جدل في واشنطن بشأن عواقب اتفاق نووي جديد مع إيران.. هل يستحق المخاطرة؟

رنا أسامة

عدم وجود اتفاق سيُمكن إيران من مواصلة تكثيف برنامج التخصيب وتكديس مزيد من اليورانيوم المُخصّب على مستويات أعلى.


تتزايد احتمالات توقيع اتفاق نووي إيراني جديد لكنه غير شامل، ما أثار جدلًا في واشنطن بشأن ما إذا كان الاتفاق المُفترض أن يمنع إيران من تطوير قنبلة ذرية يستحق التسويات التي ينطوي عليها الأمر.

واستأنفت طهران وواشنطن المحادثات المتعثرة بشأن الاتفاق النووي المُبرم في 2015 بفيينا في 8 فبراير 2022، وقال مسؤولون أمريكيون وإيرانيون: إن الاتفاق قد يكون في متناول اليد، حسبما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

ضغط لإحياء الاتفاق

قال دبلوماسي كبير: إن المسؤولين الأمريكيين يتطلعون إلى أواخر الشهر الجاري كموعد نهائي غير رسمي للمحادثات. كما ضغط البيت الأبيض علنًا لإحياء الاتفاق، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، خلال مؤتمر صحفي في 9 فبراير 2022، إن العودة لاتفاق 2015 مستحيلة إذا فشلت محادثات فيينا في التوصل لاتفاق خلال الأسابيع المقبلة.

وقوض التقدم الذي أحرزته إيران، منذ انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في 2018، قوض مكاسب المفاوضين الغربيين الذين سعوا لضمان عدم اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي، وفق تقرير نشرته وول ستريت جورنال في 9 فبراير الجاري 2022.

جدل أمريكي

مؤيّدو الاتفاق يرون أن الصفقة المُستعادة قد تنزع فتيل الأزمة المتصاعدة وتمنح أمريكا وقتًا للرد على إيران، إذا صعّدت برنامجها النووي، ويزعم المنتقدون أنها لن تشهد إلا المماطلة، في الوقت الذي تستغل فيه إيران تخفيف العقوبات لبناء قوتها العسكرية.

وأشارت وول ستريت جورنال، الأسبوع الماضي، إلى أن المسؤولين الأمريكيين رأوا أنه بموجب الصفقة المُستعادة، قد تحصل إيران على الوقود اللازم لصنع قنبلة ذرية في أقل من عام. وهو إطار زمني أقصر من المتفق عليه في اتفاق 2015. ما دفع 33 سيناتور جمهوريًا لتهديد البيت الأبيض، في 7 فبراير الجاري، بمعارضة مثل هذا الاتفاق أو عرقلته نهائيًا، إذا لم تسمح إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بمراجعته كاملًا والتصويت المحتمل على الشروط الأمريكية.

هل تواصل إيران برنامجها النووي؟

يقول بعض المسؤولين السابقين إن أي اتفاق جديد سيتيح لإيران الحصول على اليورانيوم الكافي لصنع قنبلة نووية خلال 8 أعوام، لكن من دون اتفاق فالأمر سيستغرق أسابيع أو أيامًا، بحسب الصحيفة.

وقال المسؤول السابق بالخارجية الأمريكية، روبرت أينهورن، “في حالة عدم وجود اتفاق، ستتمكن إيران من مواصلة تكثيف برنامج التخصيب، وتكديس مزيد من اليورانيوم المُخصّب على مستويات أعلى”. وأضاف “سيجعل ذلك إيران أقرب بكثير من عتبة دولة نووية. وستزيد دوافع توجيه ضربة عسكرية وقائية”.

تخفيف العقوبات أم إعفاء؟

أعادت الولايات المتحدة في 4 فبراير الجاري إعفاءات كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية غير عسكرية بإيران من التهديد بفرض عقوبات، بسبب “مخاوف متزايدة” ناتجة عن التطوير المستمر للأنشطة النووية الإيرانية. لكن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أوضح، عبر تويتر، “لم نمنح إيران تخفيفًا للعقوبات، ولن نفعل ذلك حتى تفي طهران بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)”.

وذكرت الصحيفة أن اتفاق 2015 كان محاولة لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية عبر تخفيف العقوبات على نطاق واسع، لإعادة إدماج إيران في الاقتصاد العالمي. وأشارت إلى أن واشنطن وضعت قيودًا صارمة على النشاط النووي لإيران، بما في ذلك كمية اليورانيوم المخصب، وأبحاثها عن أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لإنتاج المواد الانشطارية، وتحويل مفاعل الماء الثقيل المخطط أن ينتج بلوتونيوم لصنع قنبلتين نوويتين سنويًا، وواصلت إيران تخصيب اليورانيوم ظنًّا منها أن القيود ستخف بمرور الوقت.

واشطن أمام مواجهة لم تكن مطروحة

الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك دوبوفيتز، قال: “إدارة بايدن بصدد تخفيف العقوبات. الأمر الذي قد يُمكن الاقتصاد الإيراني من استعادة عافيته بعد 5 أو 6 أعوام، وفي الوقت نفسه قد يمنح إيران الفرصة لمواجهة العقوبات المُستقبلية”. وتابع: “السؤال عن المواجهة مع إيران لم يكن مطروحًا على الإطلاق، لكننا دائمًا نتساءل: هل سنواجه إيران في وضع أقوى أم أضعف؟”

وعزت الصحيفة الجدل الأمريكي إلى فشل جهود الإدارتين (الجمهورية والديمقراطية) في تعزيز قيود الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني، وكشفت أنه بعد انسحاب واشنطن من اتفاق 2015 وفرضها عقوبات شديدة، أصرّ ترامب على توقيف إيران لعمليات تخصيب اليورانيوم، وتطوير الصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسًا نووية، إلا أن إيران تحملت تأثير العقوبات، ووسعت نطاق عملها النووي بقدر كبير، ورغم تعهد بايدن باستعادة اتفاق 2015 والتفاوض على اتفاقية متابعة أطول وأكثر صرامة، فإن إيران لم تُظهر أي اهتمام باتفاق جديد.

هل تستعد إيران لتوسيع نطاقها النووي؟

استنادًا لتلك المعطيات، تشير الدلائل إلى أن إيران ستستمر في برنامجها النووي. وتأمل الصحيفة انتهاء الحظر الدولي على استيراد إيران لتكنولوجيا الصواريخ البالستية بحلول 2023، متوقعة عدم وجود سقف محدد لكمية اليورانيوم المُخصّب التي قد تنتجها إيران بحلول 2031، مع استمرار حظرها من استخدام المواد اللازمة لإنتاج قنبلة نووية بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

ورأت الصحيفة أنه دون اتفاق جديد، فإيران ستوسع نطاق عملها النووي، وتصبح أكثر قدرة على إنتاج سلاح نووي، وخلق أزمة لإدارة بايدن التي تواجه تحديات صعبة في السياسة الخارجية، خصوصًا مع روسيا بشأن أوكرانيا. وأمام هذه التحديات قال كبير المديرين في مبادرة التهديد النووي،إريك بروير: المسؤولون الأمريكيون سيحتاجون لتحديد بدائل إحياء الصفقة، والخيارات المتاحة لديهم، ومدى خطورة وواقعية تلك الخيارات.

ويتعين على إيران شحن معظم مخزونها البالغ 2.5 طن من اليورانيوم، والتوقف عن إنتاج الوقود النووي بدرجة نقاء أعلى من 3.67%، وإلغاء تركيب معظم أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، إلا أن إيران تصر على أنها لن تسمح بتدمير تلك الآلات، لذلك يريد المسؤولون الغربيون قيودًا على قدرة إيران على إنتاج آلات جديدة.

ربما يعجبك أيضا