تركيا تستهدف عملية عسكرية خامسة شمالي سوريا.. لماذا الآن؟

ضياء غنيم
عملية تركية خامسة في شمال سوريا

توقيت العملية قبل نحو عام من انتخابات مفصلية في تاريخ تركيا، يشير إلى العائد السياسي الأهم وهو دعم شعبية الرئيس التركي


بينما يسود التوتر أجواء الشمال السوري، جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان التلويح بإطلاق عملية عسكرية خامسة ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

وهدف أردوغان من هذه العملية هو إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كم رغم التحذيرات الأمريكية له. وتصريحات الرئيس التركي أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، أمس الأربعاء 1 يونيو 2022، تناولت بالتحديد منطقتي تل رفعت ومنبج، في حين انطلقت بالفعل أعمال القصف في مناطق متفرقة شمال شرق البلاد.

أردوغان: سننظف تل رفعت ومنبج من الإرهابيين

قال الرئيس التركي إن العملية العسكرية في شمال سوريا، ستنطلق بمجرد استكمال الاستعدادات العسكرية والاستخباراتية، وأضاف أردوغان أن قوات بلاده ستطهر مدينتي منبج وتل رفعت بريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي من الإرهابيين، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية المكون الرئيس لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”. وأضاف أن العمليات ستشمل مناطق أخرى على الشريط الحدودي.

تل رفعت ومنبج على رأس أهداف العملية العسكرية التركية خريطة السيطرة الميدانية في سوريا حسب مركز جسور للدراسات

ويتواصل التصعيد الميداني بين الجانبين، خاصة منذ إعلان الرئيس التركي في 23 مايو الماضي، عن اعتزام أنقرة تنفيذ عملية عسكرية خامسة، فقد اشتعلت جبهات بالقصف المدفعي المتبادل في المنطقة الفاصلة بين مناطق نفوذ قوات الجيش الوطني السوري الموالية لتركيا، والممتدة بين محافظتي حلب غربًا والرقة شرقًا.

قصف مدفعي وجوي يطال مناطق أخرى

بالتزامن مع دفع فصائل “الوطني” بتعزيزات عسكرية على خط التماس مع “قسد” في منبج وتل رفعت، قصفت القوات التركية بالمدفعية الثقيلة والدبابات، مواقع عسكرية لقسد في مناطق العقيبة وصوغوناكة ومحيط دير جمال شمال حلب، وقصف “الوطني” موقعًا عسكريًّا للأكراد في محيط معمل لافارج للأسمنت بريف عين العرب “كوباني” في شمال شرق حلب.

ومن جهة أخرى تبادلت الفصائل من ناحية وقوات الجيش النظامي والميليشيات الإيرانية من ناحية أخرى، القصف شمال غرب البلاد، فتسبب القصف النظامي في إصابة 3 أشخاص واندلاع حرائق ضخمة في مزارع القمح بسهل الغاب شمال غربي حماة، في حين استهدفت راجمات الصواريخ مواقع للجيش بريفي حلب الغربي واللاذقية الشرقي، حسب صحيفة الشرق الأوسط.

موقف روسي ملتبس

في أول رد فعل على تصريحات الرئيس التركي، اليوم الخميس، شاهد المرصد السوري لحقوق الإنسان تحرك مدرعة عسكرية روسية في مناطق كفرناصح وكفرنايا بمحيط تل رفعت شمال مدينة حلب، التي تتقاسم السيطرة عليها القوات النظامية وقوات قسد، في حين تجنب الكرملين إبداء موقفه من العملية التركية.

ولم يتطرق بيان الكرملين حول الاتصال الهاتفي بين الزعيمين التركي، أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، إلى العملية التركية. وكانت مدينة تل رفعت ضمن أولويات الحكومة التركية في إطار إنشاء المنطقة الآمنة وانتزاعها من القوات الكردية، إلا أن تدخل قوات النظام إلى المدينة حال دون وقوعها تحت سيطرة أنقرة والفصائل الموالية لها، حسب موقع قناة رووداو.

رفض أمريكي

بينما لم تتطرق موسكو إلى الحدبث عن العملية التركية، توالت رسائل الرفض من الجانب الأمريكي لما تعتزم أنقرة فعله داخل سوريا،  جاء ذلك على لسان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني بلينكن، الذي شدد على رفض بلاده أي تصعيد ميداني أو تغيير في خطوط وقف إطلاق النار الحالية، حسب وكالة رويترز.

وقد عبّر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في 25 مايو الماضي 2022، عن قلق واشنطن من تعريض جنود الولايات المتحدة الأمريكية للخطر خاصة، وتقويض الاستقرار الإقليمي في المنطقة عامة، وذلك في أول تعليق رسمي على الإعلان التركي. حيال سوريا.

لماذ الآن؟

العملية العسكرية المزمع تنفيذها، تستكمل ما بدأته أنقرة منذ 2016 عبر 4 عمليات مماثلة، لإنشاء ما تطلق عليه السلطات التركية منطقة آمنة بعمق 30 كم على طول الشريط الحدودي، استغلالًا لانشغال القوى الدولية بالحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، حسب صحيفة العرب.

ورأى محللون أن إمساك أردوغان بأوراق الضغط على حلف الناتو لمساومة الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية على ملف فنلندا والسويد هو المقابل لتحقيق أجندته في شمال سوريا، نظرًا للخسائر السياسية والاقتصادية المتوقعة من جراء معاداة تركيا لروسيا بدعم انضمام البلدين إلى الحلف.

توقيت مثالي سياسيًّا

عزا مركز جسور للدراسات الخطوة التركية إلى الظرف الدولي الذي يسمح لتركيا بالتفاوض على تفاهمات جديدة بسوريا، ويدعم خطته لتوطين نحو مليون لاجئ في الشمال السوري، وتصفية التهديدات الأمنية لقواتها المتوغلة في المنطقة، حيث تتعرض لهجمات من قسد وقوات حزب العمال الكردستاني، انطلاقًا من عين العرب وتل رفعت وعين عيسى ومنبج.

ورأى المركز أن توقيت العملية قبل نحو عام، من انتخابات مفصلية في تاريخ الدولة التركية، يشير إلى العائد السياسي الأهم، وهو دعم شعبية الرئيس التركي، خاصة والأوضاع الاقتصادية داخل تركيا ليست على ما يرام، ما سيجعل من تلك العملية نقطة قوة لصالح أردوغان في سباقه الانتخابي.

ربما يعجبك أيضا