«حبوب أوكرانيا» تشق وحدة الاتحاد الأوروبي.. ما القصة؟

محمد النحاس

تعد صادرات الحبوب ركيزة من ركائز الاقتصاد الأوكراني، وكانت أوكرانيا ثاني أكبر مصدر للحبوب في العالم في عام 2021، قبل بدء الحرب.


أصبح الحظر الذي تفرضه روسيا على صادرات الأغذية الأوكرانية قضية سياسية جدلية في الاتحاد الأوروبي.

جاء ذلك بعدما قررت بروكسل إنهاء القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مشتريات الحبوب الأوكرانية، وأثارت قرارات دول أوروبا الشرقية، مثل بولندا والمجر وسلوفاكيا بحظر الحبوب الأوكرانية خلاف طويل الأمد بين الاتحاد الأوروبي وأعضاءه الشرقيين.

رفع الحظر

أدى بروز هذه الخلافات إلى إزجاء التوترات داخل الكتلة، التي هي في أمس الحاجة لأن تظهر موحدة وعلى قلب رجل واحد، خاصةً حين يتعلق الأمر بأوكرانيا.

ورفعت مفوضية الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة القيود على واردات الحبوب الأوكرانية، والتي كانت 5 دول قد فرضتها، بهدف حماية إنتاجها، مقابل ذلك تعهدت كييف باتخاذ تدابير لمراقبة صادراتها، وأشاد الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بالخطوة، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

تقرير: الأسابيع المقبلة تحدد أمن أوروبا ومستقبل أوكرانيا

وجاء قرار المفوضية الأوروبية بعد أسابيع من المفاوضات الرامية إلى إيجاد حل وسط، وكانت أوكرانيا تهدد بتصعيد القضية إلى منظمة التجارة العالمية ورفع دعوى للحصول على تعويضات، في المقابل حذرت بولندا والمجر وسلوفاكيا، وهي دول شرق أوروبا على الحدود مع أوكرانيا من منع عبور “الحبوب الأوكرانية الرخيصة، والتي أضرت بالإنتاج المحلي”.

ما أهمية صادرات الحبوب الأوكرانية؟

تعد صادرات الحبوب ركيزة من ركائز الاقتصاد الأوكراني، وكانت أوكرانيا ثاني أكبر مصدر للحبوب في العالم في عام 2021، قبل بدء حرب الروسية الأوكرانية، في ذلك العام (عام ما قبل الحرب) صدرت أوكرانيا من المنتجات الزراعية ما يقدر بـ27 مليار دولار، أي نصف إجمالي الصادرات.

وعندما حاصرت روسيا الموانئ الأوكرانية بعد الحرب في فبراير 2022، هدد ذلك ليس فقط بحرمان أوكرانيا من جزء كبير من إيراداتها ولكن أيضًا بخلق أزمة عالمية بسبب نقص الغذاء، وارتفعت أسعار الحبوب العالمية، منذ ذلك الحين سعت كييف إلى تصدير حبوبها من خلال الطرق البرية عبر بولندا، والبحر من خلال رومانيا، ما أحيا التوترات التاريخية بين بولندا وأوكرانيا.

زيادة تعقيد الموقف

علاوةً على الخلاف التاريخي التقليدي، توجد جملة من العوامل قادت إلى تعقيد الموقف، ففي بولندا التي تقف على مشارف الانتخابات، شنّ حزب القانون والعدالة الحاكم، حملة قوية في الريف، وتعهد للمزاعين البولنديين الذين تضرروا بفعل تدفق الحبوب الأوكرانية بتمديد الحظر.

وقبل الانتخابات البولندية، من المقرر أن يتجه المواطنون في سلوفاكيا إلى صناديق الاقتراع نهاية سبتمبر الجاري، وقد رجحت استطلاعات الرأي إلى عودة رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو إلى رئاسة الحكومة، والذي قد شن حملة ضارية ضد العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

ماذا بعد؟

بعد قرار المفوضية الأوروبية، قالت المجر إنها ستسمح للحبوب بالاستمرار في عبور البلاد لكنها ستحافظ على حظر الاستيراد للسوق المحلية، وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء بيتر ماجر إن سلوفاكيا ستفرض بالمثل حظرًا على الحبوب وثلاثة منتجات زراعية أخرى اعتبارًا من يوم السبت، ومن غير الواضح إمكانية كيفية فرض هذه الدول للحظر بعد.

وبموجب الترتيبات الجديدة للاتحاد الأوروبي، وافقت أوكرانيا على اتخاذ خطوات سريعة لمنع زيادة صادرات الحبوب إلى الاتحاد، وفي المقابل قبلت المفوضية الامتناع عن فرض قيود طالما كانت الإجراءات الأوكرانية فعالة.

هل تلتزم دول أوروبا الشرقية؟

من المفترض أن تلتزم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالقرارات التجارية التي تتخذها المفوضية، وقال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إن الحظر أحادي الجانب على واردات الحبوب من جانب بولندا وجيرانها في الربيع من الممكن أن يكون منهكًا لقانون الاتحاد الأوروبي، حسب تقرير وول ستريت.

كان قرار الاتحاد الأوروبي بشأن حظر الحبوب هو الأول في سلسلة من الاختبارات القادمة للدعم الأوروبي لأوكرانيا، كما تتزايد التساؤلات بشأن مدى التزام واشنطن تجاه كييف قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل.

ويذكر أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقرر بحلول نهاية العام حزمة مساعدات اقتصادية تبلغ 53 مليار دولارًا لأوكرانيا، ومساعدات عسكرية بحوالي 21 مليار دولارًا.

ربما يعجبك أيضا