الثانوي ذكروا أنهم مارسوا الجنس لمرة واحدة على الأقل، مقارنة بـ50% تقريبًا في 1990. وأن معدل مواليد المراهقين انخفض. وانخفض كذلك تدخين السجائر وتعاطي الكحول. وفي 2019 ذكر 4% من طلاب الثانوي أنهم دخنوا سيجارة في آخر 30 يومًا، وهو انخفاض عن 26.5% في 1997.

ووصل تعاطي طلاب الثانوي للكحول إلى أدنى مستوياته منذ 30 عامًا. وانخفض بشدة تعاطي “الأوكسيكودون” والأنواع الأخرى من المخدرات على مدار الـ20 عامًا الأخيرة. وعلى الجانب الآخر، ارتفع التدخين الإلكتروني للنيكوتين والماريجوانا في السنوات الأخيرة، رغم انخفاضه بشدة خلال الجائحة. وبحسب الخبراء، توجد عدة عوامل وراء هذه التغييرات. منها حملات التوعية العامة، وقوانين مكافحة التدخين.

علامات القلق أو الاكتئاب لدى المراهقين

أفاد تقرير منفصل لصحيفة نيويورك تايمز، وجود بعض المؤشرات التي قد تدل على القلق والاكتئاب. أولًا، حدوث بعض التغييرات الرئيسة في سلوك المراهق، مثل عدم الرغبة في الأكل أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي كان يحبها في السابق، أو التغيير في أنماط النوم أو الانسحاب من جوانب الحياة الأخرى.

لكن الأمر صعب، لأن هذه السلوكيات قد تكون، في بعض الأحيان، قلق المراهقة العادي. إلا أن المراهق الذي يمر بمشكلة قد يختبر قلقًا زائدًا أو يأسًا أو حزنًا شديدًا، لفترات طويلة. وفي حالة عدم القدرة على التمييز قد تساعد زيارة طبيب الأطفال لمعرفة ما إذا كانت توجد مشكلة طبية.

 

ربما يعجبك أيضا