تصريحات بوتين.. هل تشكّل بادرة للتهدئة مع الغرب؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

موقف روسي يبدو أنه يزداد إلحاحا مع تصاعد مطالب موسكو بضمانات أمنية تضع حدا لتوسع الغرب العسكري والأمني قرب حدودها. ترحيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المقتضب برد الولايات المتحدة «الإيجابي» واستعدادها للتفاوض مع بلاده لم يحل دون وضعه الكرة في الملعب الأمريكي وتحميل واشنطن مسؤولية أمن روسيا على نحو عاجل وفوري وحيث الأولوية لوجهة أوكرانيا.

وفي موازاة توتر العلاقة مع الغرب تزدهر علاقة موسكو وبكين وتتنوع مجالاتها، يصفها بوتين بـ«الشراكة الاستراتيجية الشاملة» والتي ليس لها سابقة في التاريخ على الأقل بين البلدين على حد قوله.

استجابة غير مشروطة

خلال مؤتمر صحفي سنوي ربط بوتين تحركات موسكو التالية بالاستجابة لمصالحها الأمنية على نحو غير مشروط. ورغم أن توسع حلف الناتو شرقا ليس وليد الساعة، إلا أن موسكو لم تطلب ضمانات أمنية لها بذات الإلحاح سابقا، حقيقة ربطها خبراء بتغير الوضع الدولي، حيث كانت روسيا في السابق ضعيفة.

ويذهب متابعون إلى أن موسكو جادة من أي وقت مضى في رغبتها بإجراء مفاوضات مع واشنطن سيما وهي تدرك جيدا أن واشنطن هي صاحبة القرار الغربي الفعلي.  تصريحات بوتين جاءت لتضيف جوا من التهدئة بعد أسابيع من التوتر غير المسبوق مع الغر، والتي تشير إلى احتمالات تحول هذه التصريحات المتفائلة إلى مسار دبلوماسي فعلي، لا سيما وأن الرئيس الروسي أكد أن بلاده تريد تجنب الصراع وخصوصا في الأزمة مع أوكرانيا.

من جهته قال مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيخوف إن روسيا لا تجهز لغزو عسكري لأوكرانيا، وذلك بعدما أثارت موسكو قلق الغرب بتعزيز كبير للقوات قرب الحدود مع أوكرانيا.

ونقلت صحيفة دي فيلت الألمانية عن تشيخوف قوله إن موسكو تريد دعم الناطقين بالروسية ومواطنيها المقيمين في دول أخرى، لكنها لم تقل أبدا إنها ترغب في استخدام وسائل عسكرية لتحقيق ذلك.

أجواء سامة

رغم تصريحات بوتين الباعثة على التفاؤل بشأن مسار الأزمة الأوكرانية، إلا أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بعد ساعات من لقاء بوتين الصحفي السنوي والتي حذر فيها من أن النهج غير الودي الذي تنتهجه واشنطن تجاه بلاده من شأنه أن يخلق أجواءً سامة، مشيراً إلى أن ذلك النهج يحول دون إقامة تواصل هادئ بين البلدين.

كما أكد لافروف أن مسار جذب أوكرانيا إلى الناتو وظهور صواريخ بالقرب من الحدود الروسية يثير مخاطر عسكرية خطيرة قد تصل إلى صراع واسع النطاق في أوروبا.

ولفت الوزير الروسي إلى أن الأمريكيين ينتهجون مساراً غير ودي، وإنهم يفرضون عقوبات، ويوجهون لهم اتهامات لا أساس لها، ويتخذون خطوات عدائية أخرى، وكل ذلك يخلق أجواء سامة تحول دون تواصل هادئ ومهني.

توسع الناتو

في المقابل، وبالتوازي مع تصريحات بوتين، صرح الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبيرغ بأن التكتل «لم يتعهد أبدا» بعدم التوسع، وأن ذلك غير وارد في أي اتفاقية دولية، في إشارة إلى تعنت الموقف الغربي إزاء التوجه الروسي للمفاوضات التي تضمن أمن موسكو.

ستولتنبيرغ لفت إلى أنه حتى في المعاهدة التأسيسية للحلف مكتوب أن كل دولة أوروبية يمكنها أن تكون عضوا في المنظمة، كما أن هناك أيضا وثائق تعود إلى السبعينيات والتسعينيات من القرن العشرين، منها وثيقة هلسنكي الختامية وميثاق باريس والوثيقة الأساسية لروسيا والناتو والكثير من المعاهدات الأخرى التي تشير بوضوح إلى أن كل دولة تستطيع تقرير مصيرها بحرية.

وأضاف أن «هذا هو المبدأ الأساسي للأمن الأوروبي الذي اتفقت عليه روسيا. ولا نستطيع تغيير ذلك بسبب بعض التصريحات، والحلفاء ينفون تقديمها أي وعود من هذا القبيل، والرئيس السابق للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف نفسه صرح بأن مسألة توسع الناتو شرقا لم تناقش قبل إعادة توحيد ألمانيا».

بين تصريحات بوتين التي فسرها البعض على أنها بادرة طيبة للتهدئة إزاء خلافها المتصاعد مع الغرب بشأن الأزمة الأوكرانية، والتصريحات المضادة من الأمين العام لحلف الناتو، في الوقت الذي تلتهب الحدود الأوكرانية الروسية وتعج بعشرات الآلاف من العسكريين والمعدات العسكرية، لا يمكن التكهن بما ستسفر عنه المرحلة المقبلة بشأن الصراع الروسي – الغربي في القارة العجوز.

ربما يعجبك أيضا