ترامب على طاولة غداء “بارد للغاية” داخل “الكابيتول”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

“ترامب يعني الخيانة”، “داعية للأكاذيب”، “خطر على الديمقراطية”، هذه الاتهامات الواضحة انفجرت بالأمس في وجه الرئيس الأمريكي داخل مبنى الكابيتول في يوم كان يفترض أن يكون يوم وحدة لحزبه الحاكم من أجل الترويج لمشروع الاصلاحات الضريبية، إلا أنه تحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات والإهانات بين الرئيس واثنين من كبار أعضاء “الجمهوري”، وكعادته بدأ ترامب الأمر بتغريدة على تويتر.

قبل ساعات من حضوره على طاولة الغداء الأسبوعي لمجلس الشيوخ، فتح ترامب النيران على رئيس لجنة الشؤون الخارجية السناتور الجمهوري بوب كوركر، قائلا: كوركر الذي ساعد الرئيس السابق باراك أوباما في منحنا هذا الاتفاق السيء مع إيران ولم يتسن انتخابه صيادا للكلاب في تنيسي، يحارب الآن تخفيضات الضرائب.

ليرد كوركر عبر تويتر أيضا قائلا: “نفس الأكاذيب من رئيس كذاب تماما”، ولاحقا قال لشبكة “سي أن أن” إن الرئيس لدية صعوبات جمة مع الحقيقة، في العديد من المسائل، وعندما تنتهي ولايته، فإن إذلال بلادنا، والأكاذيب الدائمة، والإهانات.. هذا هو ما سيبقى، وهذا مؤسف.

كما هو معروف السيناتور كوركر ينتمي إلى تيار داخل الحزب الجمهوري يمثل أغلبية ترى أن تبني إصلاحات محافظة يستحق إبقاء الود مع الرئيس الأمريكي، رغم تجاوزاته، لكنه أعلن أخيرا أن لن يخوض المعركة الانتخابية المقبلة في 2018، وبالتالي لم يعد مضطرا لمسايرة رئيس يتهمه بالكذب على الشعب.

بالأمس أيضا فجر السيناتور الجمهوري جيف فليك قنبلة من العيار الثقيل بإعلانه أنه لن يترشح لولاية جديدة في انتخابات نوفمبر 2018، مبررا انسحابه بتردي مستوى السياسة في عهد ترامب وأنه لن يكون متواطئا أو صامتا مرة أخرى.

وقال فليك في خطاب أمام الكونجرس: في هذه اللحظة يبدو أن المحافظ التقليدي الذي يؤمن بالسلطات المحدودة للحكومات والأسواق الحرة وحقوق المهاجرين، لديه مسار أضيق للترشيح على قوائم “الجمهوري”، مضيفا  نأسف بسبب تردي سياستنا وتدميرها، نأسف بسبب عدم وضوح خطابنا، نأسف بسبب خشونة قيادتنا، ونأسف عن تواطؤنا في هذه الحالة المقلقة والخطرة، لكن يجب أن نتوقف عن تشويه بلدنا عبر الهجمات الشخصية والتهديدات ضد المبادئ والحريات والمؤسسات؛ والاستفزازات الطائشة للدول الأخرى، وعندما ينبع هذا السلوك من قمة حكومتنا، فهذا أمر آخر إنه خطر على الديمقراطية.

وفي مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” اليوم الأربعاء، كتب السيناتور الغاضب: عندما أفكر في المشهد الأمريكي في عهد ترامب لا يسعني أن أفكر إلا في جوزيف ويلش ودفاعه عن القيم الأمريكية خلال جلسة الاستماع الشهيرة للنائب الجمهوري جوزيف ريموند مكارثي في 9 يونيو 1954 والتي شهدت توجيه اتهامات للأخير بالإدعاء بدون دليل بوجود عدد كبير من الشيوعيين والجواسيس السوفيت والمتعاطفين معهم داخل الحكومة الأمريكية.

وأضاف نحن نواجه مثل هذا الوقت الآن، لقد نسينا من جديد من المفترض أن نكون، هناك مرض معدي في نظامنا،  كم عدد الخلافات المشينة التي يمكن أن نشهدها في صمت قبل أن نعترض؟، وكم عدد الإهانات الصبيانية التي نحتاج إلى رؤيتها من قوة أجنبية معادية قبل أن نعترف بالخطر؟، ما هي الأضرار التي لحقت بديمقراطيتنا ومؤسسات الحرية الأمريكية والتي يجب أن نشهدها في صمت؟، قبل أن نعتبر أنفسنا متواطئين في ذلك الضرر بالاستمرار في تأيد ترامب.

وتابع يجب أن نقول للرئيس “هذا كافي”، إن تسعة أشهر من هذه الإدارة تكفي لأن نتوقف عن التظاهر بأن هذا أمر طبيعي، وهي مدة كافية لنقول بصوت عال وواضح: يكفي، لم يعد بوسعنا أن نلتزم الصمت، ونكتفي بمشاهدة القطار وهو يسير صوب الهوية، وكلما طال انتظارنا، كلما زاد الضرر، والتاريخ سيكون أكثر قسوة معنا، فالرئيس بات يشكل خطرا على الديمقراطية.

واستطرد السيناتور الجمهوري، المطلوب منا الآن هو أن نتحرك لإنقاذ الوضع، وخاصة أولئك الذين يشغلون المناصب الانتخابية، لن أكون متواطئا أو صامتا بعد اليوم، وتحقيقا لهذه الغاية قررت عدم الترشح لولاية جديدة في مجلس الشيوخ، وعلى مدى الأشهر الـ 14 المقبلة، ساتحرر من قيود السياسة ليكون للضمير الكلمة الأولى.

لم تكن كلمات كوركر أو فليك القاسية أخر ما سمعه ترامب، بالأمس من انتقادات لاذعة، ففي مشهد درامي أقدم مواطن أمريكي ينتمي لمنظمة تدعى “أميريكانز تايك اكشين” تطالب بإقالة ترامب، برشق الأخير بالأعلام الروسية أثناء دخوله إلى مبنى الكابيتول صائحا “ترامب يعني الخيانة..هذا الرئيس تآمر مع عميل للحكومة الروسية لسرقة الانتخابات”، فما كان من ترامب إلا أن أكمل طريقه بشكل عادي برفقة السيناتور ميتش ماكونيل.

لكن هل سيكمل ترامب ولايته؟، وسط ترنح الأغلبية المؤيدة له داخل حزبه الحاكم، واستمرار التحقيقات في فضيحة التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية، والتي قد تنتهي بإدانة ترامب شخصيا وفق بعض الخبراء، ما قد يعني أن النخب السياسية في أمريكا قد تلجأ لعزله حفظا لماء الوجه.

ربما يعجبك أيضا